الشرطة النسائية الأفغانية عرضة للعنف والتحرّش

الشرطة النسائية الأفغانية عرضة للعنف والتحرّش

15 يونيو 2014
عانت المرأة الأفغانية العديد من الانتهاكات (Getty)
+ الخط -

التحقت المرأة الأفغانية بصفوف الشرطة في العام 2005، حين أطلقت الحكومة مبادرة لتعيين 180 شرطية من أصل 53400 شرطي، ليصل عدد الشرطيات في يوليو/تموز 2013 إلى 1551 شرطية من أصل 157 ألفاً، ما يشكل واحداً في المائة من الشرطة الأفغانية.
وبالرغم من الدور الفعال الذي لعبته الشرطة النسائية في النهوض بالمجتمع النسوي في أفغانستان، إلا أن الحكومة الأفغانية مازالت في حاجة لاتخاذ المزيد من الإجراءات لتدريب وتجنيد وتأمين الضابطات الأفغانيات، للنهوض بحقوق المرأة.
عانت المرأة الأفغانية خلال عهد "طالبان" وما بعده، العديد من الانتهاكات من طرف الرجل، في مجتمع ذكوري من الدرجة الأولى. تشير الإحصاءات إلى أن 87 في المئة من النساء والقاصرات الأفغانيات قد تعرضن لاعتداءات جسدية أو جنسية أو نفسية. ولكن معظم هذه الحالات لا يتم الإبلاغ عنها، وذلك لأسباب عدة، منها أن أعراف وأحكام هذا المجتمع تمنع معظم النساء الأفغانيات من الاقتراب من ضباط الشرطة الذكور.
غير أن تعيين النساء بين صفوف الشرطة كسر هذا الحاجز وبنى جسراً للتواصل مع ضحايا العنف، حيث سهل على النساء الإبلاغ عن الاعتداءات التي يتعرضن.
كما أن الشرطة النسائية لها دور فعال في تحقيق الأمن، وذلك عن طريق نشر الشرطيات في نقاط التفتيش ومداخل المباني الحكومية، والمشاركة في عمليات تفتيش المنازل. ففي عام 2012 كان هناك ما لا يقل عن 13 حادثة تنكّر فيها الرجال بزي نسائي، وذلك لتهريب بضائع أو تنفيذ هجمات إرهابية.
وحضرت الشرطة النسائية في انتخابات هذه السنة، فقد ساهمت في مساعدة النساء على ممارستهن لحقهن في التصويت، من خلال وجودهن في مراكز الاقتراع، وكان ذلك مساهمة للشرطة النسائية في تغيير المسار السياسي للدولة، من خلال تعزيز مشاركة المرأة في الانتخابات.
تشكل المرأة نصف المجتمع الأفغاني، لذلك فنسبة واحد في المائة لا توفّر احتياجات المرأة الأفغانية، ومن هذا المنطلق عملت الحكومة الأفغانية على وضع مخططات لزيادة عدد الشرطيات. وكان الهدف منها جعل نسبة الشرطيات تصل إلى ثلاثة في المائة من الشرطة الأفغانية مع حلول نهاية العام 2014 و10 في المائة في العام 2024.
كما تعمل الحكومة على دمج 13 مركزاً من أصل 30 مركزا لتجنيد وتدريب الشرطيات، واتخذت وزارة الداخلية خطوات إيجابية للتعامل مع بعض المشاكل التي تواجه الشرطة النسائية بما في ذلك التحرش والاعتداء الجنسي. كذلك أنشأت مرافق خاصة للإناث داخل مراكز الشرطة للحد من التحرش الجنسي الذي تتعرض له الشرطيات من طرف زملائهن في العمل.
إلا أن هذه الجهود غير كافية لتحسين وضع الشرطيات الأفغانيات، وبالتالي فمن الصعب عليهن الحد من وتيرة العنف ضد المرأة. بل أصبحت الشرطة النسائية نفسها عرضة للعنف والتحرش، سواء كان من قبل أفراد المجتمع أو من الزملاء داخل العمل، وحتى من قبل حركة طالبان التي كثفت من حملات العنف ضد النساء العاملات في أفغانستان عموما، وخاصة الشرطيات منهن وذلك لقلة عددهن وسهولة استهدافهن.


وكان من بين سلسلة أحداث الاغتيال والترويع والاعتداءات وعمليات الخطف التي تتعرض لها النساء في جميع أنحاء أفغانستان، اغتيال الملازم نيجار، على أيدي رجال يحملون مسدسات على دراجات نارية. كما اغتيلت الرقيب شاه بيبي بينما كانت تتسوق. وأدت هذه الأحداث إلى تراجع الروح المعنوية للشرطيات، لاسيما الأصغر سنا والأقل خبرة.
واستدعى وضع المرأة في أفغانستان، وخصوصاً الشرطيات، إلى تدخل المنظمات الخيرية للضغط على الحكومة الأفغانية لتوفير الحلول واتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف جميع أشكال العنف والاعتداء على حقوق المرأة.
ومن بين هذه المنظمات الخيرية التي تسعى إلى تعديل وضع الشرطيات الأفغانيات، "منظمة أوكسفام الخيرية"، بالتعاون مع "الجمعية الدولية للشرطة النسائية".
وقالت رئيسة الجمعية جاين تونسلي لـ"العربي الجديد" إن "الجمعية تعمل في تعاون مع منظمات وجمعيات دولية وأفغانية للضغط على الحكومة الأفغانية، وذلك عبر شنّ حملة للرفع من الوعي بالقضايا التي تواجه النساء اللواتي يعملن بالشرطة الأفغانية، وسيتم الإعلام عنها عما قريب".
وعبّرت عن استيائها لاغتيال أربعة عناصر من الشرطة النسائية خلال الأشهر العشرة الماضية، وهي القضية التي لم تأخذ العدالة مجراها فيها. أضافت: "كيف يمكن تأمين الحماية والعدالة للمرأة الأفغانية داخل المجتمع، حين تتم اغتيالات داخل صفوف الشرطة النسائية، ولا تتم المساءلة الكافية عنها. هذا يعني أنه يجب الاهتمام أكثر بتوفير حماية وتدريب وتجهيز للشرطيات الأفغانيات لتمكينهن من تأدية واجباتهن حيال حماية النساء داخل المجتمع من العنف والاضطهاد.
ومع أنه يصعب التغلب على كل المشاكل التي تواجه الشرطة النسائية في أفغانستان في ظل مجتمع تسوده النزعة الذكورية، كما أنه ليس من السهل كسر حواجز الماضي لصعوبة التخلص من مخلفات حكم حركة طالبان، إلا أن انضمام العنصر النسائي إلى الشرطة النسائية أعطى المرأة الأفغانية إيماناً بقدرتها على التحرر من سجون التخلف والتمييز بينها وبين الرجل.

المساهمون