الأتباع المتوقّعون للإرهاب.. عصاة يبحثون عن الخلاص (3- 3)

الأتباع المتوقّعون للإرهاب.. عصاة يبحثون عن الخلاص (3- 3)

18 مارس 2017
(احتجاجات مسلمي كشمير، تصوير: ياور نظير)
+ الخط -

في هذا المقال، نتابع الحديث عن الأسباب والدوافع الداخلية لانخراط الشباب في حركات التطرّف، حيث وصلنا إلى دافع يُعتبر هامًا ومحوريًا، بفهمه يمكن تفسير السلوك الخلاصي حيث يسعى الشباب إلى الانعتاق من الواقع الذي يعيشون فيه وصولًا إلى الصورة الرومانسية التي رسموها لنهاية حياتهم نهاية ملحمية.


3. طالبو الخلاص أو الموت المقدّس
وهم ممن يلتحقون بحركات التطرّف مثل تنظيم "داعش"، ظنًا منهم أنهم يخفّفون بذلك من وطأة خطاياهم السابقة، أو أولئك الذين يعانون على الأرجح من صدمة أو خسارة كبيرة في حياتهم، وينظرون إلى الموت على أنه السبيل الوحيد للخروج بمسمّى الشهيد بدلًا من شخص قد انتحر.

المعصية هي خطأ أخلاقيّ مبعثه إرادةٌ غير خيِّرة، ويُطلق بوجه خاصٍّ على مخالفة الأوامر الإلهيَّة، وإن العبارة التي تزعم أن التعصّب الوطني هو الملاذ الأخير للمنحلّين هزل ينطوي على شيء من الجدّ، كثيرًا ما تكون الوطنية المحمومة أو الحماسة الدينية أو الثورية مهربًا من تعذيب الضمير، ومن الغريب أن الجاني والمجني عليه، المجرم والضحية، قد يجدان في الحركة المتطرّفة الخلاص من حياة ملوّثة.

يبدو أن الشعور بالظلم والشعور بالندم يدفعان الناس في الاتجاه نفسه، حيث يظهر أحيانا أن الحركة المتطرّفة مصمّمة خصيصًا لتلائم احتياجات مرتكبي المعاصي، من حيث تطهير أنفسهم وإتاحة الفرصة لممارسة نزعاتهم ومواهبهم.

وقد لاحظ غازي القصيبي أن في المملكة العربية السعودية عددًا لا يستهان به من المنضمّين للخلايا الإرهابية كانوا في السابق يتعاطون المخدّرات، وهذا ينطبق على عدد من منفذي العمليات الإرهابية في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، ولعلّه من الصحيح أن المجرم الذي ينخرط في قضية مقدسّة يصبح أكثر استعدادًا للتضحية بحياته والقيام بأعمال عنيفة من غير المجرم الذي يقدّر حريّة الأنفس والأموال. بإمكاننا أن نعدّ الجريمة إلى حدّ ما بديلًا عن الحركة المتطرّفة.


نماذج للعصاة/ الإرهابيين
حادثة مدينة نيس الفرنسية – محمد منذر لحويج بوهلال: ما وجده المحقّقون الفرنسيون على هاتف محمد منذر لحويج بوهلال، الرجل الذي قام بقتل 84 شخصًا في متنزّه قرب بحر مدينة نيس الفرنسية، الخميس 14 يوليو/ تموز 2016، دهسًا بشاحنة كان يقودها كان مثيرًا للدهشة.

كانت الشرطة تتوقّع أن تجده شخصًا متدينًا، ولكنها وجدته عكس ذلك تمامًا، اتّضح أنه كان شخصًا منغمسًا في النشاطات الجنسية، وفقًا لما صرّح به مسؤول رفيع بالشرطة الفرنسية لصحيفة دايلي بيست الأميركية، وكان يمارس الجنس مع كلا الجنسين، وكان زبونه الأوفى رجلٌ يبلغ من العمر 73 عامًا، وفقًا لمصادر صحيفة Le Parisien.

كما اتضح من التقارير المسرّبة لتحقيقات الشرطة مع معارفه، أنه لم يكن مهاجرًا تونسيًا مضطربًا وحسب، بل كان مكتئبًا وغاضبًا ويمارس أنشطة مشبوهة.

يبدو أن بوهلال كان جزءًا من جيل جديد من الإرهابيين الفوريين، الذين يقرّرون فجأة التخلّص من حياتهم البائسة في مشهد مسرحي يهزّ العالم، ويمكن استغلال الكثير من الناس من هذه النوعية؛ كما أشارت الصحيفة الفرنسية لوموند في تقريرها عن بوهلال، مضيفة: "إن إثارة الدوافع المرضية لشدّ الأشخاص ذوي النفوس الضعيفة، هو جزءٌ لا يتجزأ من استراتيجية داعش".

حادثة مدينة أورلاندو بولاية فلوريدا الأميركية – عمر متين: عمر متين شاب أميركي مسلم من أصول أفغانية، قتل 50 شخصا وأصاب 53 آخرين في ملهى "بالس" الليلي للشواذ في مدينة أورلاندو بولاية فلوريدا الأميركية، يوم الأحد 13 يونيو/حزيران 2016، قبل أن تقتله الشرطة، وتبنى تنظيم الدولة الإسلامية الهجوم.

وتفيد تقارير واردة من الولايات المتحدة بأن عمر متين، منفّذ مذبحة نادي بالس الليلي للمثليين في فلوريدا، كان يرتاد النادي بانتظام خلال فترة طويلة، وكان شابًا متعصّبًا شديد الانفعال وسرعان ما يلجأ للعنف.

حادثة مطار بروكسل - إبراهيم البكراوي: البكراوي أحد منفذي العمليات الانتحارية في مطار بروكسل في مارس/ آذار 2016، كان قد حُكم عليه بالسجن تسع سنوات في أكتوبر/ تشرين الأوّل عام 2010، لإطلاقه النار على الشرطة خلال عملية سطو، وفقًا لما ذكرته شبكة الإذاعة والتلفزيون البلجيكية "RTBF" وشبكة "RTL" المتعاونة مع CNN.

المساهمون