الأسعار ووعود السيسي

الأسعار ووعود السيسي

13 ابريل 2016
زيادة أسعار الوقود تترتب عليها زيادات في كل السلع(GETTY)
+ الخط -

 

لا أعرف من أين جاء السيسي بكل هذه الثقة حتى يعد المصريين بعدم حدوث زيادة في الأسعار خلال الفترة المقبلة مهما حصل لسعر الدولار، ولا أعرف ما هي الأسس الاقتصادية والمالية التي بنى عليها السيسي تأكيداته القاطعة حينما قال في خطابه أمس "لن يحدث تصعيد في أسعار السلع الأساسية مهما حصل للدولار.. الجيش مسؤول، والحكومة مسؤولة عن عدم ارتفاع أسعار السلع الأساسية... وعد إن شاء الله".

قد يقول بعضهم إنها مجرد وعود، والوعود جميلة خاصة في هذا التوقيت بالذات مع الغضب المتصاعد من قبل قطاع كبير من المصريين على خلفية التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، لكن في المقابل يجب أن تكون تصريحات كبار المسؤولين في الدولة منضبطة وواقعية، خاصة أن كل التوقعات تقول إن أسعار السلع والخدمات سترتفع في مصر خلال الفترة المقبلة لعدة اعتبارات اقتصادية بحتة أبرزها:


- الاعتبار الأول هو استمرار ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه على خلفية تراجع موارد البلاد من النقد الأجنبي، ولا يوجد في الأفق ما يشير إلى تحسن الموارد الدولارية في المستقبل القريب، وبالطبع فإن أي ارتفاع في سعر الدولار ينعكس مباشرة على أسعار السلع والخدمات داخل الأسواق، لسبب بسيط وهو أن مصر تستورد 70% من احتياجاتها من الخارج، كما أن مصر أكبر مستورد للقمح والذرة الصفراء في العالم، كما تستورد نحو 90% من احتياجها من الزيوت و40% من اللحوم وثلث احتياجاتها من السكر، وبالتالي فإن أي زيادة في سعر الدولار ترفع الأسعار، والملفت هنا أنه بينما كان يتحدث السيسي للمصريين كان الدولار يواصل الصعود في السوق السوداء، حيث قفز إلى 10.35 جنيهات.

- الاعتبار الثاني أنه مع عدم توفير البنوك النقد الأجنبي، خاصة الدولار، إلا للمواد الخام والسلع الوسيطة والتموينية والغذائية والأدوية ومستلزمات الإنتاج والألبان فإن القطاع الخاص من شركات ومصانع وتجار يشتري الدولار من السوق السوداء لفتح الاعتمادات المستندية الخاصة بدورة الاستيراد، ويتم تحميل المستهلك أي زيادة في سعر الدولار.

- الاعتبار الثالث أنه في ظل نقص إنتاج العديد من السلع داخل المجتمع بسبب المشاكل التي تواجه المستثمرين ومنها اضطرابات سوق الصرف ونقص الطاقة والفساد والبيروقراطية، وعدم وجود خطة بإعادة تشغيل نحو 5 آلاف مصنع مغلق خلال السنوات الخمس الماضية، فإن السوق تعتمد على الاستيراد في تلبية احتياجات المستهلك، ودورة الاستيراد مرتبطة بتطورات سعر الدولار.

- الاعتبار الرابع أن الحكومة تتجه لخفض الدعم عن بعض السلع والخدمات، فرئيس الوزراء شريف إسماعيل ووزير المالية عمرو الجارحي أعلنا قبل أيام عن خفض مخصصات دعم المشتقات البترولية بنسبة 42% في العام المالي الجديد، والخفض سيترتب عليه ارتفاع أسعار الوقود، وقد رأينا في فترات سابقة أن أي زيادة في أسعار الوقود تترتب عليها زيادات في كل السلع، بداية من الخضر والفواكه واللحوم ونهاية بأجور الأطباء وتكلفة النقل، كما أن تطبيق الحكومة ضريبة القيمة المضافة ورفع أسعار الكهرباء والمياه وغيرها تدفع تجاه زيادة الأسعار داخل السوق.



المساهمون