الطاهر أحمد مكي.. رحيل المعرّب والمترجم

الطاهر أحمد مكي.. رحيل المعرّب والمترجم

06 ابريل 2017
(1924 - 2017)
+ الخط -
انتمى الناقد والمترجم المصري الطاهر أحمد مكي (1924 – 2017) الذي رحل أمس في القاهرة، إلى هوية عروبية منفتحة حكمت بحثه وتدريسه وكذلك مواقفه السياسية لأكثر من ستة عقود.

وُلد صاحب "دراسة في مصادر الأدب" في قرية كيمان المطاعنة في محافظة الأقصر، حيث التحق بمدرسة دينية تتبع "الأزهر" وفيها حفظ القرآن والشعر، قبل أن ينتقل إلى العاصمة ويدرس الأدب العربي في "كلية دار العلوم"، وينضمّ إلى صفوف الحركة الشيوعية آنذاك.

في عام 1948، خرج مكي من تنظيمه اليساري بسبب مواقف التنظيم المؤيّدة لإنشاء دولة "إسرائيل"؛ موقف تمسّك به حتى رحيله، كما احتفظ بمسافة تفصله عن السلطة على اختلاف الذين تعاقبوا عليها، وحين قرّر الرئيس الراحل أنور السادات احتواء مثقفي اليسار عهد إليه بتأسيس مجلة "أدب ونقد" في سبعينيات القرن الماضي، لكنه استقال بعد نشر أوّل مقال في المطبوعة من دون العودة إليه.

شارك صاحب "امرؤ القيس: حياته وشعره" (1968) في تعريب مناهج الجامعات الجزائرية، ودافع عن استخدام اللغة العربية في التدريس، لكنه ربط ذلك بضرورة دعم الترجمة والبحث العلمي، محذّراً من انقراض لغة يكاد ينحصر استعمالها في الوعظ والإرشاد الديني.

اختار الأدب المقارن تخصّصاً في دراسة الدكتوراه في إسبانيا، حيث أعد أطروحته في المقارنة بين كتاب "طوق الحمامة: في الألفة والألاف" لـ ابن حزم الأندلسي وبين قصائد بابلو نيرودا في الغزل، ورأى أن ما يجمعها هو عبقريتهما في الحب.

دعا إلى تخليص دراسة الأدب الأندلسي من خطابات تمجيد ماضي المسلمين في إسبانيا، مؤكّداً أن أي دارس لتلك الحقبة سيتنبّه إلى جملة عوامل اجتماعية واقتصادية وثقافية موضوعية كان لها دورها في نشوء الأندلس، ولاحقاً في انهيارها وتأسيس إسبانيا الحديثة.

درّس مكي في جامعات كولومبية وإسبانية ومغربية وجزائرية، واستفاد في عدد من دراساته من تسجيله للأدب الشعبي، ومنها كتابه "السلطان يستفتي شعبه"، والذي دوّن فيه حكايات وأناشيد كان يرّددها القوّالون (الحكاؤون) في مقاهي طنجة ومراكش، وتتضمّن نقداً سياسياً واجتماعياً.

صدر له العديد من المؤّلفات؛ من بينها: "بابلو نيرودا شاعر الحب والنضال" (1974)، و"القصة القصيرة: دراسة ومختارات" (1977)، و"الأدب الأندلسي من منظور إسباني" (1991)، و"أصداء عربية وإسلامية في الفكر الأوروبي الوسيط" (2005)، كما ترجم عن الفرنسية والإسبانية "ملحمة السيد"، "الحضارة العربية في إسبانيا"، و"الشعر الأندلسي في عصر الطوائف"، و"التربية الإسلامية في الأندلس: أصولها المشرقية وتأثيراتها الغربية".

دلالات

المساهمون