البورصات العربية ونظيراتها العالمية

البورصات العربية ونظيراتها العالمية

06 مايو 2015
الارتباط بين أسواق دول الخليج العربي الأكثر تميزاً (Getty)
+ الخط -
قد يعتقد البعض أن التعامل في البورصات في مختلف دول العالم بشكل عام، يتم في ذات الاتجاه من حيث البحث والاستنتاج والقرار في نهاية المطاف. وهذه الآليات طبيعية في كل بورصة أو مجموعة بورصات تشترك بعوامل، قد تكون متطابقة إلى حد كبير جداً، إلا أنها تبقى مختلفة في نمط تكويني أو تشريعي أو حتى في طريقة التعامل مع القطاعات التي تكون متشابهة بين عدد من البورصات.

فيما كشفت الأزمات المالية ذلك الاختلاف والاتفاق، فإن المتعاملين يجهلون جوهر الكثير من الاختلافات في أحاديثهم أو آرائهم التي تنم عن قصر في الرؤية الشاملة، ومن تلك الاختلافات التي تتأكد عبر معرفة ديناميكية كل بورصة على حدة، هو ذلك التكوين في العناصر الأساسية المؤثرة أو الأوراق المالية القيادية، والتي قد تكون ثابتة في بعض من البورصات ومتغيرة في بورصات أخرى.

ولمعرفة المفاتيح الأولية لأي بورصة، يجب أن يتم استقراء القيادة لأي ورقة مالية في جانب مراحل الإعلانات الفصلية، وجانب التأثر في العوامل المحيطة ليكون المتعامل على معرفة بكيفية التصرف في الأحوال الاستثنائية أو الطبيعية في التخارج أو البقاء في تلك البورصة، حتى يتجنب الخسائر التي تشكل محور فكر المتداولين من خلال العامل النفسي الطاغي على جميع الأسواق المالية.

وتعتمد الصناعة الغالبة للدولة على انتشار اقتصاديات الشركات في القطاع الخاص؛ والذي يمثل عصب البورصة في تلك الدولة، فعلى سبيل المثال وعندما تكون الدولة نفطية، يكون القطاع البتروكيماوي قائد البورصة، أما في الدول الصناعية الكبرى فإن مختلف الصناعات لها أوزان مختلفة، كما قد يكون لعامل الصناعة المالية في الدولة أثر مباشر في نشاط البورصة.

ومن أشهر التشابهات في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي الأسواق المالية الآسيوية أو ما عرفت بالنمور السبعة؛ وهي عدة بورصات آسيوية شهدت طفرات كبيرة ونشاطا غير مسبوق في التعامل في الأوراق المالية، حتى في أزمتها اتفقت في الانحدار والتراجع القياسي جراء حالة هلع اجتاحت تلك الأسواق.

أما في الألفية الحالية، فقد كانت الأسواق الأوروبية والأميركية هي الأقرب في التشابه، على الرغم من الانفصال الأميركي في معظم الأوقات؛ كون خصوصية الكثير من الدول الأوروبية في الانكشافات والتعثرات والتخلف عن السداد لمديونياتها، ومع ذلك فإن الارتباط العام ما بين الأسواق الأميركية، وبعض الأسواق ذات القوة المالية في أوروبا قد ارتبط اتجاه مؤشراتها وأدائها لحد كبير جداً، وخاصة في فترات الإعلان عن مراجعة أسعار الخصم والفائدة من المصارف المركزية لتلك الدول.

عربياً، إن الارتباط بين أسواق دول مجلس التعاون للخليج العربي الأكثر تميزاً ووضوحاً، بينما كان بعض أسواق دول الشام أقرب من ذلك الارتباط، مع تفاوت في أحجام التعاملات وفقاً لمستجدات الحالة الجيوسياسية مؤخراً، واستقرار النظام المالي من عدمه في تلك الدول.

وعلى الرغم من المشاركات العديدة بين الدول العربية، ووجود منظمة جامعة الدول العربية على مر عقود من الزمان، وعلى الرغم من وجود أساسي مشترك للشق المالي والاقتصادي في تلك المنظمة أيضاً، إلا أنها لم تحقق نجاحات تذكر في تقوية الارتباط الذي كان سيعمل على تقوية اقتصادية شاملة بين الدول العربية، كونها تعتمد على تدفقات السيولة من الدول الغنية باستثمارات خجولة؛ نظراً لحجم الفساد الإداري للدول الصغيرة.

وعملت شعارات التكامل الاقتصادي على أرض الواقع عكس ما هو مطلوب، لتبتعد مكونات القطاع الخاص عن التواجد الفعال في المنطقة العربية، وإذا ما لوحظ ذلك الاختلاف فإنه قد يستفاد منه إيجاباً، عبر تنوع المخاطر وفق ذلك الاختلاف، ولكن يبقى ضمان رأس المال الهاجس من الاستفادة في الدخول لمختلف الأسواق العربية وحتى الواعد منها.

غياب الدعم الحقيقي
ولا شك أنه يتطلب من القطاع الخاص أن يأخذ زمام الأمور، وإنهاء حالة الاعتماد على القطاع الحكومي في إدارة الشؤون الاقتصادية للدولة عبر الاستفادة الحقيقية من قطاع الشركات المتوسطة والصغيرة، والتي إن تم الاهتمام بها وازداد عددها، كان للاقتصاد شأن آخر يطور من الأسواق المالية، ويخدم المجتمع عبر توفير فرص حقيقية لخلق دورة السيولة النقدية وتقليل مخاطر التضخم.

وكانت لقاءات عديدة اقتصادية على مستوى القادة عبر السنوات الأخيرة سواء العربية منها أو المشتركة، قد شددت على ضرورة دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة بل وقد أنشأت صناديق كبيرة لذلك الأمر، ولكن دون تحقيق أي تنفيذ لخطط لو تم لها العمل لكان الارتباط بين الأسواق المالية العربية يشهد تطوراً كبيراً.

وتفتقر المنطقة العربية للصناعات الثقيلة التي تساعد على خلق الفرص المالية التمويلية طويلة الأجل؛ والتي تعطي استقرارا أكبر للبورصات، بحيث يعتمد على الإيراد المضمون والطويل الأجل؛ وهو ما يميز البورصات الأوروبية والأميركية دون سواها.
(محلل مالي كويتي)

إقرأ أيضا: الصناديق السيادية الخليجية:نمو عابر للحدود (ملف)

المساهمون