الصلح خير

03 يناير 2015
+ الخط -

لا يوجد إنسان يحمل صفات الإنسانية، مهما كان فكره ورأيه وعقيدته، يكره الصلح والمحبة والتسامح والسلام، فهذه صفات إنسانية، لا ترتبط بزمان ومكان وانتماء سياسي أو عقيدة دينية. لذلك، دائماً ما يعبّر المصري البسيط عن ذلك بعبارة موجزة شاملة "الصلح خير". ولكن، يجب أن تكون نظرتنا للصلح بلا مبالغة، بلا إفراط ولا تفريط. بلا إفراط في الفرحة، ولا تفريط في الحقيقة، ويجب أن نضع الصلح في مكانه وحجمه الصحيح، على الرغم من صعوبة ذلك، خصوصاً في عالمنا العربي الذي يهوى الجميع فيه استخدام أفعل التفضيل، فهذا أكبر وأعظم وأقوى وأكثر... إلخ.
الصلح بين مصر وقطر، كما يقولون، وبين قناة الجزيرة والنظام المصري، في الحقيقة، مثال لما أقول.
الحكاية، كما نعرفها جميعاً، بدأت مع ثورة يناير، وتأييد قطر، شعباً وحكومة وإعلاماً، الثورة وقرار الشعب المصري، بينما تحفظت دول خليجية أخرى، إلى أن تم انتخاب الرئيس محمد مرسي، فاستمر تأييد قطر ومساندتها، بينما تحول التحفظ عند الآخرين إلى رفض علني، ثم جاء الانقلاب على الرئيس مرسي، فكان من الطبيعي أن ترفضه قطر، وتقف بجانب الشرعية، بينما أعلنت دول أخرى تأييدها المطلق له، وبقوة شديدة. ومن هنا بدأ الخلاف، وبدأ النظام في مصر استخدام أدواته الإعلامية في الهجوم على قطر، وتم الاعتداء على مكتب قناة الجزيرة واعتقال مذيعين وموظفين فيه، ضمن حملة القضاء على الحريات وإغلاق الصحف والقنوات المعارضة، فزادت قناة الجزيرة من حدتها في نقل الأخبار والبرامج الحوارية لمعارضي الانقلاب، ما اعتبره النظام مزيداً من التصعيد.
مع قرب انعقاد القمة الخليجية، وكان مقرراً لها الانعقاد في الدوحة، وكما يقول المواطن الخليجي نفسه، فإن المحافظة على انعقاد القمة طوال 35 عاماً، هو أهم ما حققه مجلس التعاون الخليجي، فكان من الضروري والمؤكد أن تحافظ قطر على موعد الانعقاد السنوي، وكان من المتوقع أن تضغط الدول الخليجية المساندة للانقلاب عليها. وهذا ما حدث، وبدأ الضغط يتزايد مع قرب انعقاد القمة، ثم تم الإعلان عن صلح بين مصر وقطر، وتوقفت قناة الجزيرة مباشر مصر، مؤقتاً، كما قالت في بيانها، وبشكل تام، كما أعلن الإعلام المصري.
هل إيقاف قناة الجزيرة مباشر مصر يعني أن ما حدث في 3 يوليو/ تموز ليس انقلاباً؟ هل يعني أن المئات لم يقتلوا والآلاف لم يعتقلوا؟ّ بالتأكيد لا.
 
         

 

795B9830-8541-444B-B4A4-35AB0D11D51C
795B9830-8541-444B-B4A4-35AB0D11D51C
محمد لطفي (مصر)
محمد لطفي (مصر)