الائتلاف الحاكم التونسي ورهانات سبتمبر: تغييرات وزارية تستثني الصيد

الائتلاف الحاكم التونسي ورهانات سبتمبر: تغييرات وزارية تستثني الصيد

21 يوليو 2015
أحزاب التحالف الحاكم تبدي ارتياحاً لأداء الصيد(فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
تؤكد المعلومات المتقاطعة التي حصلت عليها "العربي الجديد" أنّ رئيس الحكومة التونسية، الحبيب الصيد، باقٍ على رأس الحكومة التي ستشهد تغييرات قريبة في سبتمبر/أيلول إذا لم تحصل مفاجآت أو أحداث تؤجلها.

قيادات في أحزاب التحالف الحاكم (الذي يضم الأحزاب الأربعة نداء تونس والنهضة والاتحاد الوطني الحر وآفاق تونس)، تجزم لـ "العربي الجديد" بوجود هذا التوجه، مشيرةً إلى أن الصيد "أثبت كفاءة عالية في إدارة الأزمات، وصلابة واضحة في مواجهة الأحداث الأمنية الأخيرة".
كما تلفت المصادر إلى أن الصيد أدخل نوعاً من التغيير على طريقة إدارته للحكومة وللمؤسسات الهامة، وفي مقدمتها المؤسسة الأمنية. وانطلاقاً من هذه المعطيات، تعتبر المصادر أنه لا يوجد حاجة لتغيير الصيد، بحسب ما تدعو إليه بعض الجهات. لكن إن استبعاد إطاحة الصيد من منصبه لا ينفي وجود طموحات شخصية لدى بعض الأطراف التي ترى في تغيير رئيس الوزراء فرصة لخلافته.

اقرأ أيضاً: صيف الأسئلة الحارقة

وفي مقابل الارتياح لأداء رئيس الوزراء، ترى القيادات في الائتلاف الحاكم أنه لا بد من تغيير الحكومة والاتجاه بها إلى حكومة سياسية بامتياز، ما يعني أن عدداً هاماً من الوزراء التكنوقراط سيجدون أنفسهم خارج التشكيلة المقبلة.

وتؤكد المصادر نفسها أن حضور أحزاب التحالف في التشكيلة الوزارية المرتقبة سيجري تدعيمه، مشيرةً بشكل خاص إلى حركة النهضة "التي أثبتت نضجاً كبيراً وتسامياً على الخلافات الحزبية، ونزعة واضحة نحو خدمة القضايا الوطنية"، وفق تأكيد قيادي بارز في الاتحاد الوطني الحر لـ "العربي الجديد".

وكان رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، قد أشار منذ أيام إلى الحضور المحدود للحركة في الحكومة، قائلاً في إفطار مع شخصيات ليبية أواخر رمضان "نحن في تونس قمنا بتنازلات حتى نصل للوفاق، والآن في تونس هناك حكومة لنا فيها وزير واحد وعدد من كتاب الدولة، لكن وزننا في البرلمان أكبر من هذا ونستحق أكثر من هذا". وأضاف الغنوشي "لكن إذا كان التونسيون لا يتوافقون إلا بهذه الطريقة، بما يجعل حركة النهضة الكبيرة لا تأخذ سوى وزير واحد فهذا جيد بالنسبة لنا. ونحن قبلنا هذا الخيار لأن الخيار المقابل هو الإقصاء وخيار التشابك والذي ينتهي إلى قاتل"، داعياً الليبيين إلى التنازل والتوافق أيضاً.
ويلفت القيادي في الاتحاد الوطني الحر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، إلى أنه تم الاتفاق في صلب التحالف على حل مشكلة التعيينات في السلك الدبلوماسي، والمراكز القيادية البارزة في الدولة، بما يتلاءم مع تمثيل أحزاب الائتلاف، مع مراعاة شرط الكفاءة دائماً، والتعويل على كل القدرات الوطنية في هذا المجال.

اقرأ أيضاً: حكومة تونسية جديدة قريباً بتمثيل كامل لـ"النهضة"

وتسعى أحزاب الائتلاف إلى تجاوز عثرات البداية التي اتسمت بعدم التنسيق فيما بينها، وتضارب مواقفها بشأن العديد من القضايا الهامة التي طُرحت على جدول الأعمال في الحكومة والبرلمان على امتداد الأشهر الماضية.
وتشير مصادر قيادية في التحالف لـ "العربي الجديد" إلى أنّ الرباعي الحاكم تجاوز العديد من الهفوات التي شابت عمله خلال الفترة الماضية، وأنّ المجموعة بلغت مستوى جيداً في التنسيق، بعد تشكيل الهيئة التنسيقية التي تجمع قيادات الأحزاب الأربعة للتداول في مختلف المسائل المطروحة، ولا سيما في ما يتعلق بعمل الحكومة. ويُضاف إلى ذلك التنسيق المستمر مع الصيد والاجتماعات معه التي أصبحت دورية بشكل قلص الفجوة السياسية التي كانت موجودة بين الأحزاب من جهة والحكومة من جهة ثانية.
وتوضح المصادر نفسها أنّ التحالف الحكومي بصدد تجاوز الخلافات الكبيرة التي كانت موجودة بين بعض أحزاب التحالف، ومن أبرزها خلاف "آفاق تونس" و"الاتحاد الوطني الحر" الذي وصلت إلى حد التلاسن بين بعض قياداته.
كذلك تأمل هذه القيادات أن يتمكن حزب الأغلبية "نداء تونس" من تجاوز خلافاته الداخلية التي أثرت بشكل كبير على مستوى العمل الحكومي، والتنسيق مع باقي الأحزاب.
وتشير المصادر أيضاً إلى أنّ التحالف السياسي وليس الحكومي، قد يتوسع ليشمل أحزاباً أخرى عبرت عن رغبتها في دعم عمل الحكومة. ووفقاً للمصادر، فإنه يجري حالياً البحث عن آلية لوجود هذه الأحزاب ضمن التحالف السياسي والتنسيق معها، نافية أن يكون ذلك عبر دخولها إلى الحكومة أو إلى تنسيقية الأحزاب الأربعة.
وترجح المصادر أن يجري تشكيل هيئة سياسية أخرى لدعم عمل الحكومة في المرحلة المقبلة، مشيرةً إلى أنّ الحزب الذي عبر عن ذلك بشكل رسمي إلى حد الآن هو حزب "تيار المحبة" الذي أسسه الهاشمي الحامدي، المرشح الرئاسي السابق والمقيم حاليا في لندن. ويملك "تيار المحبة" تأثيراً شعبياً كبيراً في عدد من المناطق التونسية، وخصوصاً في الوسط مثل سيدي بوزيد وبعض مناطق الجنوب.

وتحتاج الحكومة إلى بذل جميع الجهود الممكنة والوساطات السياسية الفاعلة لتهدئة المناطق الساخنة، حتى تضع حدا لـ "تمردها" المستمر، الذي يبدو أحياناً تلقائياً وأحيانا أخرى بدوافع سياسية تسعى لإرباك الحكومة، وفق قراءة هذه القيادات، فيما يوجد إجماع لدى أحزاب التحالف أنّ كل الأحداث التي مرّت بها البلاد أخيراً حجبت التركيز على القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي لم يُحرز فيها أي تقدم.
وفي السياق، يقول القيادي من الاتحاد الوطني الحر لـ "العربي الجديد" إنّ "الظروف الاجتماعية قاسية لدى بعض الفئات الهشة حتى في أحياء داخل العاصمة فما بالك ببقية المدن البعيدة المتعبة منذ عقود". ويشير المصدر إلى وجود عزم لدى التحالف الحكومي وتوافق حول القضايا الكبرى والأولويات، ومن بينها "ضرورة الضرب بقوة وبسرعة في مقاومة الاٍرهاب والشروع الفوري في إصلاحات للوضع الاقتصادي، فضلاً عن بداية تنفيذ الوعود الانتخابية". ويؤكد القيادي في الاتحاد الوطني الحر أن الأولوية القصوى حالياً هي استعادة الهدوء الأمني، وبعث رسائل طمأنة إلى الخارج للحد من تراجع السياحة وهروب المستثمرين عن تونس.

اقرأ أيضاً: "عقبة بن نافع"... حكاية أبرز الجماعات التونسية المسلحة