الهجوم على عبد الرحيم علي: النظام يأكل أبناءه

الهجوم على عبد الرحيم علي: النظام يأكل أبناءه

06 سبتمبر 2017
جريدة المساء الحكومية شنت هجوما حادا على عبدالرحيم (الفيسبوك)
+ الخط -
امتنعت مؤسّسة "اﻷهرام" الصحافية المملوكة للدولة، اﻷحد الماضي، عن طباعة عدد جريدة "البوابة" بسبب رفض الجريدة لطلب "جهات معينة" بحذف تقرير صحافي يشير إلى تقاعس وزارة الداخلية عن تنفيذ حكم قضائي بحبس وزيرها الأسبق حبيب العادلي.

ووصفت "البوابة"، في بيان لها، عدم طباعة عددها، بأنه "قفز على القانون"، وحذّرت من "التصرّفات غير المسؤولة من جانب بعض الأجهزة الأمنية، لفرض هيمنتها على ملفّات حرّية الرأي والتعبير، واستخدام سلطتها لتصفية حسابات شخصية".

تعدّ هذه المرة الثالثة التي يتم فيها وقف طباعة عدد لـ"البوابة" بسبب انتقادها لوزارة الداخلية، ففي شهر نيسان/ أبريل الماضي، صودرت الجريدة مرتين من "الرقيب في المطبعة" بسبب اتهام الصحيفة للشرطة بالتقصير ومطالبتها بمحاسبة وزير الداخلية اللواء مجدي عبد الغفار، على خلفية تفجير كنيستي مارجرجس بطنطا والمرقسية بالإسكندرية.


هجوم متعدد المحاور
بالتزامن مع وقف طباعة عدد الأحد من "البوابة"، شنّت عدد من الصحف الحكومية هجومًا حادًا على رئيس تحرير الجريدة وعضو البرلمان، عبد الرحيم علي، فنشرت جريدة "المساء" الحكومية تقريرًا مطوّلًا بعنوان "عبد الرحيم علي.. تاريخ حافل من التلوّن"، قالت فيه إن له "فضائح جنسية" وأنه "شخصية لوثت المجتمع بسمومها"، ويسعى عبر جريدته إلى نشر "الموضوعات المثيرة والمحرّضة على الكراهية والفسق، وتجنيد الصحافيين لمهاجمة أركان الدولة ليل نهار".

وخصّصت جريدة "الجمهورية" الحكومية صفحة كاملة لانتقاد علي و"البوابة"، فكتبت موضوعًا مطولًا تحت عنوان "قصّة صعود وسقوط الصعلوك.. الصندوق الأسود لـ عبد الرحيم علي وجريدته"، ووصفته بأنه "رئيس تحرير التسريبات" وأنه "مسيلمة الكذاب"، واتهمته باتخاذ الصحافيات العاملات في جريدته "جواري" له.

ونشرت جريدة "أخبار الحوادث" خبرًا على الموقع الإلكتروني لها، يحمل عنوان "حقيقة صور ابنة عبد الرحيم علي التركية"، والذي يتهم ابنة عبد الرحيم علي، بارتداء ملابس من تركيا، البلد المعادي لمصر وثورتها ورئيسها.

نظريات حول الأزمة
ثار الكثير من الجدل حول السبب الحقيقي وراء الهجوم على عبد الرحيم علي وجريدته، خاصّة وأن علاقات الرجل الوطيدة بالأجهزة الأمنية معروفة، وليس أدلّ عليها من نجاحه في الانتخابات البرلمانية، ومن تجميد البلاغات المقدّمة ضدّه، بسبب برنامجه التلفزيوني "الصندوق الأسود"، الذي أذاع فيه مكالمات خاصّة ببعض النشطاء والشخصيات العامة في انتهاك واضح للدستور والقانون.

النظرية الأولى حول تزايد الهجوم على عبد الرحيم علي مؤخرًا، قائمة على فرضية أن هناك صراعًا مكتومًا بين الأجهزة الأمنية في مصر، وأن ما يحدث مع علي هو أحد تجليات هذا الصراع.

وفق هذه النظرية، فهجوم عبد الرحيم المستمرّ على الداخلية ووزيرها هو هجوم مدفوع من أحد الأجهزة الأمنية لـ"قصقصة" أجنحة بعينها في الوزارة، لكن نجاح الداخلية (جهاز الأمن الوطني تحديدًا) في وقف طباعة أعداد "البوابة" التي تهاجمها، هو بمثابة استعراض للعضلات أمام الأجهزة الأمنية الأخرى التي تريد أن تحجم دور ونفوذ "الداخلية".

النظرية الثانية تقول بأن تزايد الهجوم على عبد الرحيم علي، خلال هذه الفترة تحديدًا، هدفه قطع الأذرع الإعلامية والسياسية للمرشّح المحتمل لانتخابات الرئاسة المقبلة الفريق أحمد شفيق.

تستند هذه النظرية إلى شيئين، أولهما؛ أن عبد الرحيم علي كان من أشدّ وأخلص المؤيّدين للفريق شفيق، وثانيهما؛ أن الحملة على عبد الرحيم جاءت بعد وقف برنامج الإعلامي وائل الإبراشي المعروف بدعمه لشفيق، عقب إذاعته مداخلة هاتفية للفريق انتقد فيها النظام، أي أن ما يتمّ مع علي هو جزء من عملية ممنهجة لتحييد أدوات شفيق الإعلامية.

اكتسبت هذه النظرية وجاهة أكثر بعد اضطرار عبد الرحيم إلى نفيها علنًا، عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، حيث كتب: "للذين يرددون في غباء أنني من الداعمين للفريق أحمد شفيق أقول بوضوح الآتي: دعمت وسأظل أدعم الرئيس عبد الفتاح السيسي وسأنتخبه في أي انتخابات رئاسية قادمة لأني أعلم علم اليقين أنه رجل الضرورة في هذه المرحلة الصعبة من تاريخ البلاد. خلافي الوحيد كان وسيظل حول السياسة الأمنية للوزير مجدي عبد الغفار شاء من شاء وأبى من أبى ولدي حيثياتي لمن لديه الشجاعة على استضافتي في أي مناظرة تلفزيونية في أي مكان وعلى أي فضائية".

تظلّ هذه النظريات قائمة دون وجود آلية لترجيح أحدها على الآخر، خاصّة وأن ما يحدث في الكواليس وخلف الأبواب المغلقة أكثر بكثير مما يظهر للعلن.

المساهمون