اقتصاد لبنان يدور في حلقة الفساد

اقتصاد لبنان يدور في حلقة الفساد

14 أكتوبر 2015
من التحركات ضد الفساد في بيروت (حسين بيضون)
+ الخط -
في كل عام، تزداد أوضاع اللبنانيين سوءاً. الحكومة والمؤسسات العامة في حالة عجز وخسائر مستمرة. الأزمات الاقتصادية البنيوية تزداد ويزداد معها الدين العام. تشير مؤشرات وزارة المالية اللبنانية، أنه من عام 1992 نما الدين العام من 3 مليارات دولار ليصل في عامنا الحالي إلى 69 مليار دولار. هذه الديون المتراكمة يدفعها اللبنانيون من جيوبهم الخاصة، في الوقت الذي لا تؤمن الدولة أيا من حاجاتهم الأساسية. لا كهرباء، ولا ماء، فرص العمل شبه معدومة، لا تعليم جيّد، لا ضمان شيخوخة. 60% من اللبنانيين لا يشملهم الضمان الاجتماعي، 28% منهم يعيش تحت خط الفقر الشديد، وفق دراسات الأمم المتحدة. في الوقت الذي تتراكم الثروات في يد قلة قليلة من اللبنانيين.

في المقابل، يحل لبنان في المرتبة ما قبل الأخيرة في لائحة دول العالم التي تعاني من التبذير في الإنفاق الحكومية أو هدر المال العام، وفق ما ورد في تقرير التنافسية العالمية لعام 2015، وبالتقرير نفسه يحل لبنان في المرتبة 138/140 في مجال نوعية البنى التحتية والكهرباء.

يقول الخبير الاقتصادي ووزير العمل السابق شربل نحاس لـ "العربي الجديد" إن: "الناس يعتبرون أن الهجرة هي الحل. وهي هجرة بالاتجاهين، فنصف الشباب اللبناني يهاجر وفي المقابل نستورد عمالا أجانب لنستغلهم". ويؤكد أن "الحل يأتي حين يعترف الناس بوجود مشكلة. فمن يعترفون بأن هناك مشكلة هم أقلية فقط، أما الأكثرية فيبيعون كل ما يملكونه لتعليم أولادهم في جامعات محترمة ليسافروا لاحقاً، ذلك أن الإرادة غير موجودة لمواجهة هذا الوضع الشاذ". كما يشير نحاس إلى أن "الإنفاق على التعليم في لبنان هو ضعف الإنفاق في الدول الأخرى. البعض يهلل أن في لبنان 600 جامعة، من دون الانتباه أنه أصبح لكل سياسي جامعة خاصة به ". يؤكد نحاس أن المراهنة الوحيدة الآن هي "على الحراك الحاصل في لبنان، وهو الأمل المتبقي لتغيير الواقع السائد".

أما الخبير الاقتصادي، كمال حمدان، فيرى أيضاً أن الحل مشروط بتغيير هذه السياسة الموجودة، ويؤكد أنه في حال لم يكن هناك تغيير حاسم لإخراج هذا البلد من إطار النظام الطائفي لن يكون هناك أي تغيير.

"كل النتائج الاقتصادية في لبنان متدهورة، من الإنتاج إلى الاستهلاك إلى الدخل الأسري إلى الاستثمار حتى الودائع المصرفية للمقيمين وغير المقيمين" هذا ما يؤكده الخبير الاقتصادي إيلي يشوعي، ويعطي مثالاً عن "أداء الإدارات الرسمية وعدم الشفافية في موضوع المناقصات، فضلاً عن توسع التهرب الضريبي في المرافئ والمطار".

"في العادة موضوع التنمية يجري بالتدريج، فالدولة تبدأ بعملية التنمية، تستفيد منها وتبني عليها، أما لبنان فالعكس تماماً، ففي عام 1974 كان لبنان في قمة النمو والتنمية" هذا ما يشرحه يشوعي، مؤكداً أنه في 2015 وبدل من أن تتحقق نتائج التنمية سقط لبنان بشكل عمودي، وهذا أمر لا يحدث في أيّ من البلدان.

ويضيف يشوعي أن "الإنفاق يتصاعد والواردات إما محدودة أو تتراجع. ويعاني لبنان من مشاكل جمّة، سياسيّة، مالية، واجتماعية، ومطلبية". وبحسب يشوعي فإن هذا خير دليل على أن "الطقم السياسي الذي حكم منذ عام 1975، فاسد". ويتساءل يشوعي "ما هو الإرث الذي تركته هذه السلطة لشباب لبنان سوى التهجير والبطالة والحرمان والفقر وانسداد الأفق أمامهم؟ شروط الحياة مزرية. لقد فاقموا الديون على الخزينة وعلى اللبنانيين من دون أن يقدموا لهم أي شيء يذكر".

"طبعا هذا عدا عن الارتهان الكبير والتبعية المفرطة للخارج وفقدان لبنان لسيادته وللقرار الحر. فلا إمكانية لأن يجتمع السياسيون اللبنانيون ويتخذوا قراراً أو يتفقوا على قانون انتخابي. كل شيء معطّل. وبكل وقاحة يستمرون رغم كل جرائمهم التي يرتكبونها يومياً بحق اللبنانيين" يضيف يشوعي.

المساهمون