العراقيّون ينصبون أشجار الميلاد في مخيمات اللجوء

العراقيّون ينصبون أشجار الميلاد في مخيمات اللجوء

24 ديسمبر 2014
كيف لنا أن نحتفل ونحن مشرّدون (رسم: أنس عوض)
+ الخط -
العالم يحتفل بعيدَي الميلاد ورأس السنة. أما في العراق، فالحزن يسيطر على مسيحيّيه الذين هربوا من ديارهم بعد سيطرة تنظيم "الدولة الإسلاميّة" (داعش) على مناطقهم في محافظة نينوى شمالي البلاد.

وعلى الرغم من الظروف الصعبة التي يعيشها المسيحيّون في المخيمات التي سكنوها في إقليم كردستان، إلا أنهم يصرّون على إقامة الاحتفالات وإن كانت رمزيّة. ويوضح القسّ يوحنا بطرس لـ"العربي الجديد" أن احتفالات عيد الميلاد هذا العام تختلف عن سابقاتها، نظراً لأعداد النازحين الكبيرة من مختلف مناطق سهل نينوى والموصل في إقليم كردستان ومحافظة كركوك. ويشير إلى أن الاحتفال سيقتصر على إقامة قداس ليلة العيد في موقع قريب من المخيمات، يشارك فيه النازحون. بالنسبة إليه، "الغاية من القداس إسعاد النازحين والتخفيف من معاناتهم قدر الإمكان".

وكان عدد المسيحيّين في العراق قد انخفض إلى 300 ألف شخص، بعدما كانوا أكثر من مليون وربع مليون شخص قبل سقوط الموصل بيد "داعش " في العاشر من يونيو/حزيران الماضي، بسبب تدهور الأوضاع الأمنيّة. ووفقاً لتقارير المفوضيّة السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لم يتبقّ من 300 ألف إلا 70 ألفاً يتوزّعون على بغداد وإقليم كردستان ، فيما غادر الآخرون البلاد.

علاء جبرائيل نازح من قضاء تلكيف شمالي شرق الموصل، يقول: "أجواء العيد ليس لها طعم ونحن نعيش خارج ديارنا وبعيدين عن أقاربنا وأصدقائنا". ويسأل: "كيف لنا أن نحتفل ونحن مشرّدون من منازلنا منذ أشهر؟"، مطالباً المنظمات الإنسانية والمجتمع الدولي بإغاثتهم.

بدورها، نزحت إيفون كوركيس من الموصل مع أولادها الأربعة. بالنسبة إليها، "أجمل هدية يمكن أن تقدّم لها في عيد الميلاد، هي العودة إلى المنزل". وتجدر الإشارة إلى أن هذه المرأة الستينيّة فقدت اثنَين من أبنائها على يد عناصر من "داعش" بعد سيطرة التنظيم على المحافظة.

وكوركيس لا ترحّب بفكرة الاحتفال بعيد الميلاد، في حين أن مدينتها الموصل مكلومة والأوضاع المعيشيّة متردية.

من جهتها، تعبّر الراهبة ستيفاني صباح عن خشيتها من البقاء في اللجوء الذي طال، ومن البقاء في المخيمات بعيداً عن الأهل والأحباب. بالنسبة إليها، "وضع العراقيّين المسيحيّين مؤلم جداً. فهم مهددون من قبل أناس يريدون إلغاء وجودهم نهائياً على الرغم من أنهم يعيشون في العراق منذ الأزل". تضيف: "وادي الرافدَين هو بلد المسيحيّين. بلد أبينا إبراهيم الذي سكن مدينة أور الكلدانية"، مشدّدة على رفضها كل مخططات التقسيم التي تحاول تمزيق البلاد. وتدعو المسيحيّين بجميع طوائفهم إلى التحلي بالصبر والقوة وعدم التخلي عن بلادهم والنزوح إلى خارجها نهائياً.

النائب يونادم كنا يمثل المسيحيّين في البرلمان العراقي. يؤكّد على التزام هؤلاء بأداء طقوسهم على الرغم من الظروف التي تمرّ بها البلاد. وأمل أن "يحمل العيد خلاصاً للعراق من داعش". وشكّك كنا في قدرة الحكومة المركزيّة على إخراج العراق من هذه الأزمة، خصوصاً أنها تواجه تحديات عدّة في الوقت الحالي، ومنها أزمة الموازنة والعجز المالي.

إلى ذلك، يستعدّ ناشطون مدنيّون للقيام بجولة ميلاديّة على مخيمات النازحين في ليلة العيد، لنشر الفرح بين الأطفال والعوائل من خلال توزيع الطعام والهدايا. وذلك، بعدما نصبوا عشرات أشجار الميلاد ووزعوا الملابس الجديدة على الصغار. وفي جولتهم هذه، يرافقهم بابا نويل الذي يتكفّل هو توزيع الهدايا والألعاب.

وكان البابا فرنسيس الأول قد استنكر ما يتعرّض له المسيحيون في الشرق من تهجير وطرد قسري، مشيراً في بيان إلى أن المسيحيّين في العراق هجّروا بالإكراه من بيوتهم وقد تعيّن عليهم ترك كل شيء من أجل إنقاذ حياتهم والحفاظ على ديانتهم. وحمّل البابا تنظيم "داعش" المسؤوليّة، قائلاً: "يبدو أن هؤلاء المتطرفين لا يريدون وجوداً للمسيحيّين". ولفت إلى أن "العنف طال أيضاً الأماكن المقدسة والآثار والرموز الدينيّة، كما لو أنهم أرادوا محو كل أثر للآخر".