المؤتمر بين التهويل والتهوين

20 مارس 2015
+ الخط -

دائماً ما تضيع الحقيقة بين التهويل والتهوين، وهي عادة مصرية أصيلة، فالحكم دائماً بالعاطفة، فيرفع بعضهم حدثاً ما إلى عنان السماء، وينكره آخرون إلى درجة العدم، ونبتعد، دائماً، عن المنطق والحوار الجاد. وهذا ما حدث مع المؤتمر الاقتصادي، أخيراً، فقد ذهب المؤيدون، وكما قال وزير الاستثمار، إلى أنه نجح قبل أن يعقد، ووصفه المعارضون بأنه مؤتمر بيع مصر.

سبق لمصر عقد مؤتمر اقتصادي منتدى دافوس، في 2003، وكانت النتائج مخيبة للآمال، ما يمثل ذاكرة سلبية لدى المواطن المصري عن المؤتمرات الاقتصادية، خصوصاً التي تصاحبها دعاية كبيرة وإنفاق باهظ. وتمتد الذاكرة السلبية لاسم المؤتمر "مصر المستقبل"، فمازالت جمعية المستقبل لجمال مبارك، والتي كان يستغلها للإعداد لتولي الحكم ماثلة في الأذهان.

  • المؤتمر اقتصادي بنكهة سياسية أو العكس. وللتوضيح، 59 دولة ممن حضروا المؤتمر يقل مستوى دخل الفرد فيها عن دخل الفرد في مصر، وبالتالي، لا تمثل أية قيمة استثمارية أو اقتصادية، لكنها تشكل غطاء سياسياً ممتازاً للمؤتمر.
  • المشاركة الخليجية هي الأكبر، ما يؤكد صدق تسمية الملك الراحل، عبدالله، أنه مؤتمر المانحين.
  • تضارب الأرقام وتصريحات المسؤولين حول المؤتمر، بل وتضارب الهدف نفسه، فهل هو مؤتمر لجمع الأموال، أم لعرض المشروعات؟ أم لتسويق محور قناة السويس؟ وللأسف، لا نرى هذا التضارب، مثلاً، بين صحيفتين، أو قناتين إعلاميتين، بل نراه في الصحيفة الواحدة والمسؤول وحده.
  • القرارات التي صدرت قبل المؤتمر بساعات بدعوى جذب المستثمر تثير القلق، أكثر مما تدعو إلى الاطمئنان، فالقرارات الفردية المفاجئة لا تبعث على الارتياح خلافاً لقرارات المجالس التشريعية.
  • توفير الطاقة وحرية التعامل مع النقد الأجنبي من أكبر المعوقات التي تصادف المستثمر. لذلك، كان غريباً جدّاً أن يقول وزير الاستثمار "على المستثمر أن يوفر الطاقة التي يحتاجها بمعرفته".
  • افتتاح 19 مشروعاً للقوات المسلحة، قبل المؤتمر بساعات، يعطي الانطباع للمستثمر أن القوات المسلحة تسيطر على جانب كبير من الاقتصاد المصري، مع تراجع دور الدولة فتزيد المخاوف.
  • العاصمة الإدارية الجديدة تعيد إلى الأذهان تجربة "القرية الذكية"، وما قيل عند إنشائها، والحديث عن انتقال الوزارات إليها، فأين هي الآن؟ وكم بلغت تكلفة إنشائها؟ ومن المستفيد؟ وكيف يمكن لبناء عاصمة إدارية أن تجذب المستثمر ما لم يتملك شيئاً ما؟ فما هو وكيف؟
  • المدينة الترفيهية مشروع استثماري ضخم وجاذب، فعلاً، لشركات كثيرة. لكن، هل هو ما تحتاجه مصر الآن؟

وفي النهاية، يتساءل المواطن المصري البسيط: أيهما أكثر فائدة وأهمية، نجاح المؤتمر (أو فشله) أم توفير أسطوانة الغاز للمواطن، وضبط أسعار السلع التي ترتفع كل يوم؟

     

795B9830-8541-444B-B4A4-35AB0D11D51C
795B9830-8541-444B-B4A4-35AB0D11D51C
محمد لطفي (مصر)
محمد لطفي (مصر)