الرملة البيضا و"الراية البيضا"

الرملة البيضا و"الراية البيضا"

23 يونيو 2016
لا يُعرف بعد مشهد نهاية قضية "الرملة البيضا"(فرانس برس)
+ الخط -

في لبنان، تحتدم منذ فترة أزمة شاطئ عمومي جنوب العاصمة بيروت، يسميه العامة "الرملة البيضا"، ويحاول متنفذون سبق لهم الاستيلاء عليه بطريقة يرى فيها البعض قضية فساد أو استغلال نفوذ، التربح منه.

الشاطئ، يمكن للكافة الاستمتاع ببحر بيروت من خلاله بدون تكلفة، أو بتكلفة زهيدة تتلخص أحياناً في كوب من الشاي أو فنجان من القهوة.

أثار ناشطون لبنانيون القضية، وحولوها قضية رأي عام، وحشدوا لحماية الشاطئ، أو بالأحرى حقوق المواطنين في الشاطئ، رافضين تحويله إلى منتجع مغلق، أو شاطئ يمنع دخوله إلا لأشخاص بعينهم يملكون المال أو السلطة.

ظلت القضية تشتعل وتهدأ منذ سنوات، لكن قبل أيام بدأت جرافات تابعة للمتنفذين تهدم خياماً قائمة منذ سنوات في الشاطئ، ما يعني بدء مرحلة المواجهة بين النشطاء والمتنفذين، وهي مواجهة معروفة نهايتها مقدماً في كل أنحاء العالم، وعادة تنتهي قبل أن تبدأ في العالم العربي، بتنفيذ رغبات المتنفذين وأصحاب المال.

ذكرتني صورة الجرافة التي بدأت العمل في شاطئ "الرملة البيضا" في بيروت، بمشهد جرافة أخرى كانت تقوم بمهمة مماثلة لا تفارق ذهني أبداً. كانت الجرافة الثانية بطلاً في مسلسل مصري شهير بعنوان "الراية البيضا".

المسلسل الذي كتبه الراحل أسامة أنور عكاشة وأخرجه محمد فاضل وعرض عام 1988، يحكي عن مبنى تراثي يحاول أكاديمي مصري حمايته بمشاركة اثنين من المثقفين الشباب، في مواجهة محاولات تاجرة تستغل المال والنفوذ للسيطرة على كل شيء.

وبينما كان الأكاديمي وفريقه يستخدمون القانون والوثائق لإثبات حق المجتمع، كانت التاجرة تستخدم الفساد والرشاوى لكسب المعركة التي بدأت عاصفية وانتهت دموية.

المقارنة بين الواقعة البيروتية الحقيقية، والواقعة التليفزيونية التي جرت أحداثها في مدينة الإسكندرية المصرية، تبدو مثيرة بالفعل، فالحق في الحالتين واضح، والفساد أيضاً واضح، حتى إن تشابه الاسم يبدو من تصاريف القدر.

في الحلقة الأخيرة من المسلسل تجمع الرافضون لهدم المبنى التراثي من جانب التاجرة الجشعة التي ترغب في إنشاء بناية تجارية ضخمة مكانه، جلسوا على الأرض بعد أن شبكوا أيديهم في مواجهة الجرافة التي تستعد للهدم.

انتهى المسلسل التليفزيوني بالجرافة في طريقها إلى المبنى التاريخي، رغم كون الطريق مفروشاً بأجساد مستعدة للموت دهساً بعد أن رفض أصحابها الاستسلام ورفع "الراية البيضا"، بينما لا يعرف بعد مشهد النهاية في قضية "الرملة البيضا" التي يحاول النشطاء الحشد لها على غرار حملة "طلعت ريحتكم".

عسى ألا تكون النهاية متشابهة.