اليمن: عامان من حكم هادي في الميزان

اليمن: عامان من حكم هادي في الميزان

02 مارس 2014
اجماع على انتقاد هادي في الشق الأمني
+ الخط -

أمضى الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، عامين في الحكم بصفته رئيساً توافقياً للمرحلة الانتقالية في البلاد، بموجب المبادرة الخليجية. وبينما تخلى هادي عن وعده بتسليم السلطة في ٢١ فبراير/شباط ٢٠١٤، وارتضى التمديد لنفسه بحجة أن انتهاء ولايته مرهون بانتهاء المرحلة الانتقالية، تتباين الآراء حيال أداء هادي خلال العامين الماضيين.

وفيما يرى البعض أن الرئيس اليمني تمكن من تحقيق بعض النجاحات السياسية، تتركز الانتقادات حول أدائه في "ارتهانه للخارج"، في الشق الأمني، ومراعاته لأطراف سياسية على حساب أخرى.
مدير تحرير موقع "المؤتمر نت"، التابع للحزب الحاكم سابقاً، جميل الجعدبي، يعتبر في حديث مع "العربي الجديد"، أنه "لا يوجد برنامج انتخابي لدى هادي حتى نُحصي نجاحاته واخفاقاته". على الرغم من ذلك، يرى الجعدبي، المؤيد للرئيس السابق، علي عبد الله صالح، أن "هادي جاء لإخراج اليمن من الأزمة التي وقع فيها وتجنيبه ويلات الحروب، ووفقاً لمضامين وبنود المبادرة الخليجية". لهذا السبب، "يمكن القول إنه نجح في تحقيق تقدم سياسي بإخراج اليمن من غرفة الإنعاش، مما أتاح استعادة عافيته وردم بؤر التوتر والتئام طاولة الحوار السياسي".
لكن بالنسبة إلى الجعدبي، فإن "التقدم السياسي محدود التأثير لأنه لم يقابله تقدم على الصعيد الأمني والاقتصادي والخدمي يلمسه المواطن".
من جهته، يرى المسؤول الإعلامي في حزب "الرشاد" السلفي، جلال عبد القدوس الجلال، أنه "يجب التفهم أن هادي عندما صعد إلى الرئاسة، كان ذلك في ظروف استثنائية وفق اتفاقية المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، التي حصّلت الشرعية له وفق استفتاء شعبي، وليس وفق برنامج انتخابي مليء بالوعود".
ويعتبر الجلال، في حديث مع "العربي الجديد"، أن أبرز نجاحات هادي تكمن في "البدء في إنهاء المظاهر المسلحة التي كانت بين أنصار الثورة وأنصار النظام السابق، والبدء في هيكلة الجيش والأمن، والبدء في معالجة قضية المسرحين المدنيين الجنوبيين وقضية الأراضي وتشكيل لجان حولها وإعادة بعض المسرحين". كذلك يتحدث عما يصفه "نجاح الحوار الوطني مع وجود كثير من التحديات".
وعن مكامن القصور في أداء هادي، يلخصها بالقول: "هناك مهام في الآلية التنفيذية لم يتم إنجازها"، معتبراً أن مدة العامين لم تكن كافية. كذلك يرى أن هادي كان ضعيفاً في الشق الأمني، ولم يطرح سياسة لمواجهة هذا التحدي الخطير، فضلاً عن "اكتفاء الرئيس اليمني بالوساطة في معالجة النزاعات التي اندلعت بين جماعة أنصار الله (الحوثيين) وفئات أخرى من المجتمع اليمني، أضف إلى قبوله التهجير كحل لمعالجة بعض النزاعات تلك".
بدوره، يشير الناشط عزوز السامعي، المنتمي إلى حزب "التجمع اليمني للإصلاح" (إخوان مسلمين)، إلى وجود انجازات عديدة حققها هادي، إن على صعيد إزاحة رموز عائلة المخلوع صالح من مفاصل السلطة الرئيسة، أو على مستوى تبديد وإنهاء مطامع التوريث.

كما يتحدث مع "العربي الجديد" عن بعض النجاح في عملية إعادة عدد من فصائل وألوية الجيش إلى حاضنة الوطن بعد أن كان ولاؤها المطلق للفرد والعائلة. في المقابل، يعتبر السامعي أن أبرز الاخفاقات تتمثل في "عدم القدرة على كبح جماح المليشيات المسلحة التي تهدد كل يوم فكرة وجود الدولة، فضلاً عن الإخفاق في الجانب الاقتصادي الذي جرى اهماله".

أما الناشط غيلان العماري، فيرى أن النجاح الوحيد لهادي يتجسّد في "حسن قيادته للحوار الوطني وتفكيك الحراك الجنوبي وقبيلة حاشد"، بعد الهزيمة التي لحقت بأبناء الشيخ عبد الله الأحمر في مواجهة جماعة أنصار الله وقبائل من "حاشد" في محافظة عمران وجوارها. ويعتبر أن هذه "نجاحات نسبية بل مؤقتة ما لم تستتبعها قرارات وأفعال جريئة"، منتقداً ما أسماه "عدم حسم هادي ومداراته للاطراف".
من جهته، يعلّق الصحافي صالح الحكمي، وهو من أبناء صعدة النازحين، ساخراً، أن أبرز ما حققه هادي خلال العامين الماضيين هو "تقسيم اليمن وتجزئته، والذي يُعتبر أكبر انجاز للمتربصين باليمن من الداخل والخارج، وجعل اليمن تحت الوصاية". ويلخص المشهد قائلاً إنه "لا توجد نجاحات مقابل الاخفاقات الكبرى"، منتقداً "تساهل هادي مع جماعة أنصار الله" (الحوثيين).
رؤية الصحافي أحمد الصباحي لعامي حكم هادي، تختلف بعض الشيء، إذ يرى أن نجاحات الرئيس اليمني قليلة. وبينما يرى  أن الهدوء السياسي والدخول في مؤتمر الحوار الوطني كان نجاحاً، يشير إلى أن نهاية الحوار ومخرجاته "تثير الكثير من الشكوك والتخوف". أما الاخفاقات فإنها "لا تُحصى" من وجهة نظره، أبرزها "حصول جماعات مسلحة على نفوذ كبير في الكثير من المناطق، وتفشي ظاهرة الاغتيالات والفشل الأمني، وضعف القرار السياسي من قبل هادي، وركونه الكامل على العامل الخارجي".
من جهته، يرفض أنيس ياسين، وهو تربوي من أبناء تعز، الاجابة عن هذا السؤال، معتبراً أن "الدولة غائبة واليمن منذ عامين بلا رئيس"، قبل أن يتساءل "كيف أتحدث عن شيء غير موجود؟".
هذا الاختلاف حول تقييم أداء هادي في الحكم ينسحب على "الحراك الجنوبي"، الذي يطالب بفك ارتباط الجنوب عن الشمال، والعودة إلى ما كانت عليه الأوضاع قبل الوحدة بين الشطرين في عام ١٩٩٠.
الناشط في "الحراك"، جمال الباقري، لا ينكر أنه، مقارنةً مع نظام المخلوع علي عبد الله صالح، تنفس "الحراك الجنوبي" السلمي الصعداء، وخرجت مسيرات مليونية في الجنوب عامة وعدن بشكل خاص، فضلاً عن انتقال القضية الجنوبية في عهد هادي، بعد تضحية الشهداء من الشارع، إلى اروقة مجلس الأمن كقضية جوهرية. لكن الباقري يرى أنه في عهد هادي، خسر الجنوبيون "الند الشمالي للتفاوض"، فضلاً عن أن الرئيس الانتقالي "حاول العمل بأسلوب المخلوع علي صالح نفسه، بتزوير ارادة الشعب الجنوبي باختيار شخصيات لا تمثل الا نفسها باسم الجنوب بمن فيهم شخصه".
أما الصحافي والناشط في "الحراك"، باسم محمد الشعيبي، فلا يرى في هادي سوى "ريموت كونترول بيد قوى اقليمية ودولية تتحكم بتفاصيل المشهد اليمني"، مشيراً إلى أن الرئيس اليمني "مسيّر لا مخيّر، وبالتالي ما حققه هو عبارة عما رسمه له المشرفون على المبادرة الخليجية، والدول التي أوقعت اليمن تحت وصايتها"، على الرغم من إشارته إلى أن "هيكلة الجيش أمر جيد يُحسب له، وان كان مقصوراً على القيادات العليا".