الجزائر تحاصر مصانع تجميع السيارات بالضرائب

10 يونيو 2018
مصاعب تواجه مصانع تجميع السيارات (فاروق بيطاش/فرانس برس)
+ الخط -

قررت الحكومة الجزائرية تضييق الخناق على مجمعي السيارات، إذ تتأهب لفرض ضريبة القيمة المضافة لأول مرة على السيارات المجمعة في البلاد، في خطوة ينتظر أن تزيد من متاعب المجمعين الذين تراجعت مبيعاتهم نظرا لمقاطعة الجزائريين بسبب الأسعار.

وحسب النسخة المعدلة من مشروع الموازنة العامة لسنة 2018، الذي حازت "العربي الجديد" عليها، فقد وضعت حكومة رئيس الوزراء أحمد أويحيى ضريبة على القيمة المضافة بنسبة 19%، على جميع السيارات المجمعة في الجزائر، سواء كانت السيارات السياحية أو السيارات النفعية (التجارية) والشاحنات.

وكانت الحكومة قد اقترحت في النسخة الأولى من المشروع الذي طالب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بمراجعتها، ضريبة بمعدل 9%، على السيارات التي يتم تجميعها في الجزائر، وتمثّلت مبرراتها في أن "أهداف الحكومة لصالح صناعات تجميع السيارات قد تحققت، لا سيما من خلال التعاقد مع الشركات الخارجية، غير أنه سيتم توجيه الجهود من خلال الحوافز الضريبية إلى صناعات تجميعية أخرى لا تزال في حاجة إلى الدعم".

وتعد هذه أول مرة تفرض فيها الحكومة ضريبة على المتعاملين الذين يملكون مصانع تجميع السيارات الذين استفادوا من مزايا، بينها إعفاءات ضريبية لمدة 5 سنوات، وينتظر أن تتبعها إجراءات أخرى في الأيام القادمة، حسب ما علمته "العربي الجديد" من مصدر داخل وزارة الصناعة الجزائرية، حيث تدرس حكومة أويحيى فرض رسوم جمركية على الهياكل المستوردة بنسبة ضئيلة في البداية.
ووفقاً للخبير الاقتصادي جمال نورالدين، فإن "فرض ضريبة على مصانع التجميع يعني أن المواطن هو الذي سيدفعها، وبالتالي فوكلاء تجميع السيارات أمام خيارين، إما تخفيض أسعار السيارات لامتصاص الزيادة الضريبية التي تقارب خمس سعر السيارة، أو أن يتركوا الأسعار مستقرة، ما يعني ارتفاع الأسعار التي يراها المواطن مرتفعة كثيرا وغير معقولة".

وأضاف المتحدث، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أن "الحكومة الجزائرية اقتنعت أخيرًا بأن الإعفاءات الضريبية التي منحتها للمجمعين لا تقابلها أشياء ملموسة من طرفهم لا على مستوى الأسعار ولا على مستوى رفع الاستثمارات ونسب الإدماج، حيث إن 9% فقط مصنع في الجزائر والباقي مستورد".

وتضاف هذه "المتاعب الضريبية" إلى متاعب أخرى يعاني منها مجمعو السيارات المعتمدين في الجزائر، على خلفية انفجار فضيحة "التلاعب بالأسعار" في شهر مارس/ آذار الماضي، بعدما نشرت وزارة الصناعة الجزائرية أسعار السيارات المجمعة في البلاد المُعلن عنها من طرف العلامات المعتمدة، والتي تعد بعيدة عن الأسعار التي تعرض في الأسواق.

وحسب الأرقام التي كشفت عنها وزارة الصناعة، فإن أسعار السيارات المجمعة محليا المُصرح بها من طرف المُصنعين لدى الحكومة، تعد أقل من الأسعار المعروضة في قاعات العرض بأكثر من 500 ألف دينار (نحو 5 آلاف دولار)، وتصل في بعض الأحيان إلى أكثر من مليون دينار (نحو 10 آلاف دولار) على الجزائريين.

ومنذ انكشاف "تلاعب" المجمعين في الأسعار، أطلق الجزائريون حملات مقاطعة للسيارات المجمعة في البلاد، كانت أبرزها حملة "دعها للصدأ"، والتي لا تزال مستمرة منذ 3 أشهرٍ، وأدت إلى تضرر مبيعات مجمعي السيارات.

وإلى ذلك، يقول الخبير في سوق السيارات أمين زهاني، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إن "الحكومة الجزائرية تسعى جاهدة إلى تسويق أن مصانع تجميع السيارات هي (مراهنة اقتصادية) ناجحة، رغم اقتناعها بأن المجمعين يقومون بعملية استيراد مقنّعة للسيارات التي تجلب أجزاء مركبة بنظام (SKD)، أي نصف مركبة، وبالتالي تجد الحكومة حرجا في معاقبة المجمعين مباشرة".

وأضاف الخبير نفسه أن "إقرار الحكومة للضريبة على القيمة المضافة على السيارات المجمعة في البلاد، هو تنبيه للمصانع من طرف حكومة أويحيى التي لم تعد تتقبل أي فضيحة أخرى لمجمعي السيارات، وسيكون لذلك أثر سلبي على المبيعات، حيث سترتفع الأسعار آليا بنسبة 19% في وقت يرى الجزائري أن الأسعار مرتفعة ومبالغ فيها".
يذكر أن عدد مصانع تجميع السيارات المعتمدة في الجزائر يبلغ 4 مصانع، وهي تابعة لعلامات "رينو" الفرنسية و"كيا" و"هيونداي" الكوريتين الجنوبيتين بالإضافة إلى "فولكس فاغن" الألمانية، في وقت حجزت الحكومة رخصتين، واحدة لعلامة "بيجو" الفرنسية والأخرى لـ"نيسان" اليابانية.

وتحول حلم مشاريع تركيب وتجميع السيارات في الجزائر إلى ما يشبه الكابوس، مع توالي الاتهامات للمصانع التي لم تنجح في الاتجاه نحو التصنيع داخل البلاد.

ودخلت سوق السيارات مرحلة عدم استقرار منذ 2014، عندما طرحت وزارة الصناعة دفتراً جديداً لتنظيم السوق، لكن سرعان ما قررت الحكومة تجميد العمل بدفتر الشروط، حتى نهاية سنة 2017 بعد طرحها لدفتر جديد.

وعقب ذلك، قررت الحكومة مطلع السنة الحالية منح 6 رخص فقط لممارسة نشاط تجميع السيارات.
المساهمون