التوصل الى تهدئة بين المقاومة في غزة والاحتلال

التوصل الى تهدئة بين المقاومة في غزة والاحتلال

13 مارس 2014
الهلع الذي أصاب مستوطنات الاحتلال (دافيد بويموفيتش getty)
+ الخط -
نجحت الاتصالات السياسية على خط مساعي ضبط الأوضاع بين المقاومة في غزة وإسرائيل، بالتوصل الى تهدئة وعدم السماح للأمور بأن تتدهور أكثر، وذلك بعد اتصالات إسرائيلية ــ مصرية، فضلاً عن اتصالات بدأتها قطر مع أطراف دولية "لدفع إسرائيل لعدم تصعيد الموقف في غزة" بحسب مصادر "العربي الجديد"، بموازاة اتصالات الدوحة مع الفصائل في غزة.
وقال القيادي في حركة "الجهاد الاسلامي"، خالد البطش، في تعليق على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك": "بعد جهود واتصالات مصرية حثيثة تم تثبيت التهدئة وفقا لتفاهمات 2012 التي تمت في القاهرة برعاية مصرية كريمة، شرط ان يلتزم العدو بتفاهمات التهدئة وعدم خرقه للاتفاق".
وكان البطش قد أعلن في وقت سابق أن الاستخبارات المصرية بدأت تجري اتصالات مع الحركة لتثبيت التهدئة ووقف التصعيد على القطاع.
كما أكد القيادي في "الجهاد الإسلامي"، داود شهاب، لـ "العربي الجديد"، أن المخابرات المصرية أبلغت حركته قبل قليل، التزام إسرائيل بتثبيت التهدئة التي أبرمت عام 2012، بعد جولة من التصعيد المتبادل، ردت فيها سرايا القدس على الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة.
وعلمت "العربي الجديد" من مصادر واسعة الاطلاع في غزة أن التهدئة التي جرى التوافق عليها، بدأت عند الساعة الثالثة بعد ظهر اليوم الخميس بالتوقيت المحلي.
وقال شهاب إن اتصالات متعددة جرت مع مصر، وقبل قليل أبلغنا "الأخوة" في المخابرات المصرية أن إسرائيل ستلتزم بالتهدئة، مؤكداً أن حركته أبلغتهم أنها ستلتزم بتثبيت التهدئة طالما التزم بها الاحتلال الإسرائيلي.
وأضاف شهاب: "أبلغنا الأخوة في مصر، بموقفنا الثابت، أننا لن نبادر بالتصعيد، سنلتزم بتثبيت التهدئة، شرط أن لا تعود إسرائيل لسياسة الاغتيالات، وإن عادت إسرائيل لانتهاك التهدئة سنرد بقوة وبحزم على كل ممارساتها وسنوسع دائرة الاستهداف".
ولفت القيادي بالجهاد إلى أن حركته لم تكن معنية بالتصعيد الميداني، غير أن الممارسات والانتهاكات الإسرائيلية دفعتها لذلك، مشدداً على أن "سرايا القدس التي قصفت قلب تل أبيب في 2012، لديها اليوم إرادة أقوى على خوض معركة كاملة مع العدو وإيلامه".
وفي وقت سابق، أكد مصدر موثوق في "حماس" لـ "العربي الجديد" أن قطر بذلت جهوداً على الصعيد الدولي والأممي لدفع إسرائيل لتهدئة الأوضاع في غزة خشية الانزلاق لحرب جديدة، مؤكداً أن الدوحة أيضاً تواصلت مع فصائل بغزة لتثبيت التهدئة.
ولم يصدر عن إسرائيل أي تصريح حول تثبيت التهدئة، غير أن مسؤولاً رفيع المستوى في وزارة الدفاع الإسرائيلية قال في وقت سابق إنه يتوقع انتهاء القتال عما قريب.
وقبل دقائق من إعلان التوصل الى وقف إطلاق نار، ضربت طائرات إسرائيلية أهدافا في رفح في جنوب غزة قرب الحدود مع مصر وأصابت ثلاثة فلسطينيين، وفق شهود عيان. وقال جيش الاحتلال إن "سبعة مواقع إرهابية" ضربت.
وقد مرّت ساعات ما بعد رد الفعل الإسرائيلي الأولى على عملية "كسر الصمت"، بهدوء نسبي، قبل أن يهدّد وزير الأمن الإسرائيلي بوغي ياعلون، في ختام جلسة لتقدير الموقف على الحدود مع القطاع، بأنّ "كل من يحاول إطلاق صاروخ باتجاه إسرائيل أو يكون ضالعاً في محاولة كهذه، يتحمل المسؤولية الشخصية ولن نتردد في ضربه في كل وقت". ووصف ياعلون القصف الإسرائيلي لقطاع غزة، الليلة وأمس، بأنه الأشد منذ عدوان "عمود السحاب"، مشيراً إلى أن "الثمن الذي ستدفعه التنظيمات في غزة سيكون باهظاً". واستخدم ياعلون تعبير "أنّ كل من يضربنا سيكون دمه في رأسه" أي مستباحاً. وحمّل ياعلون كلاً من حركة "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، المسؤولية عن إطلاق الصواريخ باتجاه الأراضي المحتلة.
وبعد دقائق من صدور التهديد، جاء الرد فلسطينياً، فذكرت الإذاعة الإسرائيلية ظهر اليوم الخميس، أن "الجهاد الإسلامي" استأنف قصف البلدات الإسرائيلية بصواريخ غراد التي يصل مداها إلى 40 كيلومتراً. وقالت الإذاعة إن الصواريخ سقطت في أسدود وعقلان، وسببت هلعاً في صفوف الإسرائيليين الذين هرعوا إلى المدارس لإعادة أبنائهم إلى المنازل.
وبعد استهداف غارات الاحتلال لـ 29 هدفاً في القطاع المحاصَر، رداً على سقوط عشرات الصواريخ ليل أمس الاربعاء على المستوطنات الإسرائيلية، ومصدرها غزة، لم يُسجَّل تصعيد كبير حتى ظهر اليوم. وفي حين اجتمع المجلس الوزاري الأمني المصغر لدرس نوعية الرد، استبعدت التقديرات أن يكون في نية الاحتلال شنّ حرب شاملة جديدة، لحسابات إسرائيلية أمنية وسياسية ودينية.
وتحدثت التوقعات الإسرائيلية عن "مصلحة مشتركة" بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني بعدم تصعيد القتال في المرحلة الحالية على الأقل، خوفاً من انهيار تفاهمات "عمود السحاب" التي أقرت لإسرائيل حق القيام بعمليات تمشيط واسعة على امتداد الحدود مع غزة، لمنع زرع العبوات الناسفة هناك. كل ذلك رغم حديث الإذاعة الإسرائيلية عن أن الجيش الإسرائيلي "يقوم بعمل مكثف"، لم توضح طبيعته.
وأوردت وسائل الإعلام العبرية، أن التعليمات التي صدرت للبلدات اليهودية في الجنوب، هي بـ "عدم عرقلة سير العملية التعليمية والحياة العامة، والالتزام بتوجيهات الجيش والجهات المختصة". وتنطوي مصلحة الحكومة الإسرائيلية على عدم تصعيد عدوانها، بسبب الاحتفالات بعيد "المساخر اليهودي" الذي ينطوي على مهرجانات شعبية في الشوارع والساحات العامة، وبالتالي من مصلحتها أن تتجنب أي ردود من الجانب الفلسطيني قد توقع ضحايا أو إصابات في الجانب الإسرائيلي، خصوصاً بعدما سقط 41 صاروخاً في الأراضي المحتلة، بعضها داخل حي سكني في سديروت.
وهو ما توقعه المحلل العسكري لـ"يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان، قائلا إن تل أبيب غير معنية، في المرحلة الحالية برد من شأنه أن يؤدي في حال تطوره إلى صدام متواصل، إلى القضاء كلياً على تفاهمات "عمود السحاب". واعتبر أن الأمر نفسه ينطبق على كل من "حماس" و"الجهاد الإسلامي" في قطاع غزة. أما موقع "هآرتس"، فقد نقل عن مصادر أمنية أن إسرائيل "قد تكتفي برد موضعي في حال وقعت هجمات إضافية".
إلى ذلك، أشارت الصحف الإسرائيلية الصادرة هذا الصباح، إلى أن إسرائيل تعتبر أن "حماس" هي الطرف المسؤول عن التصعيد في الجانب الفلسطيني، على الرغم من اعلان "الجهاد" عن مسؤوليته عن عمليات إطلاق الصواريخ باتجاه البلدات الإسرائيلية، ليل أمس الأربعاء.
وحاول وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، يوفال شطاينتس، صباح اليوم، الربط بين التصعيد العسكري الأخير من قبل "الجهاد الإسلامي"، من جهة، وبين سفينة الأسلحة "كلوس سي" التي قيل إنها محملة بأسلحة إيرانية من جهة ثانية، قائلاً إن "الجهاد" كان على ما يبدو "بانتظار تسلمه الأسلحة المتطورة التي تم ضبطها، ولكن وبعد إحباط محاولة تهريب الأسلحة، سارع إلى إطلاق الصواريخ المتوفرة عنده". لكن مصادر عسكرية أقرت لصحف إسرائيلية عدة، بأن تحرك "الجهاد" جاء إثر قيام الاحتلال باغتيال وتصفية أربعة من عناصره، في الأيام الأخيرة. وقالت "هآرتس"، في هذا السياق، إن "الجهاد الإسلامي" حصل على أوامر ومصادقة من قيادته الرسمية خارج القطاع، لشن هجماته الصاروخية على إسرائيل.
وتحاول إسرائيل التلميح إلى وجود توتر بين "حماس" وباقي الفصائل الفلسطينية، عبر الإشارة إلى ما تسميه "ضعف قبضة حماس" على هذه الفصائل، وعدم سعيها إلى تطبيق تفاهمات "عمود السحاب" بنحو مطْبق، لا سيما على امتداد الشريط الحدودي مع إسرائيل.