السياسة والحكم عند العرب

السياسة والحكم عند العرب

16 يونيو 2015
+ الخط -
تعتبر السياسة من أخطر الأعمال التي يمكن أن يقوم بها الإنسان العربي، على مدى تاريخ العرب المعاصر تحديداً، وربما تاريخهم كله، وذلك لأن العمل بالسياسة يضع المرء بين أمرين، لا ثالث لهما، فإما النفاق أو الهلاك، وغير ذلك لا مكان له ولا عمل، وإن كان يود خياراً ثالثاً، فعليه الاجتهاد في الحصول عليه. ويكون بالطبع الفرار من بلاده والعيش لاجئاً في أي بلد آخر. 
إنه الواقع المؤلم في بلادنا العربية التي لم تر للديمقراطية ضرورة، منذ تم إدراجها في مفردات العمل السياسي، بل وأصبحت في دول كثيرة المنهج السياسي الوحيد الذي لا يقبل المقايضة أو التجاهل.
أما عن الحكم فهو قصة أخرى، تجسد المعنى الفج لغياب الديمقراطية عن عالمنا العربي، وتوضح العقيدة الثابتة لدى كل من يصل إلى سدة الحكم من خلال شعار واحد ووحيد (القصر أو القبر)، لا بديل عندهم عن هذا. وذلك الأمر لم تسلم منه البلاد التي تحول نظام الحكم فيها من نظام ملكي إلى نظام جمهوري، بل على العكس، أصبحت البلاد التي تحولت إلى جمهوريات أكثر معاناة من الممالك، لما أصابها من فقر، نتيجة فساد حاشية كل حاكم تأتي به الأقدار في غفلة من التاريخ، أو تخلف نتيجة عدم رغبة الديكتاتور في إنشاء أجيال واعية مثقفة، قد تسبب له مشكلات فيما بعد، من خلال مطالبتها بالإصلاح.
هذا هو الواقع للسياسة والحكم في عالمنا العربي، والذي لم تستطع حتى الثورات الشعبية التي قامت أخيراً، وسميت الربيع العربي، تغييره، بل على العكس، تحول ذلك الربيع في معظم البلدان إلى خريف، تساقطت فيه كل الآمال التي تطلعت إليها كل الشعوب العربية في العيش في ظل ديمقراطيةٍ، تحقق لهم الحرية والعدل والكرامة الإنسانية.
متى ستشرق شمس الحرية على بلادنا العربية؟ متى سنعرف المعنى الحقيقي لكلمة تداول السلطة من دون دماء أو مؤامرات أو حتى من دون الحاجة إلى ثورات؟ متى سيكون من حق كل فرد عربي أن يحلم بالوصول إلى الحكم في بلاده، إذا كانت لديه المؤهلات لذلك، من دون أن يكون ذلك الحلم من الممنوعات أو من دروب الخيال؟ متى سيرفض الإنسان العربي حقيقة ذلك الواقع المرير، ويكف عن انحسار كل أمانيه في مجرد العيش فقط، ولو كلفه ذلك حريته؟
54371B97-F27A-4F03-A352-C9873B781B99
54371B97-F27A-4F03-A352-C9873B781B99
السعيد حمدي (مصر)
السعيد حمدي (مصر)