الجفاف والصراع يتوعدان سورية بالجوع

الجفاف والصراع يتوعدان سورية بالجوع

28 ابريل 2014
سورية تفقد ثلثي محصول القمح (Getty)
+ الخط -


لم يرأف الجفاف الذي قلما حلّ بالهلال الخصيب، بأوضاع سورية التي أهلكها الصراع القائم منذ اندلاع الثورة في مارس/ آذار 2011، بعدما اضطر المتخصصون إلى بناء توقعات متشائمة بشأن محصول القمح لهذا العام بعد الانحباس الملحوظ للأمطار.

وحذر برنامج الغذاء العالمي التابع لمنظمة الأمم المتحدة، مطلع أبريل/ نيسان الجاري، من انخفاض إنتاج القمح في سورية بنسبة تتراوح بين 1.7 مليون ومليوني طن، بسبب جفاف وشيك في شمال غرب البلاد، مشيرا إلى احتمالية تعرض ملايين السوريين للخطر جراء هذه الموجة.

وأكد وزير الزراعة والموارد المائية في نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وليد الزعبي، قبل أسبوعين، التوقعات المرجحة لانخفاض محصول القمح بسبب موجة الجفاف التي ضربت سورية، بالإضافة إلى الظروف الأمنية والسياسية التي تمر بها البلاد، مشيرا إلى أن نسبة مخزون القمح تتراوح بين 10% و20% من مستواها قبل الثورة السورية.

وكان متوسط معدلات الإنتاج قبل الثورة يصل إلى نحو 3.5 مليون طن سنويا، يفيض منها جزء للتصدير بعد الاكتفاء محليا.

 وتوقع خبراء، انخفاض محصول القمح في سورية إلى نحو ثلث المستوى الذي كان عليه قبل الثورة، بل قد يتراجع دون مليون طن للمرة الأولى منذ 40 عاما.

وكانت المرة الأخيرة التي لم يتجاوز فيها المحصول مليون طن عام 1973، وذلك رغم أن موجات جفاف دفعت المحصول للاقتراب من هذا المستوى في عامي 1989 و2008.

وقدم خبراء زراعيون وتجار ومزارعون سوريون تحدثت معهم وكالة رويترز، تقديرات مختلفة للمحصول، تراوحت بين مليون طن و1.7 مليون طن في أفضل التقديرات.

وقال مصدر في تجارة السلع الأساسية في منطقة الشرق الأوسط على دراية بأسواق الحبوب السورية، إن أقصى ما يمكن أن تحققه سورية من إنتاج للقمح هذا العام لن يتجاوز مليون طن.

وأضاف أن أحد العوامل الرئيسية التي تؤشر إلى تراجع المحصول هو تزايد صعوبة الإنتاج في ضوء نطاق الصراع.

وقال هلال محمد، الخبير الزراعي في الأمم المتحدة في عمّان "هناك عوامل كثيرة بدءا من بداية الحرث إلى تخصيب التربة إلى الحصاد والنقل والتسويق، والعملية كلها دبت فيها الفوضى وكل شيء بلغ حده الأدنى".

وعادة ما كانت الحكومة تشتري من المزارعين نحو 2.5 مليون طن قمح سنويا، قبل الثورة، لتوزيعه على المخابز لإنتاج الخبز المدعم ولتعزيز الاحتياطات الاستراتيجية.

لكن الأزمة خفضت المشتريات الحكومية من القمح المحلي، ومن المتوقع أن تنخفض أكثر من ذلك، بسبب تأثر قدرة النظام على تأمين الإمدادات وسط الصراع والجفاف، وارتفاع عدد النازحين، وقلة الموارد المالية لدى نظام الأسد.

وبلغ عدد السوريين الذين لجأوا إلى دول أخرى أو نزحوا عن ديارهم داخل البلاد نحو ثلث عدد السكان، وأصبحت مساحات كبيرة من الأراضي السورية تحت سيطرة المقاتلين الذين يسعون للإطاحة بنظام بشار الأسد، وانهار فيها نظام توزيع الغذاء الحكومي.

وتراجعت مساحة الأراضي المزروعة بالقمح في سورية هذا العام إلى حدود 1.2 مليون هكتار
(2.85 مليون فدان)، مقابل 1.7 مليون هكتار قبل الثورة، وفق بيانات حكومية.

ويتشكك خبراء في قدرة الحكومة السورية على التنبؤ بدقة بكمية المحاصيل، استنادا إلى صعوبة الوصول إلى معظم مناطق زراعة المحصول.

وقال خبير زراعي غربي على دراية وثيقة بسورية "من الصعب على المسؤولين الزراعيين في بلد فقدت فيه أجهزة الدولة سيطرتها الإدارية فعليا على مناطق كبيرة من الأراضي في منطقة الجزيرة، وهي المنطقة الرئيسية لزراعة الحبوب، أن يقيّموا المحصول المزروع في هذه المناطق ناهيك عن تقدير الإنتاج".

وقال يوسف أبو أحمد في قرية أطمة السورية قرب الحدود التركية، إن طول أعواد القمح يبلغ نحو 20 سنتيمترا بالمقارنة مع نحو 80 سنتيمترا في السنوات العادية.

ولجأ بعض المزارعين إلى استخدام المياه الجوفية للتعويض عن ضعف الأمطار، لكن ارتفاع سعر وقود الديزل حدّ من هذا الخيار لمزارعين آخرين في حزام إدلب حلب حمص الزراعي الغربي، حيث يزرع القمح في الغالب على مياه المطر.

وقال المزارع إبراهيم الشيخ (36 عاما) في سهول الحلزون في المناطق الخاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة في شمال غرب سورية "قش قمحنا سينتهي به الحال للاستخدام في الرعي بسبب ضعف المطر هذا الموسم".

وتحت وطأة تأثر محصول القمح الذي يزرع على مياه المطر، بالجفاف في غرب البلاد، يكمن الأمل بالنسبة لسورية في الأراضي التي يزرع فيها المحصول على مياه الري الدائم في الشرق، والتي كانت تمثل قبل الأزمة ما بين 60 و70% من إجمالي إنتاج القمح.

وتقول وزارة الزراعة إنها خصصت 80 مليار ليرة سورية (540 مليون دولار) لشراء القمح والشعير من المزارعين هذا الموسم.

وحتى مع تخصيص الأموال اللازمة لشراء المحصول، لا تستطيع الحكومة أن تضمن استلام المحصول.

 وقال هلال محمد، خبير الأمم المتحدة "حتى إذا كان هناك إنتاج، فالتسويق تعطل بشكل حاد".
وأشار إلى تزايد صعوبة حصول المزارعين على البذور والمخصبات وتدهور نظام شراء الحبوب الرسمي، وقال إن مراكز جمع المحصول توقفت تقريبا عن العمل.

وفي مناطق كثيرة من شرق البلاد المعروف باسم الجزيرة، والذي يمثل سلة الغذاء الرئيسة للبلاد، وتشمل محافظات الحسكة ودير الزور والرقة، لم تعد السيطرة للحكومة.

وتنتج المناطق المحيطة بمدينة الرقة الخاضعة لسيطرة المقاتلين وحدها نحو ربع المحصول الإجمالي للبلاد.

وقال أحد سكان المنطقة من عائلة مزارعة، إن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام الذي يحكم منطقة الرقة ومحيطها الزراعي، أبلغ المزارعين أنهم أحرار في التصرف في محصول القمح كما يشاؤون ولو بالبيع إلى تجار أتراك.

الدولار الأميركي = 148.18 ليرة

دلالات

المساهمون