المخدرات الرقمية: الإعلام اللبناني والآفات الوهمية

المخدرات الرقمية: الإعلام اللبناني والآفات الوهمية

31 أكتوبر 2014
مشهد من التقرير (يوتيوب)
+ الخط -
يُحبّ الإعلام اللبناني الحديث الدائم عن الأخلاق الحميدة. يُريد "إصلاح" المجتمع. هكذا، نجد تدخّلاتٍ في الحياة الشخصيّة للمواطنين في كثير من الأحيان، بحجّة "الأخلاق" نفسها.... حتى أصبحت "الأخلاق" و"إصلاح المواطن القاصر (دائماً)"  بمثابة "تريند" في الإعلام اللبناني.
في هذا الإطار، كانت قناة "إم تي في" اللبنانيّة دائماً بالمرصاد لنا. هكذا، حدّثتنا القناة عن

"الدعارة في لبنان"، بالإضافة إلى انتهاكها الحريّة الشخصيّة لفتاتين على أحد الشواطئ في لبنان، بحجّة الأخلاق نفسها. ووصلت القناة إلى "اكتشاف" ما يُسمّى "المخدّرات الرقميّة"، فأعدّت تحقيقاً عن الموضوع وخطورته، مشيرةً إلى أنّ هناك حالتي إدمان على هذا النوع من المخدرات في لبنان.
و"المخدرات الرقمية"، هي مقاطع موسيقيّة "تُسبّب شعوراً كشعور تعاطي المخدرات"، بحسب ما شرحت المحطّة الحريصة على أخلاق اللبنانيين.
هذا التقرير، انتشر بسرعة على مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان. كما وصل الأمر إلى وزير العدل اللبناني، الحريص أيضاً على أخلاقنا، حيث قرّر الوزير أشرف ريفي حجب بعض المواقع الإلكترونيّة بحجّة "المخدرات الإلكترونيّة".

لكنّ المنظمة العربية للمعلوماتية والاتصالات (إجمع)، وجمعية المعلوماتية المهنية في لبنان PCA والتحالف العربي لحرية الإنترنت، والتحالف اللبناني للإنترنت، شجبت قرار وزير العدل بحجب المواقع.

وقالت المنظمات في بيان مشترك، وصل "العربي الجديد" نُسخة منه: "اعتاد اللبنانيون أن يستفيقوا بين الفترة والأخرى على قرارات حجب مواقع إلكترونية، كان آخرها حجب بعض المواقع التي ارتأت الأجهزة أنها مواقع للعب المیسر، من دون الاستناد إلى أي آلية قانونية ومن ثم حجب بعض المواقع الإباحية. أما اليوم فيجري الحديث عن حجب المواقع المروجة للمخدرات الرقمية. مضحكٌ مبكٍ طلب ريفي، من النيابة العامة العمل على مكافحة "المخدرات

الرقمية" واتخاذ الإجراءات القانونية وحجب المواقع الإلكترونية التي تروج للمخدرات الرقمية، مُعللاً ذلك بأنها تُشكّل "خطورة على الشباب اللبناني"، و"الأمن الاجتماعي لكل اللبنانيين".

وسألت المنظمات في بيانها: "ألا يكفي المواطن اللبناني حجم الهواجس التي يعيشها يومياً، حتى يأتي من يزرع فيه هذا الهاجس الجديد، ويتعدى على حريته على الإنترنت؟"، موضحةً أنّ "ما يسمى المخدرات الرقمية هي أمر مبني على تقنية قديمة تسمى "النقر بالأذنين"، اكتشفها العالم الألماني هنري دوف عام 1839، واستخدمت لأول مرة عام 1970 في علاج بعض حالات الأمراض النفسية كالأرق والتوتر".

أي أنّ قناة "أم تي في"، اكتشفت الاكتشاف المُكتشف، بعد قرنٍ كامل. وتسبّب بمنع بعض الأشخاص الذين يُعانون من الأمراض النفسيّة من العلاج. هذا، عدا عن أنّها ساهمت في قمع الحُريّات، وحجب المواقع الإلكترونيّة بشكل عشوائي. 
وفي هذا الإطار أيضاً، أوضحت الجمعيّات أنّ "المخدرات الرقمية هي ذبذبات الصوت دلتا

وثيتا وألفا وبيتا، وليس هناك دليل على أنّها تسبب الإدمان". وأضافت: "بعض هذه الذبذبات قد يسبب النعاس أو اليقظة الشديدة أو الدوار أو الإرتخاء والسكينة بعد الاستماع إليها مطولاً. ولا يمكن القضاء على هذه الظاهرة عبر حجب المواقع لأنها موجودة في كل آلة تصدر صوتاً، وحجبها يتطلب حجب الأغاني والألعاب الإلكترونية و"فيسبوك" و"يوتيوب" و"تويتر"، وباختصار حجب الإنترنت بأكمله".

وأكدت الجمعيات أنّ "سياسة الحجب المتبعة تتعارض مع مبادئ تحالف الإنترنت اللبناني، وخصوصاً المبدأين الأول والثالث واللذين ينصان على "حماية غير قابلة للتفاوض والتزام جميع أصحاب المصلحة بمبادئ حقوق الإنسان، حيث يستطيع الناس التمتع بنفس الحقوق والحماية، سواء في حياتهم العادية أو الافتراضية على الإنترنت، كما أن حريّة ممارسة الحقوق عبر الإنترنت غير قابلة للمساومة تحت أي ظرف من الظروف"، وعلى "ضمان إمكانيّة الوصول إلى مصادر المعلومات عبر الإنترنت، وتعزيز تبادل المعلومات بين الأفراد والمجتمعات"، بحسب البيان.
كلّ هذا، قد يعني أنّ على مجمل الإعلام اللبناني، التوقّف عن الحرص على أخلاقنا. فمن أخبرهم أن المشاهد، قاصر؟ 

المساهمون