المنازل الآيلة للسقوط.. قنابل موقوتة في المغرب

المنازل الآيلة للسقوط.. قنابل موقوتة في المغرب

13 يوليو 2014
يعود حدوث الانهيارات إلى عدة عوامل متشابكة(العربي الجديد)
+ الخط -

لم يكن انهيار ثلاث عمارات في مدينة الدار البيضاء، صباح يوم الجمعة الماضي، والذي أسفر عن سقوط 17 قتيلا وعشرات المصابين بجروح متفاوتة الخطورة، الأول من نوعه في المغرب، فقد حدثت قبله انهيارات سابقة لمنازل عديدة في الدار البيضاء وفاس، وغيرهما من المدن.

وتعد الدار البيضاء، العاصمة الاقتصادية للمغرب، المدينة التي شهدت أكبر عدد من حوادث انهيارات المنازل، حيث لقي شخصان مصرعهما في انهيار منزل، وأصيب آخر بجروح خطيرة في أكتوبر/تشرين الأول من السنة المنصرمة، كما قُتل ستة أشخاص في أحد المنازل في حي شعبي بالمدينة القديمة في مايو/أيار 2012.

وفي مدينة فاس، قُتل السنة الماضية أربعة أشخاص من بينهم ثلاثة أطفال، وأصيب ستة آخرون بجروح خطيرة، جراء انهيار منزل عتيق، بحي الشرابليين في المدينة القديمة في فاس، كما عرفت مدن أخرى حوادث مميتة مشابهة طيلة السنوات القليلة الماضية.

وسُجلت أشهر الانهيارات القاتلة بالمغرب في مدينة القنيطرة (قريبة من الرباط العاصمة) في العام 2008 بسقوط بناية سكنية، ما أدّى إلى مقتل 28 شخصا وجرح العشرات، فتحولت الحادثة حينها إلى قضية رأي عام وطني، بسبب الاحتجاجات الغاضبة للسكان من هول الكارثة الإنسانية التي حصلت.

وكان وزير الإسكان، محمد نبيل بن عبد الله، قد وعد السنة الماضية بأن يستقيل من منصبه إذا ما تكرر حادث انهيار منزل على ساكنيه، وذلك عقب سقوط منزل بالمدينة القديمة للدار البيضاء مخلفا خمسة قتلى، غير أنه لم يستقل رغم أنه حدثت بعد ذلك انهيارات متوالية لمنازل في مدن مغربية.

خريطة الانهيارات

تشير أرقام رسمية كشفت عنها وزارة الإسكان المغربية إلى أن ما بين أربعة آلاف وسبعة آلاف مسكن مهدد بالانهيار في أي وقت في مدينة الدار البيضاء وحدها، وأكثر من 114 ألف منزل آيل للانهيار في المغرب كله، خاصة في الأحياء العتيقة والتاريخية لمدينة فاس، وسط البلاد.

وتتحدث أرقام أخرى عن وجود أكثر من 140 ألف أسرة يتهدّدها سقوط المنازل التي تقيم فيها، فيما سبق للبحث الوطني حول السكن بالمملكة أن انتهى إلى نتيجة وجود 50 في المائة من البناء العمراني للمدن القديمة في وضعية متدهورة، منها 10 في المائة مهددة بالانهيار.

وأكد المهندس المعماري فؤاد سجلماسي  لـ"العربي الجديد" أن حدوث هذه الانهيارات يعود إلى عدة عوامل متشابكة، منها، أن المنازل تكون قديمة، خصوصاً في الأحياء القديمة لبعض المدن، إضافة إلى مشكلة التغيّرات المناخية أو تسرّب المياه إلى أسس البنايات، دون إخضاعها للإصلاحات المطلوبة.

وفي ما خص الانهيار الذي خلّف فاجعة الدار البيضاء الأخيرة، بوفاة 17 ضحية وجرح العشرات، قال سجلماسي إنه "من المرجّح أن يكون السبب زيادة طابق عشوائي للسكن في السطح، فوق الطوابق القانونية، ما نجم عنه عدم قدرة البناية السكنية على تحمل الثقل الزائد، فانهارت الشقق كلها".

مسؤولية الانهيارات

تقع مسؤولية الانهيارات في المباني السكنية بالمغرب على عدة جهات، يكون لها يد في البناء أو الترخيص للبناء، وبالتالي تتحمل مسؤولية هذه الكوارث مصالح وزارة الداخلية ووزارة السكن، وأحيانا مكاتب الدراسات الهندسية، أو المقاولون المكلفون بالإشراف على عملية تشييد المباني السكنية.

ويقول موظف في مصلحة الترخيص للبناء، طلب عدم الكشف عن هويته، لـ "العربي الجديد" إن "أغلب أسباب المشاكل التي تقع في المباني السكنية يعود إلى استسهال إصدار التراخيص الإدارية والقانونية في البناء العشوائي، خاصة في الأحياء الشعبية والهامشية، أو في الأحياء القديمة لبعض المدن الكبرى".

وفي ما يخص حادثة انهيار العمارات الثلاث بالدار البيضاء، ما زالت التحقيقات جارية لمعرفة الأسباب الحقيقية وراء وقوع الفاجعة التي هزت المغرب، حيث يتداول الحديث عن غش في البناء، وتصدّع في الجدران بسبب الرطوبة والعوامل المناخية، وأيضا إلى بناء المنازل على أسس إسمنتية هشّة".

وفي أشهر حادثة انهيار في المغرب، والمتعلّقة بعمارة المنال بالقنيطرة، فإن تحقيق الخبراء أفضى إلى أن تلك العمارة السكنية شُيدت على أرض غير صالحة للبناء، هي عبارة عن مجمع لمياه الأمطار، ما يطرح مسؤولية السلطات المختصة في منح التراخيص، ومصالح الاستشارات الهندسية.