النفاق والرياء

النفاق والرياء

22 يناير 2019
+ الخط -
عانيت النفاق من صاحب منصب وموضع ثقة لدى صاحب العمل، فقد ساءتني معاينة نفاقه عن قرب، وضقت به إلى حد النفور والاستغاثة بالله من وقعه في نفسي فأغاثني والحمد لله، وبعدها ألحت على رأسي أسئلة: لمَ النفاق؟ ولماذا يُنافق الإنسان؟ وقبل أي شيء ما النفاق أو الرياء؟
النفاق هو إظهار المرء خلاف مَا يُبْطِنُ، أما الرياء فمشتق من الرؤية بمعنى أن يعمل الإنسان ليراه الناس. وقال ابن كثير رحمه الله: "النفاق هو إظهار الخير وإسرار الشر".
ثمّة فرق بين النفاق الاعتقادي والنفاق العملي، فالنفاق الاعتقادي محله القلب، أما النفاق العملي فيبدو في العمل مثل الكذب في الحديث، والخُلف في الوعد، والخيانة في الأمانة، والفجور في الخصومة، كما ورد في الحديث النبوي: "إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا ائْتُمِنَ خَان".
والشخص المنافق شخص وصولي يسعى إلى بلوغ غايته بأي وسيلة ومهما كلَّفه الأمر، ويخطط بدناءة ووضاعة لتحقيق مصالح شخصية ولو على حساب الحق والمصلحة العامة، وقد يكون النفاق من الصفات الشخصية كما يقول علم النفس، وأرى أنه من علامات ضعف الشخص وقلة حيلته؛ حيث يتخذ من النفاق وما ينطوي عليه من مبالغة في المدح أو حلو الكلام حيلة دفاعية لاشعورية لحماية نفسه من إبراز مواطن ضعفه أو من شعوره القاسي بالقلق والانزعاج والخوف من ضياع فرصة أو منصب، وهو ما يؤكد ضعف إيمانه.
والنفاق مفسدة لنفس صاحبه وآفة تنال من صفائه واحترام الناس إياه قبل أن يكون مفسدة للبيئة التي يترقى فيها على نطاق يتجاوز حدود النفس فيفسد من يخالطونه في تلك البيئة إلا الصامدين الثابتين على قيم الصدق والأمانة، وأسوأ مظاهر النفاق وأعلاها مفسدة أن تتسم بطانة صاحب عمل أو سلطة أو نفوذ بتلك الصفة التي تغلِّب المجاملة على المصلحة العامة.
ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من النفاق، إذ كان يدعو "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشِّقَاقِ وَالنِّفَاقِ وَسُوءِ الأَخْلاَقِ‏"‏، وقال تعالى: "إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ"، وقد تدنت منزلة المنافق عند الله عن الكافر لكون الكافر يظهر ما يبطنه في حين أن المنافق يظهر خلاف ما يبطنه فيُغرر بسامعه ويخدعه ويتغافل عن أن الله يراه ويراقبه، ولذا استحق أن يكون في الدركِ الأسفل من النار.
***
الشعور بالمسؤولية غالبًا ما يبعث على القلق وزعزعة الهدوء النفسي للإنسان؛ لكنه يؤسس صلابته ومدى الاعتماد عليه.
***
من أسوأ مظاهر القمع (على إطلاقه بدءً من المنزل ومرورًا بالشارع والعمل وانتهاءً بالسلطة التي تحكم البلاد) إصابة الناس بالخرس الذي يعقبه السلبية وفكر الأنامالية، وعبارته المشهورة "وأنا مالي"، الذي يجهض النصيحة في الأفواه فيسود التخريب والفساد بدون أدنى مقاومة.
***
في أثناء دراستي الجامعية كانت تستوقفني كلمة "تبييض" المحاضرات، وكنت أظنها من العامية، إلى أن اكتشفت أنها كلمة فصيحة، وتعني إعادة صياغة المحاضرات بعد تسويدها، فتتحول المحاضرة من مُسَوَّدة (مليئة بسواد الحبر من أثر الشطب والشخبطة) إلى مُبَيَّضة (خالية من سواد الحبر غير المنمق الذي يُعوِّق قراءتها بسلاسة).
ولنقل: سَوَّد، مُسَوَّدة، تسويدًا، وبيَّض، مُبَيَّضة، تبييضًا
***
المال جُعل للتسهيل وليس للتكدير؛ غير أن انشغال بعض المسلمين به يؤكد حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "لكل أمة فتنة، وفتنة أمتي المال".
***
الإيمان المطلق بالأشخاص أو بالأحرى الإتباع المطلق لهم قريبٌ من الشِرْك فيما أرى.
***
كلما لمست في شخص جُبنًا أو بُخلًا أدركت لماذا استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم منهما؛ فالجُبن والبخل كفيلان بقتل أجمل المعاني الإنسانية.
***
مواقع التواصل الاجتماعي فتنت بعض الناس فأدخلتهم سباقًا شرسًا قائمًا على المقارنات وبعيدًا عن الاختلاف النوعي لكل فرد.
***
التحكم في الانفعالات من أكبر مظاهر قوة الإنسان، ولمَ لا؟! والانفعالات أشبه بالرياح العاتية التي يصمد أمامها. ولذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ اَلشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إِنَّمَا اَلشَّدِيدُ اَلَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ اَلْغَضَبِ".
***
لا يسعني إلا أن أقول: "رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ" عندما أنجز مهمة بسهولة وقد كانت في البدء تستهلك مني وقتًا ومجهودًا أكثر، فسبحان من عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ.
***
من أكثر ما يحير الإنسان ويزعجه المشاعر المركبة بأن تختلط عليه مشاعر الشفقة مثلًا مع التحفظ والنفور.
00BCCAE9-664A-44D8-BA04-3209FCDDD133
00BCCAE9-664A-44D8-BA04-3209FCDDD133
أسماء راغب نوار (مصر)
أسماء راغب نوار (مصر)