الصورة الصحافية... من ارتباك رئيس صربيا إلى السديس

الصورة الصحافية... من ارتباك رئيس صربيا إلى السديس

07 سبتمبر 2020
جثا جنود على رقبة خيري حنون (جعفر إشتية/فرانس برس)
+ الخط -

مشاهد صحافية مختلفة بثت أخيرا، من عالمنا العربي وعنه. بعضها للمسن الفلسطيني خيري حنون، الذي جثا على عنقه جنود الاحتلال، مع ابتذال قابلها، في استخدام لأطفال عرب يرفرفون بعلم المحتل، فرحين بكعكعة الهيام بالصهيونية في دولة "التسامح".
وقبل أيام، توج في خطبة الجمعة في "الحرم المكي"، عبد الرحمن السديس، كل ما كان همسا، في الاشتغال الديني على العقل والصورة، تطبيعا واستنساخا مشوها للتاريخ، في سبيل أن تصير المملكة العربية السعودية "حضارية" من خرم إبرة الحايك الصهيوني.
لا شيء في المشهد الإعلامي العربي، المشفوع بخطاب ديني، يجري مصادفة، في أوطان ينهشها التشويه المتسارع.
حتى "ارتباك" رئيس الصرب، ألكسندر فوتشيتش، في عنجهية صورة "الكابوي"، لتوسيع "الشرق الأوسط" إلى حدود كوسوفو، ما يختزل صورة "قادة" عرب يسوقهم جاريد كوشنر على "الصراط المستقيم" لحركة "أُمناء جبل الهيكل".
ومن قلب بيروت كان "الرئيس الليبرالي"، إيمانويل ماكرون؛ صاحب مقولة "ما ينشر في شارلي إيبدو.. حرية تعبير وصحافة"، يصرخ على الصحافي جورج مالبرونو من "لو فيغارو"، لانكشاف اجتماعه بقيادي من "حزب الله". فعند "مسيو ماكرون"، على طريقة دكتاتوريي مستعمرات بلده السابقة، تنكشف الرغبة بتبعيتها للسلطة السياسية التنفيذية، والأمنية. أمر يُذكر بصرخة مستبد عربي:"لا أريد حديثا عن مسألة تيران وصنافير". وبـصفعة "فخامة" رئيس أسبق لبلاد "الأرز" لصحافي من وطنه.
وللحقيقة، فإن عنجهية ونرجسية دونالد ترامب مع الصحافة تتساويان والطريقة الرسمية العربية مع الصحافيين، التي اختزلها الرئيس التشيكي، ميلوش زيمان، في حضرة صياد المعارضة والصحافيين فلاديمير بوتين، بدعوة المراسلين إلى "العشاء في القنصلية السعودية".
ومن بيروت "الحريات" نال الفلسطيني نصيبه، مع زيارة إسماعيل هنية. يكفي أن تكون أمك لبنانية وأبوك "لاجئاً فلسطينياً"(بعد 70 عاماً)، لتعرف حضيض العنصرية المبطنة، على الشاشات والمواقع وفي العقول، وفي يوميات جيل "العروبة الجديدة"، المتنمرة على الذات والمنبطحة أمام أمثال "مسيو ماكرون". 
عند عرب "العروبة الجديدة"؛ المصفوعة والمركولة والمسحولة، صار نشيد "هتكفاه" يعزف بصورة مقززة في أبوظبي، ويُردد "بيبي حبيبي" (غناء لبنيامين نتنياهو على طريقة تمجيد وتأليه القيادات العربية) من قلب "بلاد الحرمين"، ويرمى في القمامة نشيد "بلاد العرب أوطاني"، وكل سير "الأجداد والأسلاف".
وفي "دولة السعادة والتسامح" يصبح الردح والتهديد، وعلى ألسنة "أكاديميين"، لعقوا شعار: "لا للتطبيع"، بقطع أرزاق الأردني والفلسطيني، لرفضهما الاستهبال باسم "الصلاة في القدس خلال ساعات من أبوظبي وربع ساعة سيرا نحو المسجد".
في نفس ذلك العالم العربي ثمة من أرسل "هاشتاغات" وأقاصيص أخبار، وأرشيف إعلام، لحكام وسياسيي التطبيع، تضمنت صورة المسن خيري، وصور ضحايا الاحتلال، وفتوى الاغتصاب الصادرة عن حاخام جيش الاحتلال، وتصريحات وزير الاستخبارات الصهيونية إيلي كوهين عن منع "إف 35" عن الإمارات.
صدق مرسلو المقاطع والصور، أن المُرسل إليهم لديهم ضمير يُخاطب، أو أن إعلامهم، الذي بكى يوما محمد الدرة، والشيخ أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي، سيتحرك عنده شيء، قبل أن يتسع الخازوق، أو الورطة، في تحويل العرب إلى "غوييم" أذلاء في خدمة المحتل، وبيوت العرب ومساجدهم تدمر، من مصر إلى السعودية، على طريقة الاحتلال نفسه والأسدية في الشام.
في الغرب ثمة يهود، بينهم حاخامات حركة "ناطوري كارتا"، وساسة وكتاب وناشطون ضد الصهيونية، يضربون كفا بكف أمام المدى الذي وصل إليه موات الكرامة، والصورة والشريط العربيين.
وبعيدا عن قضية فلسطين.. ماذا عن السودان؟
غابت الفيضانات.. غاب "أهل المروءة" و"غيارى الإنسانية والدين".. فترك شعبه الطيب وحيدا، إلا من استثناءات متهمة بـ"التدخل في شؤونه الداخلية".
الصورة ليست متشائمة. هي حقيقة واقع عربي مليء بالأكاذيب، من إحصاءات كورونا في الشام ومصر إلى سجع السديس في فضائل "التهود" و"التصهين".
ليس غريبا، بعد أن تتظهر الصورة، أن يلتقي علماء بلاط السلاطين، تحت "هتيكفاه.. أرض صهيون وأورشليم"، لينضموا إلى معسكر الشعبوية الغربي، وإلى لقطة راسموس بالودان الدنماركي، في حرق القرآن.. فلم يعد ثمة حرج من إظهار الهوية الحقيقية، سياسة وإعلاما ودينا.

المساهمون