المشاركة الدنماركية في التحالف الدولي تُثير جدلاً داخلياً

المشاركة الدنماركية في التحالف الدولي تُثير جدلاً داخلياً

28 سبتمبر 2014
ناقشت البلاد مسألة المشاركة العسكرية مطولاً (العربي الجديد)
+ الخط -
عندما أعلنت رئيسة وزراء الدنمارك هيلي تورنينغ شميت، الشهر الماضي، عن الانضمام للتحالف الذي جهّزت له الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، لم يكن يخطر ببال المواطنين وبعض الأحزاب أن يتحوّل الأمر إلى أكثر من تقديم دعم بالسلاح ونقل معدات إلى شمال العراق، الأمر الذي أيّده أكثر الأحزاب يسارية في البرلمان: "اللائحة الموحدة".

لكن بإعلان شميت يوم الجمعة الماضي، أن بلادها سترسل 7 طائرات "إف 16" إلى العراق و140 ضابطاً "للإشراف وتدريب العراقيين"، تصبح كوبنهاغن متورّطة أكثر في هذا التحالف المثير للجدل الداخلي، والمُعيد للذاكرة الدنماركية الشعبية، التورّط لسنوات في حرب أفغانستان.

وتجد الأحزاب اليمينية والمحافظة في "التخويل البرلماني"، الذي منح شميت في أواخر أغسطس/آب الماضي الانخراط في التحالف، وبموافقة أحزاب اليسار، التي ظنّت أن المسألة لن تتعدّى "دعم الأكراد" وهي واجهت سخطاً في قواعدها الرافضة للتحالف الأميركي، تخويلاً جديداً لتوسيع المشاركة للحرب ضد "داعش".

وقد تمّ استدعاء لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الدنماركي، يوم الجمعة الماضي، لمناقشة ارسال طائرات، في وقتٍ كانت رئيسة الوزراء تقدّم "ضمانات بأن الطائرات الدنماركية لن تقصف داعش في سورية"، وذلك بسبب تخوّف البعض من تحوّل القصف في سورية إلى "مساندة للنظام السوري الذي يمكن أن يستغلّ هذا القصف لضرب المعارضة المعتدلة"، وذلك بحسب ما أفاد مصدر مشارك، رفض الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد". واعتبر أن المسألة أيضاً "قد تعني فرض حظر جوي على طائرات (الرئيس السوري بشار) الأسد".

ويؤكد أعضاء في لجنة "الشؤون الخارجية" بأنه "لا يُمكن للدنمارك الآن رفض المشاركة بطائرات مقاتلة، إذا كان من المفترض الانتصار على هذا التنظيم الإرهابي، وقد نجد تورّطاً دنماركياً أكبر في المستقبل". وقد تنبأت المعارضة المحافظة قبل فترة بأن الأمر "لن يكون فقط نقل معدات"، ومثلها كانت قواعد الأحزاب اليسارية تشكك في الخطوة.

من جهته، يُبدي وزير الخارجية مارتن ليدغورد سعادته بـ"النقاشات التي رافقت اجتماع لجنة الشؤون الخارجية"، لكن سرعان ما كشفت التسريبات اصطدام المواقف، وإن كان القرار اتُخذ بمعارضة صريحة لحزب اللائحة الموحّدة، الذي يخشى من عواقب مشاركة الدنمارك في الحرب.

وعندما طُرح السؤال على شميت، عما إذا كان الشعب الدنماركي قد تعب من الحروب، أجابت بما يعزز التورّط الدنماركي "أعتقد بأن الشعب الدنماركي سئم وتعب من وجود المتطرفين".

وما يعزز مشاركة الدنمارك في القصف داخل الأراضي السورية هو التناقض بين رغبة شميت وغيرها في "الانتصار على داعش" والادّعاء بأن "لا شيء يمنع القصف في سورية"، حسبما ذكر مقرر شؤون الدفاع في البرلمان، وهو من حزب رئيسة الوزراء.

وعلمت "العربي الجديد"، أن "الخطوة الدانماركية أتت بطلب أميركي، يوم الخميس، فالأميركيون جرّبوا مشاركتنا في أفغانستان وهم مهتمون جدا في تضخيم تهديدات داعش ضدنا، ووضع أشخاص دنماركيين مسلمين على لوائح الإرهاب، كما فعلوا أخيراً مع شخص من أصول مغربية، لمساعدة حكومة شميت على تكوين رأي عام مؤيد لمشاركة حربية". وأعلنت شميت هذا الأمر بنفسها حين حاولت طمأنة مخاوف الدنماركيين، بالقول "هذه المنظمة الإرهابية تشكّل خطراً على الدنمارك والحلفاء ويجب القضاء عليها".

ويتخوّف بعض معارضي توسيع المشاركة الدنماركية الحربية من "اعتبار الحرب بين الإسلام والغرب، وانعكاس ذلك على علاقات الدنماركيين بالمسلمين والعرب"، حسبما وصفت الناشطة بيرتا بيدرسن، التي كانت تقف أمام البرلمان محتجّة على الحرب.

ولكن شميت تبدو وكأنها تدرك مخاوف الدنماركيين فطمأنتهم "قلتها سابقاً، وأكرّرها اليوم، هذه ليست حرباً بين الغرب والإسلام، لكنها حرب تحالف واسع ضد منظمة إرهابية تسمّي نفسها دولة إسلامية".

ورأى أحد النواب، رفض الكشف عن اسمه، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الأميركيين وغيرهم لا ينتظرون طائراتنا، ولا موافقة برلماننا، هم يقصفون في سورية. وما استنتجته هنا أن الحملة في سورية ستتكثّف أكثر، والأسد سيخسر ميزة الطيران، ولا أحد في التحالف ولا حتى في الدنمارك يريده أن يستفيد من هذه الضربات، لقد حاولت إيران مراراً أن تكون جزءاً من هذا التحالف، لكن فقط لإنقاذ الأسد، وبحسب ما اطّلعت عليه، هناك رفض لكل محاولات نظام طهران إظهار الأسد في صورة جميلة كي يدخل المناطق الدافئة مع الغرب. كما سنشهد دعماً أكبر لقوى معتدلة في المعارضة السورية لمنع الأسد من التقدم".

وأكد رئيس البرلمان الدنماركي موينز لوكاتوفت، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أنه "كان في السابق يعارض الحرب على العراق منذ العام 2003، ووقف ضد التدخل الأميركي، لكن الأمر اليوم مختلف تماماً. لقد كان الشعب السوري محقاً في التحذير من تنامي التطرف واستغلال لامبالاة الغرب تجاه مأساته، ونحن لا نريد اليوم أن نكرر الأخطاء السابقة. لن تكون هذه الحملة على داعش في مصلحة بشار الأسد، وهناك توجه عربي وغربي الآن، ستظهر نتائجه مع الوقت، لدعم المعارضة المعتدلة في سورية بكل السبل والوسائل، ولن يترك هؤلاء ليكونوا بين فكي كماشة الأسد وداعش، لا في حلب ولا غيرها".

المساهمون