الفلسطيني يعرف قول لا

الفلسطيني يعرف قول لا

07 نوفمبر 2014
+ الخط -

لم تدرِ إسرائيل كيف بدأت خلايا حركات المقاومة في غزة بتصنيع العبوات الناسفة، كما لم تدر كيف وصلت الحركات الفلسطينية إلى تصنيعها بسهولةٍ فيما بعد، على الرغم من فرض جيش الاحتلال حصاراً خانقاً يمنع الهواء النقي من الدخول، وما حقق المفاجأة انتصار المقاومة في ثلاثة حروب بهذه الإمكانات البسيطة.

معظم البيوت الحدودية كانت مفخخة بالعبوات، كما ظهر، لاحقاً، ومن خلال وسائل الإعلام، كل الطرق الرئيسة والفرعية المؤدية إلى القرى الفلسطينية الحدودية كانت مفخخة، وعلى استعداد تام لتفريق جسد جندي صهيوني عندما تمر مركبته قرب هذه العبوات. لذلك، لم تستطع القوات الإسرائيلية، على تطور تكنولوجيتها، من الوصول إلى قلب المدن، أو تجاوز المناطق الحدودية، إلا بطائراتٍ ترمي بثقلها وتعود أدراجها.

كانت تلك وسيلة الفلسطينيين، في مرحلة ما بعد الانتفاضة وحتى أيامنا هذه، في طلب حريتهم، والتعبير عن رفضهم السياسات الإسرائيلية.
**

بُعيد اعتقال وقتل المستوطنين الثلاثة في الخليل في يونيو/ حزيران الماضي، شنت إسرائيل عملية كبيرة ضد كل ما هو فلسطيني في الضفة الغربية، واقتحمت كل المدن من دون استثناء، وكانت، بطبيعة الحال، تشتبك مع المواطنين الغاضبين الذي يقذفونهم بالحجارة.

عندما تمر بأحد الشوارع في رام الله، أو بيت لحم، سواءً كان تمويلها من الـ"يو أس إيد" أو غيرها، لن ترى حجراً واحداً في الشارع، ولكن، مع مرور قوات الاحتلال منها، كان الفلسطيني ينحني، فتنبت الأرض حجارة، يحملها الشاب الفلسطيني، ويقذف بها جنود الاحتلال، وقد عبّر ناشطون عن استغرابهم من ظهور هذه الكمية من الحجارة في الشوارع فقط أثناء وجود جنود الاحتلال هناك.

**
وحتى الأسير الفلسطيني، كان مقيد اليدين والقدمين، ومعصوب العينين، ومرمياً في العزل الانفرادي، لكنه تجاوز هذه التحديات، وتحرر من الاعتقال الإداري، رغماً عن أنف السجان، في حادثةٍ تُعد تاريخية، ستبقى وصمةَ عار على جبين "الشاباص"، بعد أن خاض الإضراب المفتوح عن الطعام، حتى تحققت مطالبه.

كان هذا أسلوب الأسير في رفض السياسات الإسرائيلية بحقه، وصرخة منه في وجه إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية.
**
في أيامنا هذه، ضاق المقدسي ذرعاً نتيجة السياسات الإسرائيلية التي تتبعها إسرائيل في القدس، فالضرائب ترتفع، مع مرور الوقت، على المواطن العربي، والمقدسات الدينية تحاصر، مع كتم متعمدٍ لأي صوتٍ عربي، وخنق المظاهر العربية والإسلامية في جسد القدس، لم يجد المقدسي طريقةً ليعبر بها عن رفضه، فابتكر أسلوبه الخاص.

عملية الدهس التي نفذها الشهيد إبراهيم عكاري، وقتل فيها ضابط شرطة إسرائيلي ومستوطناً، وعمليات دهس أخرى قام بها سابقاً في القدس فلسطينيون، كانت أيضاً محاولة منه للتعبير عن رفضهم السياسات الإسرائيلية، وصرخةً في وجه محتل غاصب، يعتدي على البشر والحجر في أقدس بقاع الأرض.

**
ضع الفلسطيني في أي ظروف تريدها، إنه، في كل الأحوال، لن يعدم طريقةً يعبر من خلالها عن رفضه وغضبه من السياسات الإسرائيلية، وسوف لن يجد مشكلة في ابتكار شيء لم يخطر على بال أحد، من أجل أن يقول لا في وجه سارقي الحياة من عيونه.

0C735959-D6E9-48C8-8328-E576722ED3DB
0C735959-D6E9-48C8-8328-E576722ED3DB
مالك أبو عريش (فلسطين)
مالك أبو عريش (فلسطين)