الأردن: رفض شهادة غير المحجبة يفجر أزمة

الأردن: رفض شهادة غير المحجبة يفجر أزمة

21 مارس 2014
نساء أردنيات يتحدين حكما قضائيا "أرشيفية"
+ الخط -


أطلقت ناشطات أردنيات، على مواقع التواصل الاجتماعي، دعوة لتحرير جسد المرأة، رداً على قرار محكمة استئناف عمّان الشرعية اعتبرت فيه "المرأة غير المحجبة فاقدة لأهلية الشهادة".

ورأت الناشطات في القرار، الذي أميط عنه اللثام قبل يومين فقط، استمرارا لما اعتبرنه "ردّة فكرية واجتماعية في فكر وسلوك الذكورة التي لا ترى في المرأة كيانا أو قيمة أو إنسانية. إنها النظرة الحيوانية لجسد المرأة التي تنعكس على نظرتهم لفكرها وسلوكها"، كما كتبت الناشطة سوزان عفيفي على صفحتها الشخصية على الفيسبوك.

وتحت هاشتاغ "فتاوى هبل" و"لا للمحاكم الشرعية"، انتقد مدافعون عن الدولة المدنية قرار المحكمة، مطالبين بأن يكون القانون مرجعاً وحيداً للحكم وليس التفسيرات الخاضعة لمزاج القضاة.

وأجمعت ناشطات مدافعات عن حقوق المرأة، وخبراء في القانون الدستوري، على أن القرار يمثل انتقاصاً من قيمة المرأة التي كفل الدستور الأردني مساواتها مع الرجل.

ونقض قرار محكمة استئناف عمان الشرعية، قرار محكمة ابتدائية، بموجب طعن أثاره محام بعدم قبول سماع شهادة امرأة، لكونها سافرة (حسب وصف القرار)، وهو ما اعتبرته محكمة الاستئناف مانعا من عدالتها في الشهادة، ومؤثراً على نصاب الشهادة.

القرار صدر على خلفية قضية تفريق بين زوجين، وبحق شاهدة، قال القرار إنها "سافرة" أي لا تغطي شعر رأسها، وأدت شهادتها أمام القاضي وهي كذلك، واستند القرار إلى "الفقه الإسلامي ومذهب أبي حنيفة، مرجعا للقانون في اعتبار البيانات في الموضوع، وفي الموضوع عند عدم النص في القانون، هو في حرمة كشف رأس المرأة، واعتباره حراما، ومانعا من عدالة المرأة الموصوفة بذلك، وبذلك لا تقبل شهادتها".

وفي ردة فعل سريعة على القرار أصدر اتحاد المرأة الأردنية بيانا، أمس الأربعاء، قال فيه إن "القرار عاد وأكد على التمييز ضد النساء"، وأكد البيان أن لباس المرأة حرية شخصية يقرها الدستور والقانون ولا يجوز لأحد الطعن فيه طالما لا يخالف القوانين والنظام العام، وأن أي اعتداء على الحريات الشخصية يعد جريمة ويخالف صراحة الدستور.

من جهته، قال الدكتور ليث نصراوين، أستاذ القانون الدستوري في الجامعة الأردنية: "القرار يعتبر مخالفاً لمبدأ المساواة الذي نص عليه الدستور الأردني"، موضحا لـ"العربي الجديد" صعوبة الطعن في قرار المحكمة حيث تعتبر قرارات المحاكم الشرعية قرارات نهائية، داعياً إلى معالجة الأمر من خلال عودة المحكمة عن قرارها، الأمر الذي أيدته رئيس لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب الأردني، النائبة رولى الحروب.

وقالت الحروب لـ"العربي الجديد" إن "القرار يشكل اعتداء على الدستور الذي حمى الحريات الشخصية وصانها".

وأمام الجدل الذي شهده الشارع الأردني نتيجة للقرار، سارع مرجع في القضاء الشرعي إلى التصريح بأن "عدم ارتداء الحجاب لا ينقض الشهادة في الأصل، لكن الذي حصل في القضية أن قاضي الاستئناف عندما وجد أن قرار المحكمة الأولى (الابتدائية) يؤدي إلى التفريق بين الزوجين، اجتهد في حكمه، بناء على دفوع المحامي، بحيث لا يحصل تطليق الزوجين".

المصدر القضائي، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أشار في التصريح الذي بثته وكالة الأنباء الأردنية إلى أن "القانون الجديد للقضاء الشرعي فتح الباب أمام القضاة الشرعيين للاجتهاد، بناء على المذاهب الأربعة، وتحدث مثل هذه الاجتهادات".

وقال الدكتور حمدي مراد، أستاذ العلوم الشرعية في جامعة العلوم الاسلامية العالمية، لـ"العربي الجديد"، إن من حق القاضي في هذه الحالات أن يطلب من السيدة إعادة الشهادة للتأكد من صدقها، على اعتبار أنها غير ملتزمة، وفي حالات كثيرة يطلب القاضي تعزيزاً للشهادة.

وحاول القضاء الشرعي لملمة القضية من خلال التصريح الذي صدر عن المرجع الذي لم يعلن عن اسمه، لكن المحاولة لم تلجم اندفاع الناشطات والحقوقيات والمدافعين عن الدولة المدنية في المطالبة بإزالة كافة أشكال التمييز ضد المرأة الأردنية.

 

دلالات

المساهمون