أعلنت السلطات الدنماركية، اليوم الإثنين، فتح الشرطة "فوراً" تحقيقاً قضائياً بشأن قيام شركة تتبع الشركة الدنماركية "يونايتد شيبينغ أند ترايدينغ" (المتحدة للشحن)، بخرق القوانين الأوروبية القاضية بعدم التعامل مع النظام السوري، وبالأخص في ما يتعلق بمنع التصدير أو النقل بما فيه البحري، من وإلى هذا النظام.
وكشف صباح اليوم عن مساهمة شركة "يونايتد شيبينغ أند ترايدينغ"، في نقل نحو 30 ألف طن من الوقود لطائرات نفاثة روسية وسورية، استخدمت في القصف والحرب بسورية.
وذكرت الشرطة الدنماركية في جزيرة فيون حيث مقر الشركة، أنها باشرت اليوم "البحث في القضية المثارة"، التي وصفتها بأنها "قضية معقدة"، بحسب مسؤول البحث الجنائي جوني شو، الذي لم يشأ الخوض في حديث مقتضب للتلفزيون الدنماركي أدلى به صباحاً، في تفاصيل التوقيت الذي وصلت فيه الشكوى إلى الشرطة.
وتدور القضية حول كشف قناة "دي آر" التلفزيونية الرسمية، نقلاً "عن مصادر مستقلة"، قيام شركة "دان بونكرينغ"، التابعة لشركة "المتحدة للشحن" (يونايتد شيبينغ)، بمشاركتها بنقل وقود بقيمة 100 مليون كرونه للنظام السوري بين عامي 2016 و2017، الأمر الذي قدره الخبراء "خرقاً كبيراً للمقاطعة المفروضة من قبل الاتحاد الأوروبي".
ويبدو مما تسرب حتى الآن، وفقاً لمصادر نقلت عنها "دي آر"، أن شركة روسية قامت باستخدام الشركة الدنماركية لـ"نقل الوقود لطائرات حربية في سورية، وخصوصاً في العمليات التي تقوم فيها موسكو بالقصف لدعم نظام بشار الأسد".
وعدّت المصادر القانونية هذا التصرف من الشركة الدنماركية "انتهاكاً لقوانين الاتحاد الأوروبي، التي فرضت عقوبات على نظام الأسد في 2014، حظراً على الشركات الأوروبية لبيع أو نقل الوقود إلى سورية لمنع استهداف النظام للمدنيين".
ويبدو أن القناة الدنماركية عملت منذ فترة طويلة، على التحقق من خرق العقوبات على النظام السوري، "عبر الاستعانة بسجلات وصور أقمار صناعية للموانئ والسفن والتقارير الإخبارية المتعلقة بسورية، ومصادر خاصة عديدة مع تقييمات من خبراء أجانب"، بحسب ما ذكرت "دي آر" اليوم.
و"وفقاً لوثائق أميركية ومراسلات مع كوبنهاغن ومصدر رئيسي"، فقد حصلت القناة التلفزيونية "على ما يؤكد أن شركة روسية تمثل الجيش، قامت بحجز الوقود لنقلها وتسليمها إلى ناقلة روسية أكملت نقل الوقود إلى سورية".
وتأكد اليوم الإثنين، قيام "مجلس الأعمال الدنماركي"، بـ"تقديم شكوى وتبليغ إلى المدعي العام للجرائم الاقتصادية الدولية الخطيرة في كوبنهاغن". ويعتبر مجلس الأعمال الجهة الرسمية المسؤولة عن عمل الشركات في شتى المجالات، بما فيها موافقات التصدير والنقل والاستيراد.
وكشف التلفزيون الدنماركي أن شركة "دان بونكرينغ" والشركة الأم "بونكر هولدينغ"، نفتا في العاشر من شهر إبريل الحالي، من خلال البريد الإلكتروني للقناة، خرق القوانين الأوروبية أو نقل وقود إلى سورية أو المساهمة في ذلك. ونقلت القناة عن مصادر أميركية، أنها "وجهت السلطات الأميركية تهماً سابقة لثلاثة سوريين وخمسة روس بتهمة خرق العقوبات"، وبينت القناة أن "عدداً من الموقوفين الروس هم شركاء للشركة الدنماركية دان بونكرينغ، دون توجيه اتهام مباشر للشركة الدنماركية بعد".
وازدادت الأمور تعقيداً بالنسبة للشركة الدنماركية قبل ظهر الإثنين، بعد الكشف عن وجود وثائق لدى التلفزيون الدنماركي، "جرى إطلاع مختصين في القانون الدولي في مركز الدراسات الدولي في كوبنهاغن (دييس) عليها، فأكدوا احتواءها خرقاً واضحاً لقانون الاتحاد الأوروبي".
وتحتوي الوثائق على تلاعب روسي واضح، من حيث نقل الشحنات النفطية عن متن البواخر الدنماركية إلى ناقلة روسية أكملت إبحارها عن بعد 30 كيلومتراً في البحر المتوسط إلى ميناء بانياس السوري، بحسب ما يرشح اليوم. وتؤكد مصادر القناة أن الوقود للطائرات الحربية كان يوزع بين قاعدة حميميم وقاعدة سورية في بانياس.
وفي السياق، اعتبر وزير الصناعة الدنماركية راسموس يارلوف، أن "ثمة أمراً خطيراً جداً إذا ما أثبت أن الشركة الدنماركية ساهمت بنقل نحو 30 ألف طن وقود طائرات حربية إلى سورية، فالعقوبات فرضت أصلاً لكبح عمليات الإبادة الجماعية في سورية، وتوقعنا أن كل الشركات الدنماركية تلتزم بذلك".
ويتوقع المراقبون أن تتدحرج هذه القضية وتأخذ طريقاً قانونية وسياسية، مع تكشف المزيد مما يسمى "التلاعب الروسي في تزويد طائراتهم والأسد لقصف السوريين".