السينما والريف في لبنان: مُصالحة بصرية

السينما والريف في لبنان: مُصالحة بصرية

10 سبتمبر 2018
إيلي خليفة: "شكرًا ناتكس" (الملف الصحافي للفيلم)
+ الخط -
تجربة جديدة تُضاف إلى تجارب الاحتفال السينمائي المتنوّع، الذي يُقام في لبنان. "جمعية ريف: أيام بيئية وسينمائية" تُطلق دورة تجريبية في بلدة ريفية في شمال لبنان، كاختبار لمدى إمكانية السينما في ابتكار أشكال تواصل ثقافي وفني وإنساني مع وقائع وحقائق وقصص وحالات، مستلّة كلّها من أحوال بلدٍ واجتماع وأفراد، عبر صناعة صورة سينمائية لبنانية تزداد أهمية وجماليات وسجالٍ.


فالجمعية ساعية، باحتفالها السينمائي هذا، إلى "إخراج العروض السينمائية من المركز المديني إلى الريف" بعد إقفال الصالات السينمائية أبوابها في مناطق لبنانية نائية، بعضها يمتلك تاريخًا حافلاً بالنشاط السينمائي، تجاريًا بفضل انتشار واسع للصالات فيها، وثقافيًا بفضل نشاطات مختلفة يرتبط جزءٌ منها بالسينما. والجمعية مهتمّة بتحسين أوضاع مختلفة في الريف، إذْ يقول بيانٌ صادرٌ عنها بمناسبة "الدورة صفر" من "أيام بيئية وسينمائية" إنّ "الريف غنيٌّ بالتيمات السينمائية وبالقصص والشخصيات التي تصلح لمعالجة سينمائية روائية أو وثائقية"، وهذا مجالٌ يختلف عن العروض الفيلمية في بيئات غير ممتلكة لصالات أو نشاطات سينمائية.



ثراء الريف بتيمات سينمائية لن يختلف كثيرًا عن ثراء بيئات أخرى بمثلها. لكن الملاحظة المذكورة في البيان جديرة بالتنبّه إلى حالةٍ يُفترض بها أن تجذب معنيين بالهمّ الثقافي ـ الفني العام، لعلّهم يعثرون فيها على ما يؤسّس لنمطٍ مختلف من الاشتغال البصري. مسألة كهذه محتاجةٌ إلى جهدٍ غير مُقتصر على استضافة عروض لأفلام قصيرة في ليلة واحدة، تلتقي غالبيتها الساحقة عند مشترك تُعنى به الجمعية: الريف. ورغم أن بعض الأفلام المختارة يجمع بين الريف، الذي يظهر سريعًا كحيّز مكانيّ لا أكثر، والمدينة كمعلمّ وحضور يتكاملان في صوغهما السينمائي للحكايات المروية بصريًا؛ إلاّ أنّ الأهمّ كامنٌ في قدرة تلك الأفلام على امتلاك لغة سينمائية تتراوح بين الكوميديا الساخرة والدراما المخفّفة والقراءة الاجتماعية لأحوال بلدٍ وناسه.

وإذْ تمتد "الدورة صفر" هذه على يومين، أوّلهما سينمائي وثانيهما بيئي، فإن الأفلام المختارة تختار وقائع لبنانية بحتة، وتنضمّ إلى حالة سينمائية محلية تعاين أحداثًا جماعية لكنها تُروى عبر أفرادٍ يتصدّرون المشهد السرديّ كي يعكسوا شيئًا من بؤس أو شقاء أو ألم او انهيار، وكي يطرحوا تساؤلات عن حق الفرد في ترجمة قناعاته وخياراته بأسلوب عيشٍ.

7 أفلام قصيرة مُنتجة في الأعوام الـ3 السابقة، باستثناء "شكرًا ناتكس" لإيلي خليفة المُنتج عام 1998: "كارغو" (2017) لكريم الرحباني، و"أرض أبي" (2016) لموريال أبو الروس، و"خسوف" (2017) لبسمة فرحات، و"سبمارين" (2016) لمونيا عقل، و"طفر" (2017) لزاهر جريديني، و"زيارة الرئيس" 2017) لسيريل العريس. المواضيع متنوّعة. المأساة السورية حاضرةٌ في فيلمي "كارغو" وطفر". أسئلة الحجاب والخيارات الحرّة والقناعات الفردية مطروحةٌ في "خسوف". العلاقة بالريف ظاهرةٌ في فيلمي خليفة وأبو الروس، بأسلوبين مختلفين: الكوميديا في الأول والواقعية في الثاني. أما "زيارة الرئيس"، فيروي حكاية أناسٍ يصلهم نبأ زيارة الرئيس إلى مصنع الصابون في بلدتهم، فيبدأون التحضيرات اللازمة، قبل سقوطهم في جميعهم في فخ الانتظار، وما فيه من شكوك وتساؤلات.

المساهمون