باكستان: فوز بالنقاط للحكومة بانشقاق عرّاب الحوار عن "طالبان"

باكستان: فوز بالنقاط للحكومة بانشقاق عرّاب الحوار عن "طالبان"

07 يونيو 2014
يستعدّ الجيش لحملة كبيرة في وزيرستان (الأناضول)
+ الخط -

أنهت الحكومة الباكستانية صمتها المستمر منذ أسابيع إزاء عملية السلام بينها وبين حركة "طالبان" الأفغانية، التي توقفت في مرحلتها الثالثة، لتعلن أنها لا تزال تواصل المفاوضات مع بعض أجنحة "طالبان" التي توافق على دستور البلاد، ولكنها ستردّ بالمثل على أي نوع من أعمال العنف من جانب الفصائل المسلحة.

وأثار إعلان الحكومة تساؤلات حول القنوات التي تجري الحكومة من خلالها المفاوضات مع بعض أجنحة "طالبان"، في وقت لا يعرف فيه ممثلو الحكومة والحركة من عملية السلام إلا ما يصدر في الإعلام. وبغض النظر عن هذه التساؤلات، فقد رحّبت الأحزاب الباكستانية، مجدداً، بإعلان الحكومة. وشدّد زعيم المعارضة في البرلمان الفدرالي، القيادي في حزب الشعب الباكستاني، خورشيد شاه، على ضرورة إجراء المفاوضات مع بعض فصائل "طالبان" التي توافق على دستور البلاد.

المفاوضات وانشقاق محسود عن طالبان

منذ انطلاق عملية السلام بين الحكومة الباكستانية وحركة "طالبان" في فبراير/ شباط الماضي، بدأت حروب دامية داخل "طالبان"، أدّت إلى مقتل العشرات من مسلحي الحركة وقياداتها، من أبرزهم عصمت الله شاهين، رئيس مجلس شورى "طالبان".

وكانت تلك المعارك تدور بين فصيل خالد محسود، المؤيد لعملية السلام، وفصيل شهريار محسود، المعارض لها. وانتهت هذه الخلافات بانشقاق محسود عن الحركة. ففي 28 مايو/ أيار الماضي، أعلن أعظم طارق، القيادي السابق في "طالبان ـ باكستان"، انفصال فريق محسود عن الحركة، وأطلق على الجماعة الجديدة اسم "طالبان ـ محسود"، والتي سيرأسها خالد محسود، المعروف في أوساط "طالبان" بسيد خان سجنا.

كما اتهم طارق، "طالبان باكستان" بـ"قتل الأبرياء" من خلال استهداف المساجد والأسواق، وبـ"التآمر على العمل الجهادي". ويعتبر هذا الانشقاق الأول من نوعه في صفوف "طالبان باكستان" منذ تأسيسها على يد بيت الله محسود عام 2007.

ويعتبر بعض المراقبين أن انشقاق محسود شكل نجاحاً مهماً للأجهزة الباكستانية، لما سيكون له من انعكاسات كبيرة على الصعيد الميداني، كما يعتبره الآخرون صفعة قوية لـ"طالبان"، إذ يعتبر مسلحو محسود الأكثر عدداً في الحركة، والمهيمنون على منطقة محسود، المعقل الرئيسي للحركة.

وفی إقليم وزيرستان، الواقع على الحدود الباكستانية ـ الأفغانية، يفرض الجيش الباكستاني حظر التجوال تارة، ويرفعه تارة أخرى، كما يستهدف الطيران الحربي الباكستاني بين حين وآخر معاقل "طالبان". ولا تزال الحركة تتوعد بشن أعمال انتقامية ضد الجيش والحكومة، لكنها لم تقم حتى الآن سوى بأعمال محدودة جداً، و لعل السبب هو الانقسامات الداخلية التي تضرب صفوفها.

نزوح القبائل إلى أفغانستان

في غضون ذلك، تستمرّ حركة النزوح من إقليم وزيرستان، هرباً من قصف الطيران، وخوفاً من عملية الجيش المرتقبة ضد حركة "طالبان". لكن هذه الأيام، يشهد النزوح توجّهاً لبعض القبائل نحو أفغانستان، وبالتحديد إلى إقليم خوست.

وأفادت تقارير واردة من إقليم خوست الأفغاني، المجاور لوزيرستان، بأن المئات من الأسر النازحة من وزيرستان قد وصلت إلى عدة مناطق حدودية في الإقليم. وقال زعيم قبلي في الإقليم، يدعى مستمر خان، إن "مئات الأسر قد انتقلت من إقليم وزيرستان إلى إقليم خوست الأفغاني، وقبائل الإقليم تقدم لضيوفها كافة احتياجات الحياة".

وضع يثير امتعاض الأحزاب السياسية والدينية الباكستانية، فقد حذر زعيم "حركة الإنصاف" الحاكمة في إقليم خيبربختونخوا المجاور للمناطق القبيلة، عمران خان، من انفصال إقليم شمال وزيرستان إذا استمر نزوح القبائل نحو أفغانستان. كما دعا زعيم الجماعة الإسلامية، سراج الحق، الجيش إلى الوقف الفوري للقصف الجوي والعمليات العسكرية بأشكالها كافة، موضحاً أن نزوح القبائل إلى أفغانستان "أمر في منتهى الخطورة".

ويرى مراقبون أن انشقاق محسود من "طالبان ـ باكستان"، وتأسيسه جماعة جديدة يتزعمها سيد خان الملقب بـ"سجنا"، الذي يقود عملية الحوار مع الحكومة، قد يصب في مصلحة الحكومة الباكستانية، لكن نزوح القبائل إلى أفغانستان، وسقوط ضحايا من القبائل في قصف الطيران الباكستاني، وعمليات الجيش، أمران في غاية الخطورة، ولا بد أن تراجع الحكومة والجيش حساباتهما قبل تفاقم الأوضاع أكثر، على حد قولهم.