السيناريو الفرنسي الأسوأ: ماذا لو انتصرت مارين لوبان؟

السيناريو الفرنسي الأسوأ: ماذا لو انتصرت مارين لوبان؟

07 مايو 2017
ستطبق لوبان إجراءات للحد من تدفق المهاجرين(شين غالوب/Getty)
+ الخط -
يجمع المراقبون على أن نتائج الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية الفرنسية، اليوم الأحد، ستكون محسومة لصالح فوز مرشح حركة "إلى الأمام"، إيمانويل ماكرون، ضد مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان. وتنتظر فرنسا سيناريوهات سياسية مختلفة في حال وصل ماكرون إلى الإليزيه. لكن ذلك لم يمنع البعض من التفكير بالسيناريو الأسوأ والتساؤل ماذا لو انتصرت لوبان؟ وأي سيناريو ينتظر فرنسا في هذه الحالة؟ هذان السؤالان يتعلقان بفرضية ضعيفة، لكن هذا لا ينفي ضرورة محاولة فهم التحولات التي سيشهدها هذا البلد، والتي من المرجح أن تكون كارثية، في حال أظهرت نتائج التصويت اليوم، أن لوبان هي من سيخلف الرئيس المنتهية ولايته، فرانسوا هولاند.

تعتزم لوبان في حال فوزها بالرئاسة، تعيين مرشح حركة "انهضي فرنسا"، والذي خسر في الدورة الأولى، نيكولا ديبون إنيان، رئيساً للوزراء، كما أعلنت أخيراً. وبطبيعة الحال، ستشكل حكومة تكون غالبية وزرائها من القياديين في حزب "الجبهة الوطنية"، ومن دائرة المقربين منها، لتتولى بالتالي تنفيذ برنامجها الانتخابي. ثم ستنتظر نتائج الانتخابات التشريعية في منتصف يونيو/ حزيران المقبل لكي تنطلق بتنفيذ طروحاتها الانتخابية. وسيكون على لوبان أن تضمن غالبية برلمانية لتمرير مشاريع القوانين وإنجاح سياساتها. ولذلك، ثمة تساؤل حول انعكاسات وتأثيرات هذه القوانين والسياسات في حال نفذت.

الهجرة
في ما يتعلق بقضية الهجرة أولاً، والتي تعتبر حجر الزاوية في برنامج حزب "الجبهة الوطنية" منذ تأسيسه عام 1972، من المؤكد أنها ستكون في قائمة الأولويات في أجندة لوبان في حال فوزها بالرئاسة. وحسب برنامجها المعلن لن تقوم بمنع شامل للهجرة بل ستحصر عددهم في 10 آلاف مهاجر شرعي كل عام.

وستطبق إجراءات صارمة للحد من تدفق المهاجرين بصفة شرعية كإلغاء الهجرة الاقتصادية وإلغاء قانون لمّ الشمل العائلي الذي يتيح للمهاجرين استقدام ذويهم إلى فرنسا. كذلك ستشدد من مواصفات قبول اللجوء السياسي. وحسب برنامج لوبان، فإن هذه الإجراءات ستمكن فرنسا من توفير نحو ثمانية مليارات يورو كل عام. كذلك ستقوم بتعديل قانون الجنسية وتعقّد إجراءات منحها للمهاجرين وأبنائهم. وتنوي إغلاق الحدود في وجه الهجرة غير الشرعية وطرد المهاجرين الذين يرتكبون جرائم في الأراضي الفرنسية.


اليورو والاتحاد الأوروبي
وستتخذ لوبان سلسلة من التدابير الاقتصادية التي تستهدف الاتحاد الأوروبي والعملة الأوروبية. وستنظم في الأسابيع القليلة التي تلي دخولها إلى الإليزيه، قمة مع الاتحاد الأوروبي من أجل التفاوض حول مجمل المعاهدات التي تربط فرنسا بالاتحاد وقضية اليورو. وكانت لوبان قد شددت مراراً على أنها تريد التخلي عن اليورو كعملة وطنية وتخفيض العملة النقدية من أجل إنعاش العجلة الاقتصادية الوطنية. وفي حال فشلت هذه المفاوضات، ستدعو لوبان إلى استفتاء وطني حول الخروج من اليورو. وحسب المحللين الاقتصاديين، سيكون للتخلي عن اليورو عواقب اقتصادية وخيمة وسيؤدي إلى هروب كثيف للمستثمرين الأجانب الذين وضعوا رساميلهم في المصارف والبورصة الفرنسية. كما أن ذلك سيؤدي إلى رفع الفوائد على الديون الفرنسية لأن الأسواق المالية تقرض فرنسا بناءً على قوتها الاقتصادية وانتمائها إلى منظومة عملة أوروبية قوية. وفي حال العودة إلى الفرنك الفرنسي أو عملة أخرى، فإن المؤسسات المالية الدولية ستتصرف بشكل مغاير جذرياً مع فرنسا.

وكانت لوبان قد عدلت قليلاً من شعاراتها حول الاتحاد الأوروبي واليورو من أجل طمأنة الناخبين. وصرحت في فبراير/ شباط الماضي، بأنها تعتزم تخصيص عملة وطنية للفرنسيين من أجل معاملاتهم اليومية وسك عملة أخرى للدولة والشركات الكبرى ربما تكون عملة "الإيكو". غير أن هذه الإجراءات تبدو معقدة وقد تتطلب سنوات طويلة لتحقيقها. وتهربت لوبان مراراً خلال المناظرات التلفزيونية من عرض برنامجها المالي بالتفصيل. وينتقد خصومها ضبابية رؤيتها الاقتصادية وعدم واقعية شعارات الخروج من الاتحاد الأوروبي واليورو.

رفع القدرة الشرائية
تقول لوبان أيضاً إنها ستقوم بإطلاق ما تسميه بـ"مكافأة القدرة الشرائية" وتخصصها لذوي الدخل المحدود والمتقاعدين وستكون على شكل تخفيض ضريبي عن الدخل. كذلك تعد لوبان برفع مستوى الحد الأدنى من الأجور، وتريد تحديد سن التقاعد في 60 عاماً بدلاً من 62 عاماً، وهو السن المعمول به حالياً.

الأفضلية للفرنسيين
يعد مبدأ الأفضلية للفرنسيين قضية مركزية في برنامج لوبان الانتخابي وإيديولوجيا حزب "الجبهة الوطنية". ولوبان تريد أن ترسخ قاعدة "الفرنسيون أولاً" في كل المجالات. وسيكون على شركات القطاع العام والخاص أن تعطي الأولوية للفرنسيين في الوظائف. وستكون الشركات الفرنسية هي الوحيدة المخولة بالعمل في ورش الدولة والقطاع العام. وسيتم تطبيق هذه القاعدة في ما يخص السكن الاجتماعي وسائر الخدمات الاجتماعية التي توفرها الدولة. كذلك سيتم فرض ضرائب إضافية على المنتجات المستوردة ومنح تسهيلات للمنتوجات الوطنية التي تحمل طابع "صُنع في فرنسا".

إصلاح النظام الضريبي
ستقوم لوبان أيضاً في حال فوزها بالرئاسة، بتخفيض الضرائب على المقاولات والشركات المتوسطة والصغيرة، إلى نسبة 24 في المائة بدل 33 في المائة المعمول بها حالياً. وبالنسبة للأفراد، وعدت لوبان بأنها ستفرض بقوة القانون الضريبة على جميع الفرنسيين بدون استثناء ولو بشكل رمزي. وفي عام 2016 مثلاً، نصف الفرنسيين لا يدفعون الضريبة على الدخل بفضل قانون يستثني ذوي الدخل الضعيف. وهذا ما تنتقده لوبان وتعتبره هدراً للمال العام.

الصحة
وترفع لوبان دوماً شعار محاربة الغش في القطاع الصحي وتحمل المسؤولية للمهاجرين والأجانب في تدهور الخدمات الصحية. وستقوم بإلغاء القانون الذي يفرض على فرنسا تحمل نفقات علاج المهاجرين غير الشرعيين لأسباب إنسانية ومنهم طالبو اللجوء.

عقوبة الإعدام
كان حزب "الجبهة الوطنية" حتى عهد قريب يطالب بعودة العمل بعقوبة الإعدام. وكانت لوبان تساند هذا المطلب وصرحت في مارس/ آذار 2015 بأن "نظام العقوبات القضائية لا يمكن أن ينجح ويكون ذا فعالية من دون عقوبة الإعدام"، وفق تعبيرها. غير أن لوبان عدلت من موقفها لأسباب انتخابية وأعلنت خلال الحملة الانتخابية بأنها تفضل العمل بـ"عقوبة السجن مدى الحياة الفعلية" من دون أي تخفيض لسنوات السجن بحق المدانين بها. ولم تستبعد في نفس الوقت أن تدعو في المستقبل إلى استفتاء شعبي للحسم في هذه القضية.

التربية والتعليم
وتنوي لوبان التركيز بقوة على التعليم الابتدائي وإصلاحه من أجل أن يتمتع كافة الأطفال بقدرات معرفية قوية عند نهاية الطور الابتدائي، بحسب ما ينص عليه برنامجها. وتريد التخلي عن النظريات التربوية المعمول بها منذ ثلاثة عقود في المدرسة الفرنسية والتي تعطي للتلميذ دوراً محورياً في العملية التعليمية. وتطالب لوبان بالعودة إلى نظام صارم يكون فيه المعلم هو المحور كما أنها ترغب في العودة لاعتماد الزي التعليمي الموحد.

الجمعيات المدنية
وستدخل جمعيات المجتمع المدني في حرب مفتوحة مع الرئيسة الجديدة التي شددت خلال حملتها الانتخابية على أنها تريد إلغاء الدعم المالي الذي توفره مؤسسات الدولة للجمعيات، لا سيما الحقوقية والإنسانية منها. وتعتبر لوبان أن الدولة تهدر الملايين من أجل دعم جمعيات تنشر أفكاراً يسارية وحقوقية لا تنسجم مع مبادئها.


المساهمون