الاغتراب في الأغنية النوبية

الاغتراب في الأغنية النوبية

07 ابريل 2015
حمزة علاء الدين (Getty)
+ الخط -
غنّى حمزة علاء الدين "ما ليش عنوان"، وهكذا ظلّ قومه يغنّون، منذ تم تهجيرهم قسراً قبل حوالي نصف قرن. فظاهرة الاغتراب في الفن النوبي الأصيل شعراً وغناءً تمثّل عنصراً رئيسياً في بنيته الروحية.

وجد النوبيون في الغناء ملجأً وملاذاً يشكون من خلاله همومهم، ويحفظون من خلاله ما تبقى في نفوسهم من موروث، بعد أن غرقت بيوتهم وآثارهم المادية، وغمرتها مياه بحيرة السد العالي.

يقول النوبيون إنّ "زرياب" الذي أضاف وتراً خامساً للعود كان نوبياً". وهو ادعاء يكشف أهمية الفنّ في حياة هؤلاء الناس. وللنوبة هويتها الموسيقية الخاصة، بدءاً من الآلات التي ينطلق منها نوعا الأغاني السائدان، وهما أغاني الطنبور والطار. وإضافة لهاتين الآلتين، تنتشر آلات إيقاعية وموسيقية أخرى متداولة، مثل الصفارة المعدنية ذات الستة ثقوب، أو الثلاثة ثقوب، والربابة ذات الوتر الواحد، والرّق، وغيرها.

أما عن الاتجاهات الفنية، فيمكن أن نميّز بين مسارين انطلق فيهما الفنان النوبي. أحدهما الغناء النوبي الصافي الذي توارثته الأجيال. وهو غناء رصين بلغة خاصة لا يعرفها سوى أهل النوبة، تصاحبه إيقاعات مميزة، ورقصات متوازنة. أمّا المسار الثاني، فيمكن أن نتعرف إلى بداياته من خلال رائديه الكبار، أمثال، علي كوبان، وأحمد منيب، وحمزة علاء الدين ومحمد وردي.

استمتعت الجماهير بالمبدع علي كوبانا الذي أوصل الغناء النوبي إلى العالمية عبر حفلاته الأوروبية. كما قدّم العديد من الأغاني الفلكلورية بإيقاعات نوبية مطعّمة بموسيقى وأدوات غربية، فأعطى للفن النوبي نكهة أفريقية محببة.

كذلك عمل أحمد منيب على تحديث فن الغناء النوبي وتعريبه، حين قدّم مع الشاعر محيي الدين شريف أول أغنية نوبية في قالب الأغنية الحديثة. وعندما افتتحت إذاعة وادي النيل، طالب منيب وزميله أن تحظى الموسيقى النوبية بمساحة في الإذاعة المصرية، فقدّما برنامج "من وحي الجنوب". في حين كان حمزة علاء الدين سفيراً نوبياً فوق العادة.

عام 1964، سجّل حمزة أول ألبوم له بعنوان "موسيقى من النوبة". وفي العام نفسه، قدّم أوّل حفلة موسيقية له في أميركا. وعام 1968، سجّل ألبوم "الساقية"، فاكتسب شهرة وصيتاً ذائعاً في عدة دول غربية. كما وضع الموسيقى التصويرية لفيلم "الحصان الأسود". برز نجمه في أميركا مؤلفاً موسيقياً وأستاذاً للموسيقى العرقية بين 1980 و1990 في جامعات أوهايو وواشنطن وتكساس.

صار الغناء النوبي محط أنظار الدارسين. وقد حصلت الباحثة إيناس جلال مؤخراً في معهد الموسيقى العربية على درجة الدكتوراه في موضوع "الجذور النوبية في الغناء المصري". وكانت إيناس قد اتخذت من المطرب المعاصر محمد منير نموذجاً في دراستها. وإن كان بعض النوبيين يرون أنّ محمد منير ارتكب جرماً في حق الفن النوبي بتعدد سرقاته، وكثرة عبثه الموسيقي تلحيناً وتوزيعاً، تحت مسمى التطوير.

دلالات

المساهمون