بين قريتي وبريطانيا

بين قريتي وبريطانيا

22 أكتوبر 2016
+ الخط -
ما أزال أذكر استهجان دخول غريب إلى قريتي في لبنان. وغريب تعني لبنانياً من منطقة مجاورة. تلك التصرّفات كانت تبدو طبيعية. لأنّنا وببساطة لم نخرج إلى العالم الأوسع. 
اختلفت عليّ الأمور، ليس فقط حين غادرت قريتي إلى دولة عربية، بل حين أقمت في بريطانيا حيث المزيج الهائل من الأعراق التي تختلط وتتناغم، باستثناء حوادث نادرة يجرّمها قانون البلد.
آخرها، الحوادث العنصرية التي طفت على السطح، بعد التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. حوادث أظهرت أنّ العنصرية قد تكون موجودة داخل كل إنسان، إنّما بمستويات يقمعها القانون أو يشجّعها.
ارتفعت وترتفع أصوات جاليات من هنا وهناك مندّدة بالتمييز العنصري في بريطانيا.
أصوات عربية أحياناً، وتشبه كثيراً تلك التي عهدتها في قريتي، تلك التي تميّز بين أبناء مناطق البلد ذاته.
لكنّها أصوات تنحصر عادة بالفاشلين، الذين يناسبهم إلقاء اللوم على الآخر، بغية تبرئة سقوطهم أمام ارتفاع أشخاص بدأوا من الحضيض.
أطبّاء ورجال أعمال وفنّانون ومحامون ومهندسون وكتّاب ومثقفون، أتوا بمعظمهم من دول عربية، لاجئين أطفالاً رفقة أهاليهم ولمعت أسماؤهم. شخصيات عربية لم يعد حضورها نادراً في هذا البلد.
هؤلاء، قلّما يولولون رافعين راية العنصرية، بل يساهمون في تجميل صورة الجالية العربية، كونهم ارتقوا بأهدافهم، وتخلّصوا من عنصرية المكان والمنطقة والقرية.

دلالات

المساهمون