الأسد يتقدم بتسهيلات حلفائه

الأسد يتقدم بتسهيلات حلفائه

08 يوليو 2014
+ الخط -


انسحاب الكتائب الإسلامية المقاتلة من جبهة الشيخ نجار في حلب، والحديث عن هدنة في حي الوعر في حمص بين المقاتلين والنظام السوري، والهدوء الذي تشهده جبهات القلمون في ريف دمشق، وآخر الأنباء عن بدء إزالة الحواجز العسكرية في العاصمة دمشق، كلها أحداث تدل، شئنا أم أبينا، على تقدم قوات النظام السوري على مختلف جبهات القتال، بدءاً من حلب شمالاً، وصولاً إلى مدينة نوى في ريف درعا جنوباً.

لا يمكن التغاضي عن حقيقة ما يدور على الأرض، من تقدم عسكري واضح لقوات النظام السوري، والميليشيات المرافقة لها في مناطق عدة، آخرها كان في المدينة الصناعية بمنطقة الشيخ نجار شمال حلب، والسيطرة على قرى محيطة، تطور قد يغير من مسار المعارك في مدينة حلب، خصوصاً أن المناطق التي سيطر عليها النظام تعد طرق الإمداد الوحيدة للكتائب المعارضة في حلب وريفها، ما يعني حصار المدينة، وسط مخاوف من حصول هدنة على غرار ما حصل في حمص، وتسليم الأحياء التي تسيطر عليها المعارضة من دون قتال، في حين يدور في الكواليس حديث عن وجود خيانة كبرى من الفصائل المسؤولة، خصوصاً لواء التوحيد، عن حماية المدينة الصناعية وانسحابها دون أوامر عسكرية.

المخاوف من سيطرة النظام على حلب بالكامل تنبع من أن ذلك يعني نظرياً إنتهاء الثورة السورية، وذلك لأهمية المنطقة وما تعنيه معنوياً سياسيأ وعسكرياً للمعارضة السورية، التي لم تعد تستطيع الدفاع عن أي من المناطق التي تسيطر عليها لأسباب عدة منها؛ نقص الذخيرة والعتاد، وانخفاض عزيمة المقاتلين، وتراجع القدرة القتالية وعدم توفر دعم أو غطاء إقليمي، وسط حديث عن تغاضي تركيا عن دخول الطيران السوري لأجوائها والانطلاق لقصف مواقع للمعارضة في مناطق حدودية في ريف إدلب.

وبالتزامن مع محاولات إنقاذ الوضع في حلب، من قبل المجلس العسكري للجيش الحر والائتلاف الوطني، يتجدد الحديث عن عقد هدن بين النظام والمقاتلين في مناطق مختلفة، الأمر الذي يشير إلى عدم وجود رغبة في مواصلة القتال من قبل بعض الفصائل المعارضة، وتسليم الجبهات دون قتال كما حصل في أحياء حمص القديمة ومناطق برزة ومعضمية في ريف دمشق، للسماح بدخول المساعدات الإنسانية، ما يشكل خطراً فعليا على استمرار انتفاضة تلك المناطق.

المفاجأة الكبرى كانت في دمشق حيث بدأ النظام بإزالة الحواجز العسكرية في المدينة، وسحب الهويات العسكرية من العسكريين والمدنيين على حد سواء، وأعاد التيار الكهربائي إلى أغلب الأحياء دون انقطاع، وذلك لأول مرة منذ فترة طويلة، ما قد يعطي انطباعاً للدمشقيين تحديداً، بأن النظام لا يزال هو المسيطر، وأن الهدوء عائد لا محالة الى دمشق، وإلى غيرها من المدن، حتى لو كان ذلك ظاهرياً، فيما على أرض الواقع تستمر الاعتقالات والمداهمات دون توقف.

ما يدور الآن في جبهات القتال ما هو إلا استمرار لما بدأه النظام في القصير، ومن ثم يبرود والقلمون وحمص، والآن حلب، وفي حال استمر على ذات الوتيرة فإن النصر حليفه لا محالة، في ظل ما يلقاه من دعم عسكري ولوجستي من حلفائه، إلا أن نصر الأسد وإن تحقق سيكون البداية فقط، في وقت لا تزال فيه مناطق الرقة ودير الزور تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية، داعش، الذي بات يسيطر على أهم مصافي النفظ في منطقة الجزيرة السورية، بالمقابل يبني الأكراد السوريون آمالهم في تحقيق حكم ذاتي في مناطق سيطرتهم، ما يدل أن المرحلة المقبلة، وإن حقق نظام الأسد فيها نصراً، إلا أن الخريطة السياسية لسورية والمنطقة لن تكون كالسابق، ولا في أي حال من الأحوال.

A750A59C-42B4-430F-82F6-B5C073DD7A74
A750A59C-42B4-430F-82F6-B5C073DD7A74
غيث حدادين (الأردن)
غيث حدادين (الأردن)