الجميع حضر باستثناء الليبيين

الجميع حضر باستثناء الليبيين

21 مارس 2019
لودريان أثناء لقائه السراج في طرابلس (فرانس برس)
+ الخط -
جميع الأطراف الفاعلة في المشهد الليبي حضرت في غرف صنع القرار المغلقة، بدءاً من أبوظبي وانتهاء بمكاتب قاعدتي بوستة في طرابلس والرجمة في بنغازي. يتبادلون الصفقات لشغل المناصب الجديدة، باستثناء من يمثل المواطنين الليبيين المغيبين عن أي تفصيل، وكأن ليبيا ليست بلدهم.
الصمت والغموض رافق كل التحركات بدءاً من الرحلات المكوكية لرئيس المجلس الرئاسي، فائز السراج، واللواء المتقاعد خليفة حفتر، إلى أبوظبي، مرورواً برحلة رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، إلى روسيا أخيراً، وصولاً إلى وفود طرابلس التي توجهت إلى واشنطن الشهر الماضي، وزيارة الأميركيين إلى العاصمة الليبية.
حدث كل ذلك من دون أن يسمح لليبيين بالاطلاع على تفاصيل ما يجري. ولولا أن مواطناً ليبياً كان يتابع عبر كاميرا هاتفه من شرفة بيته المطل على قاعدة بوستة، لتظهر اللقطات طائرة، أعلن مكتب السراج الإعلامي، أنها "أقلّت السفير الأميركي بيتر بودي، يرافقه قائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) توماس والدهاوزر"، لما سمع الناس بالزيارة الأميركية ولغابت أحداثها، كما غابت أحداث زيارة أبوظبي نهاية فبراير/شباط الماضي.

قد يفهم المتابع الليبي أن القضية تم تدويلها منذ سنوات، لكنه لن يفهم أبداً عدم السماح للقادة الليبيين بالتصريح أو حتى بالتلويح ببعض تفاصيل الاتفاقات والتفاهمات، لتكون نافذة الليبيين الوحيدة المتاحة لمعرفة ما يجري هي ما يصرح به قادة الدول الفاعلة في ملف بلادهم. قبل أيام ظهر وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، من داخل طرابلس وبجانب السراج متحدثاً بالنيابة عن الأخير، قائلاً: "اتفق السراج وحفتر على تشكيل هيئة تنفيذية انتقالية، تتولى تقديم الخدمات العامة والتحضير لإجراء انتخابات قبل نهاية العام الحالي". ودون مداراة لوقوفها وراء حفتر سعياً لأطماعها التاريخية في إقليم فزان، قال لودريان من طرابلس وبجانبه السراج، إن "فرنسا سعيدة جداً بسبب عمليات حفتر في الجنوب الليبي"، وأنها "ستبقى إلى جانب سكان فزان في تنوعهم وتدعم تطلعاتهم إلى الأمن والتنمية الاقتصادية". لم يسأله رئيس حكومة الوفاق "لماذا بلاده سعيدة فقط بوضع الجنوب الليبي وماذا يفعل في طرابلس إذا كان وقوفه فقط مع سكان فزان؟".
وضع جعل جزءاً كبيراً من الليبيين يتساءلون عن سبب إطلاق تسمية "الملتقى الليبي الجامع" الذي تنوي الأمم المتحدة عقده قريباً، ومن سيجمع وماذا سيقرر، في ظل الغموض حول كل ما يجري بشأن ليبيا.