امرأتان أطلقتا "مشروع العمر" في غزة بألف دولار

امرأتان أطلقتا "مشروع العمر" في غزة بألف دولار

04 ابريل 2016
حلم تأسيس روضة أطفال (Getty)
+ الخط -
"أحلم بتأسيس مشروع خاص للأطفال، فمنذ تخرجي من الجامعة، حاولت البحث عن فرصة عمل، وعملت في مهن متعددة لقاء أجر ضئيل". تقول خديجة المصري، خريجة كلية التربية في قطاع غزة.
تضيف الثلاثينية: "عندما تخرجت من الجامعة أردت العمل مع الأطفال، فهذا مجال تخصصي الذي أحبه. عملت مدرّسة في روضة أطفال متواجدة في المدينة لمدة خمسة أعوام، وبقي الحلم بتأسيس روضة لتعليم الأطفال يسكنني، لتعلقي الشديد بهم".
خلال فترة عملها، حاولت خديجة تعلم كل شيء عن عالم رياض الأطفال، فتارة تحتفظ بإحدى مذكرات الأطفال المتميزين، وتارة أخرى تشارك الأطفال ألعابهم المميزة.

تركت خديجة عملها في الروضة، وانتقلت للعمل في مركز "الذكاء العقلي"، وأصبحت مشرفة على مستوى محافظات جنوب غزة، وعلاقتها مع الأطفال والحلم في تأسيس روضة لم ينته بعد.
الصدفة والعمل والطموح، جمعت بين خديجة وشريكتها صباح في عملها الجديد خارج نطاق محافظتها وسط مدينة غزة، فقد شاركتها الحلم والطموح ذاته.
تقول صباح أبو مصطفى: "وجدت في خديجة الاجتهاد والمثابرة، فآمنت بفكرة إنشاء روضة خاصة بنا، وشجعتني خديجة على مشاركتها، فهي بخبرتها التربوية، وأنا في تخصصي الإداري الذي عملت به لفترة طويلة، وجدنا في أنفسنا الشريكتين المناسبتين لتحقيق هذا الحلم".
لم تنتظر صباح طويلاً حتى بدأت بالبحث عن مكان لتأسيس روضة، رغم أنها لم تكن تمتلك وشريكتها خديجة سوى مبلغ ألف دولار فقط إلا أنهما لم تيأسا، وطرقتا العديد من الأبواب.
تقول خديجة: "في البداية لم نملك سوى ألف دولار، وهو المبلغ الذي استطعنا ادخاره من عملنا خلال سنوات، فكرنا فيما يمكن أن نقوم به، لتحقيق فكرتنا، وحاجتنا إلى مبلغ كبير، سمعنا عن دعم وزارة الاقتصاد لمشاريع شبابية لقروض حسنة، وتسديدها بعد تأمين المشروع".

غياب التمويل 

وتقول صباح بدورها: "قمت بكتابة مشروع لتأسيس روضة، وتوجهت به إلى وزارة الاقتصاد لتوفير الدعم اللازم، فقيمة المشروع تبلغ عشرة آلاف دولار، ولم يُقدم لنا سوى ستة آلاف وذلك لعدم اقتناع الوزارة بمدى نجاحنا".
وتضيف: "بعد استكمال جميع الإجراءات الخاصة بالتأسيس، وجدنا أن تكلفة المشروع بلغت 22 ألف دولار، أكملنا المبلغ عن طريق الاستدانة، وأسسنا روضة "سما النموذجية عام 2014". حرصنا أن تكون روضة متميزة، في المنهج التدريسي لتكون منافسة للرياض المحيطة بالمكان.

يعد العمل في رياض الأطفال في فلسطين اختصاصا أنثويا بامتياز، فنادراً ما يعمل رجال في هذا التخصص، وبحسب إحصاءات رسمية عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، تعمل نحو 5789 مربية أطفال في فلسطين منهن 2131 مربية في قطاع غزة، موزعات بين 1620 روضة حكومية وخاصة، و483 في قطاع غزة.
تقول الشريكتان: "واصلنا العمل ليلا ونهارا لتحقيق طموحنا، فتأسيس روضة ليس مجرد مشروع تجاري، وإنما حلمنا، الذي نراه يكبر، اليوم لدينا 5 فصول دراسية، و10موظفين، منهن 5 مدرسات، تميزنا في كل شيء، الأثاث والألوان والمنهاج والألعاب والتخصص في اللغات، فهناك مدرسات للغات الإنجليزية والفرنسية".
تنظر خديجة إلى شريكتها، وتقول" لولا إرادتنا وتحدينا كل الصعاب، لما تمكنا من الوصول إلى هنا، نحن نكمل بعضنا البعض، وطموحنا لن يتوقف عند هذا الحد، بل نريد أن نصل بروضتنا إلى التفوق لتصبح الأولى في المنطقة المهمّشة".
تشارك صباح صديقتها الابتسامة، خاصة بعد سماع أصوات الأطفال يرددون النشيد من أحد الفصول، إذ وصل عدد الأطفال إلى نحو 125 طفلاً. تعبر كل من صباح وخديجة عن سعادتهما بما تم تحقيقه حتى الآن: "من كان ينظر لنا بعين الخوف من المغامرة، اليوم ينظر لنا بعين الفخر والدعم والمساندة والثقة" بحسب ما تؤكد صباح. وتضيف بحماسة "لا أنسى ما قاله رئيس بلدية حين توجهنا له لمساعدتنا: هل أنتما متأكدتان أنكما تستطيعان إنجاز المشروع؟ أما اليوم فهو ينظر إلينا بعيون الفرح والفخر".
وتطمح هاتان الفتاتان بتوسيع مشروعهما الخاص بالأطفال، وتوسيع روضة الأطفال، وافتتاح العديد من رياض الأطفال في جميع المناطق، من منطلق الحب لخدمة الأطفال.

المساهمون