بولارد ...ورقة ابتزاز إسرائيلية في المفاوضات

بولارد ...ورقة ابتزاز إسرائيلية في المفاوضات

26 مارس 2014
إسرائيل تساوم .. بولارد مقابل البرغوثي (فرانس برس)
+ الخط -

تداول سياسيون ووسائل إعلام إسرائيلية في اليومين الماضيين، نبأ احتمال اقتراح الجانب الأميركي الإفراج عن الجاسوس اليهودي جوناثان بولارد، المسجون بحكم قضائي مدى الحياة منذ العام 1986 في الولايات المتحدة، ما أعاد إلى الأذهان محاولات إسرائيل المستمرة لاستخدام قضية بولارد ورقة ابتزاز مع الإدارات الأميركية المتعاقبة، والمطالبة بإطلاق سراحه، مقابل خطوات على صعيد المفاوضات مع الجانب الفلسطيني، كان آخرها محاولات رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ربط تحرير أسرى الداخل بالإفراج عن بولارد.

وذكرت الصحف الإسرائيلية، أنه في الوقت الذي أعلن البيت الأبيض في ديسمبر/كانون الاول الماضي رفضه القاطع والفوري لطلب نتنياهو خلال لقائه بوزير الخارجية الأميركي جون كيري، فإن مصادر أميركية وغربية أعلنت مؤخرا أن واشنطن، وعلى ضوء المساعي لإنجاح مبادرة جون كيري، قد تشرع في عقد صفقة يتم من خلالها إطلاق سراح بولارد، مقابل تطبيق صفقة الدفعة الرابعة من تحرير الأسرى والقبول باتفاق الإطار.

وكانت قضية بولارد، مصدر قلق دائم للحكومات الإسرائيلية منذ اعتقاله وإدانته بالتجسس لصالح إسرائيل. وعمل بولارد محلل معلومات مدني للاستخبارات البحرية الأميركية في ثمانينات القرم الماضي، واتهم بعد أدلة دامغة، بتسريب معلومات أمنية حساسة إلى إسرائيل من دون القنوات الرسمية المعتادة للتواصل الاستخباري بين واشنطن وتل أبيب.

والتزمت الحكومات الإسرائيلية في السنوات الأولى لاعتقال الجاسوس الاميركي الصمت، وابتعد اللوبي اليهودي ــ الأميركي عن أي مواجهة مع واشنطن، خوفا من اتهام يهود الولايات المتحدة بالولاء المزدوج. وتغير موقف الحكومة الإسرائيلية مع صعود نتنياهو للحكم أول مرة في العام 1996. وكانت حكومات إسرائيل تنفي على الدوام أن يكون بولاد جاسوسا لها، لكن بعد ذلك التاريخ اقرت تل ابيب بالأمر ومنحت بولارد في 1998 الجنسية الإسرائيلية.

بولارد مقابل البرغوثي
اعتمد نتنياهو في ولايته الأولى في مطلع العام 1996، خطا مغايرا عن الموقف التقليدي لحكومات إسرائيل عندما طالب الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون بالإفراج عنه. وشكلت هذه الخطوة، في حينه، تحديا للولايات المتحدة التي رفضت بشكل قاطع تحريره.

لكن نتنياهو وخلال مفاوضات واي ريفر (1997-1998)، أعاد مرة أخرى طرح قضية الجاسوس الأميركي مطالبا بالإفراج عنه لإنجاز اتفاق مع الوفد الفلسطيني المفاوض، وفقا لما كتبه سفير إسرائيل السابق لدى الولايات المتحدة، داني أيالون في الثاني من يناير/ كانون الثاني الماضي، وكشف أن تهديد رئيس الاستخبارات الاميركية (سي،آي،إيه) جورج تينيت، حينها، بالاستقالة من منصبه أحبط المحاولة الرسمية الأولى لتحرير بولارد.

ويكشف أيالون أن موضوع بولارد عاد للظهور خلال حكومة أرييل شارون، إبان العمل على خطة الانسحاب الأحادي من قطاع غزة، حيث طلب منه شارون أن يفحص احتمال الإفراج عن بولارد مقابل تحرير أمين سر حركة "فتح"، مروان البرغوثي. ومرة أخرى رفضت وزيرة الخارجية الأميركية، أنذاك، كونداليزا رايس الطلب بشكل فوري وقاطع، لكنها وافقت للمرة الأولى على السماح للمسؤولين في سفارة إسرائيل لدى واشنطن بزيارته لأول مرة منذ سجنه. 

وظلت المطالبة بالإفراج عن بولارد، من حين لآخر، تتردد في أروقة الكنيست، لكنها عادت بقوة مع إطلاق المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية أواخر يوليو/ تموز الماضي، وتحديد مهلة التسعة أشهر للتوصل إلى اتفاق دائم. وحاول نتنياهو خلال المباحثات الأولية مع إدارة باراك أوباما طرح موضوع بولارد كجزء من الصفقة لاستئناف المفاوضات إلا أن وزير الخارجية جون كيري رفض المطلب من جديد.

ومع كشف المستشار الفني لوكالة الأمن القومي، الهارب إلى روسيا، إدوارد سنودون في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، عن وثائق محرجة للولايات المتحدة ومنها تجسس واشنطن على كبار المسؤولين الإسرائيليين، خاصة نتنياهو ورئيس الحكومة الأسبق إيهود باراك، دفع ذلك، أعضاء كنيست ووزراء في إسرائيل إلى مطالبة البيت الأبيض، على ضوء هذه المعلومات بالإفراج عن بولارد، فيما كرر نتنياهو، في لقائه مع كيري في الشهر نفسه المطلب ذاته.

التسريبات الإسرائيلية الأخيرة والنشر في الصحف الإسرائيلية في اليومين الماضيين، أثارا علامة تساؤل حول حقيقة وجود مقترحات أميركية جديدة بهذا الخصوص تناقض الموقف الأميركي الثابت من القضية، خاصة وأنه رافقها حديث في الصحف الإسرائيلية، عن قبول الفلسطينيين وترحيبهم بالإفراج عن بولارد.

لكن اليمين الإسرائيلي، وفي مقدمته حزب "البيت اليهودي"، أعلن على لسان عضو الكنيست موطي يوغيف أن هذه الصفقة في حال تمت فإنها غير أخلاقية، مدعيا أنه لا يجوز الربط بين الطرفين. وأشار إلى أن بولارد نفسه كان نشر مقالا في سبتمبر/ أيلول الماضي أعلن فيه عن معارضته تحرير الأسرى الفلسطينيين، معتبرا ذلك انتهاكا لقرارات الجهاز القضائي.
وفي المقابل وجه حزب العمل الإسرائيلي أمس، رسالة لنتنياهو دعاه فيها إلى إلغاء الدفعة الرابعة من تحرير الأسرى والاستعاضة عن ذلك بتجميد البناء في المستوطنات.