استراتيجيات الاتصالات في أسواق المال

استراتيجيات الاتصالات في أسواق المال

10 اغسطس 2015
أصبح استخدام شبكات الاتصالات يعتمد على البدائل (Getty)
+ الخط -
حقّق الكثير من القطاعات الحيوية الاقتصادية في أسواق المال العربية، مفاجآت غير متوقعة لدى العديد من المستثمرين سواء الاستراتيجيين أم مستثمرين آخرين كانت غايتهم من الاستثمار الحصول على فوارق سعرية سريعة داخل بورصة الأوراق المالية. وتعد هذه القطاعات الحيوية، وفق مفهوم سوق المال، أداةً للمضاربة، حيث تصنّف من باب الشراء لأصول متاحة للبيع. وقد سجلت تلك القطاعات الحيوية نتائج مذهلة سواء للمستثمر طويل الأجل أو قصير الأجل.

القطاعات التقليدية

تعد المصارف، كما هو معروف، حجر زاوية أساسياً في أي بورصة عالمية. فهي محط أنظار المستثمرين سواء المحليين أم الأجانب. إذ إن المصارف عادة ما تحقق نتائج متّزنة ومقبولة نوعاً ما بعيداً عن أي توترات سياسية يمكن أن تعصف بالبلاد، وبعيداً عن المخاطر المرتفعة.

وقد أثبتت التجارب التاريخية، ترافق نمو المصارف مع نمو الدولة، لا بل وأحياناً كثيرة يكون نمو المصارف أفضل من نمو الدولة، وقد تجلى ذلك في العديد من الدول النامية، إذ تمكن القطاع المصرفي من تحقيق معدلات نمو تفوق معدلات الدول بأشواط كبيرة وملحوظة.
من جهة ثانية، يحتل القطاع العقاري كذلك موقعاً مميّزاً داخل أسواق المال، وهو محط أنظار كبار المستثمرين والمضاربين، ويعد هذا القطاع من أبرز القطاعات التي حققت أرباحاً داخل البورصات العربية.

إذ يعتبر القطاع العقاري الذراع الاستثماري الأساسي في كثير من الدول إلى جانب القطاع الاستثماري التقليدي، أو شركات الخدمات المالية التي تعتبر بدورها أيضاً الذراع الآخر المكمّل في أسواق المال.

نمو القطاع التكنولوجي
منذ سنوات، برز دور القطاع التكنولوجي كمنتج يمكن الاستثمار به في أسواق المال، خاصة بعد إدراج العديد من الشركات أسهمها في البورصة. كانت بدايات هذا القطاع من أصعب ما مر على المستثمرين، خاصة في الدول المتقدمة، بسبب عدم معرفة الكثير من المتداولين محتوى ذلك القطاع من شركات، وصعوبة التنبؤ بمستقبله في ذلك الوقت. ومع التطور في أداء القطاع التكنولوجي، تمكنت الدول المتقدمة من إدارة هذا القطاع وفق استراتيجيات مالية مدروسة. في دولنا العربية، لم تكن لدى المستثمرين الدراية الكافية لمعرفة كيفية إدارة هذا المنتج بالشكل المطلوب.


وبعد سنوات، تمكنت شركات التكنولوجيا من تسجيل تألّق وحضور غير مسبوق. فقد برزت القيم الرأسمالية لتلك الشركات كعلامات بارزة في عالم أسواق رأس المال إلى جانب توسع استثمارات تلك الشركات بالشركات التابعة أو الزميلة.

ونتيجة لهذا التطور، برز قطاع الاتصالات كأداة بارزة للمضاربة، إلا أن بدايته لم تكن مجزية لدى المضاربين، ويعود السبب في ذلك إلى العقبات التي واجهته، وخاصة أن شبكات الاتصالات لم تكن تستوفي الجودة والنوعية المطلوبة، لاعتبارها أداة للمضاربة، بالإضافة إلى الخوف والتردد الذي اعترى المضاربين من الولوج في هذا المنتج الجديد. ولكن مع سرعة تطور التكنولوجيا المستخدمة للشبكات، بدأت رحلة القطاع بالتحوّل التدريجي من مجرد أداة لوجستية عسكرية كما كان متعارفاً عليه في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، إلى مفهوم تجاري ـ استثماري ينتج الكثير من الأرباح ويحقق الكثير من النمو والتطور المستمر في يومنا هذا.

نقله نوعية مميّزة
بطبيعة الحال، لم تكن المنطقة العربية بعيدة عمّا يجري من تحولات في الأدوات المالية العالمية، إلا أنها لم تكن سبّاقة في إدراج هذه القطاعات الحيوية كالقطاع التكنولوجي على سبيل المثال في بورصاتها، بسبب غياب الثقافة التكنولوجية والتقنية الحديثة من جهة، والمخاطر المرتفعة التي تعتري هذا القطاع من جهة أخرى. ولذا لم تكن بداية الاستثمارات في الكثير من الدول العربية لقطاع الاتصالات محفّزة لجذب سيولة تمويلية كافية من أجل اللحاق بالتطور التكنولوجي وتطوير أبراج الاتصالات حتى تصبح الشبكات المستخدمة متوافقة مع ما هو مقدم عالمياً. وبالرغم من الخوف والتردد، تمكنت العديد من البورصات من دفع القطاع التكنولوجي، خاصة قطاع الاتصالات، نحو المزيد من التقدم، حيث ازدهرت عبرها الاستثمارات في قطاع الاتصالات مع بداية التسعينيات لتبلغ خلال السنوات القليلة الماضية ذروتها بعد بلوغها مستويات رأسمالية عالية جداً.

وخلال السنوات الأخيرة، ومع ظهور الأجهزة الذكية، أصبح استخدام شبكات الاتصالات يعتمد على البدائل من استخدام للشبكة العنكبوتية (الإنترنت)، وهذا ما أدى إلى تراجع إيرادات الكثير من شركات الاتصالات دون أن تقوم تلك الشركات بالبحث عن البدائل الخدمية التي تساهم في تحسين عوائدها، وهذا ما أدى إلى أن نصل خلال العام الحالي إلى نتائج متراجعة من الأرباح هي بمثابة سابقة إذا ما قورنت بالسنوات الماضية.
(خبير مالي كويتي)

دلالات

المساهمون