في خضم التطورات الداخلية المتعددة، وفي ظلّ التصعيد المتواصل على الحدود بين باكستان والهند، قررت الحكومة الباكستانية عدم تمديد ولاية قائد الجيش الباكستاني السابق الجنرال راحيل شريف، وعيّنت الجنرال قمر باجوه خلفاً له، وهو معروف في أوساط الجيش والحكومة وحتى وسائل الإعلام الباكستانية بأنه لا يحب السياسات المتشددة التي تبنّاها شريف. وشكّل تعيين باجوه، من بين خمسة جنرالات، مفاجأة للباكستانيين، علماً أنه كان يسبقه جنرالان بحسب الأقدمية. وعلى الرغم من تعدد تفسيرات هذه الخطوة، إلا أن الأكثر ترجيحاً فيها هو أن الحكومة لم تكن راضية على قرارات قائد الجيش السابق، ولا سيما المتعلقة بأفغانستان والمنطقة. وأياً كان السبب وراء قرار الحكومة بعدم تمديد ولاية شريف قائداً للجيش، على الرغم من محاولات الأخير الضغط على الحكومة للتمديد، إلا أن كثراً يرون أن الحكومة راغبة في تغيير السياسات الحالية، لذلك اتُخذ قرار تعيين باجوه.
وإضافة إلى الملفات الداخلية، فإن أمام باجوه مواضيع خارجية مهمة، أبرزها العلاقات الباكستانية الأفغانية، والتصعيد الحدودي مع الهند، الذي ارتفعت وتيرته أخيراً، وطاولت المناوشات والهجمات الحدودية المدنيين في الطرفين. وكان أبرز تلك الأحداث مقتل عشرة مدنيين باكستانيين إثر استهداف القوات الهندية حافلة ركاب على الطرف الباكستاني من كشمير. كما هجّرت المواجهات الحدودية المستمرة، مئات الأسر لدى الطرفين.
في هذا الصدد، أفاد باجوه بأن "الأوضاع على الحدود الهندية الباكستانية ستتحسّن قريباً، وأن الوضع مأساوي، ولكن ليس إلى درجة توحي بوقوع أي نوع من الحرب بين الدولتين"، مشدداً في الوقت نفسه على أن "قيادة الجيش الجديدة سوف تحاول الحفاظ على المكاسب التي أحرزتها خلال الأعوام الماضية". مع العلم أن شريف كان دائم التشديد في الحديث حول الحدود مع الهند، على أن "باكستان سترد بالقوة، وأن الجيش قادر على ردع أي عدوان" وغير ذلك من التصريحات المماثلة، عكس ما يعبّر عنه باجوه.
وتعدّت تصريحات باجوه سياق الاختلاف مع سياسة شريف، إلى حدّ الاختلاف مع سياسة وزير الدفاع الباكستاني خواجه آصف، الذي نوّه إلى أن "الانتهاكات الهندية المتكررة للسيادة الباكستانية قد تتحول إلى حرب شاملة"، لافتاً إلى أن "أية حرب بين الجارتين النوويتين قد تدفع المنطقة صوب أتون حرب لا تحمد عقباها". تبقى مهمة باجوه الأساسية في تأمين تحسّن الوضع مع الهند، في ظل استمرار الهجمات المسلحة التي تستهدف مواقع عسكرية هندية، في ظلّ اتهام نيودلهي لإسلام أباد بالوقوف خلفها، على وقع الوضع المأساوي في الشطر الهندي من إقليم كشمير، خصوصاً أن باكستان أعلنت مراراً وقوفها إلى جانب الشعب الكشميري حتى حصوله على حقه، لا بل تواكب القضية في جميع المحافل الدولية.
أمنياً، وفي أحدث التطورات الأمنية في الهند، استهدف انتحاريون قاعدة عسكرية هندية في منطقة ناكروتا، في 29 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي في إقليم كشمير، ما أدى إلى مقتل سبعة جنود من الجيش الهندي، بينهم ضابطان. وأكدت الحكومة الهندية أن "باكستان هي التي تقف وراء هذه الهجمات، وأن الجماعات المسلحة التي تتخذ من المناطق الباكستانية مقراً لها هي التي تنفذ مثل هذه الهجمات".
بدوره، ذكر المتحدث باسم الخارجية الباكستانية نفيس زكريا في 30 نوفمبر الماضي، أن "نحو مليون جندي من الجيش الهندي تحصّنوا في إقليم كشمير، على الرغم من تحفّظات باكستان. وإن ما يجري من ظلم في كشمير على يد الجيش الهندي، لا تقبله باكستان، التي تطالب المجتمع الدولي بممارسة الضغوط على الهند لأجل الحفاظ على حياة الكشميريين العزل". كما شدّد زكريا على أن "باكستان سترفع قضية كشمير على كافة الأصعدة الدولية وتدعو الهند إلى حل جميع الملفات العالقة عبر الحوار، وحل قضية كشمير وفق قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن".
بالتالي، فإنه على الرغم من تأكيد قائد الجيش الباكستاني الجديد والخارجية الباكستانية العمل من أجل تحسين الوضع مع الهند، إلا أن الأمر يبدو بعيد المنال، بالنظر إلى الوضع في كشمير والهجمات المسلحة داخل الهند.