اجتماع خليجي مفاجئ في جدة يناقش اتفاق الرياض

اجتماع خليجي مفاجئ في جدة يناقش اتفاق الرياض

03 مايو 2014
الكويت قادت وساطة لتقريب وجهات النظر (ياسر الزيات/فرانس برس/Getty)
+ الخط -

في خطوة مفاجئة، كشف الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، عبد اللطيف الزياني، اليوم السبت، في بيان موجز، أن وزراء خارجية دول الخليج عقدوا اجتماعا، اليوم، في جدة لمناقشة التقرير الذي رفعته اللجنة المكلفة بمتابعة تنفيذ آلية اتفاق الرياض. وقال إن الوزراء أكدوا أهمية مواصلة اللجنة أعمالها.


ويعد هذا البيان الأول رسمياً من الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي الذي يشير إلى هذه اللجنة، ففي أجواء من التكتم والسرية كانت لجنة أخرى من الخبراء تواصل اجتماعاتها طيلة الأسبوعين الماضيين. وكان وزراء خارجية السعودية والإمارات والبحرين، من جهة، وقطر من جهة أخرى، قد قرروا – منتصف أبريل/ نيسان الماضي- تشكيل لجنة على مستوى وكلاء الوزارات ومن في درجتهم هدفها بحث آليات تنفيذ اتفاق الرياض، الذي وقعه قادة دول الخليج في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي 2013، ولم يصدر عن هذه اللجنة أي تصريحات أو بيانات صحافية، إذ يبدو أن بين ما اتفق عليه وزراء الخارجية حجب تفاصيل الاتفاق على قائمة وسائل الإعلام التي تدعمها كل دولة.

ومن المنتظر أن تقدم هذه اللجنة في الأيام المقبلة تقريراً آخر بنتائج اجتماعاتها إلى وزراء الخارجية قبيل اجتماعهم التحضيري للقمة الخليجية التشاورية التي ستعقد في السعودية أواخر شهر مايو/أيار الجاري، وهو الأمر الذي يؤكد أن الأيام القليلة المقبلة ستكون حاسمة في ما يتعلق بنتائج المصالحة الخليجية، بعد مرور ما يقارب شهرين على صدور البيان المشترك الذي أعلنت بموجبه السعودية والإمارات والبحرين سحب سفرائها من قطر احتجاجا على سياساتها.

وساطات وتصريحات متضاربة

وبعد وساطة كويتية دامت طيلة شهر مارس/آذار الماضي، ولقاءات مباشرة سعودية قطرية، سرت أجواء من التفاؤل في الأوساط الخليجية حين اجتمع وزراء الخارجية في الرياض في السابع عشر من أبريل/ نيسان الماضي. ونتج من الاجتماع بيان مقتضب أكد موافقة الدول الخليجية على آلية تنفيذ وثيقة الرياض، غير أن السفراء لم يعودوا. وتضاربت التصريحات حول فهم ما تم الاتفاق عليه، بين من يصفها بالتنازلات التي ستتكشف قريباً وبين إصرار قطري على أنه لا تنازلات وبخاصة في شؤون سيادية لا تقبل التفاوض.

وأسهم الحرص على عدم إذاعة أي تفاصيل تتعلق بالخلاف الخليجي في شيوع آراء وتسريبات غير رسمية تتسم بالتباين، فبينما ربط وزير خارجية البحرين، خالد بن أحمد، عودة السفراء بنتائج اجتماعات اللجنة في الرياض. وأكد على أن هناك "شروطاً وبرنامج عمل وفترة زمنية لتنفيذ اتفاق الرياض"؛ رأى وزير الخارجية القطري خالد بن حمد العطية أن "الاختلافات انتهت ببيان الرياض وأنه لا تنازلات من أي طرف وأن أمر عودة السفراء متروك للدول نفسها".

من ناحيته، كان وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل قد أكد عدم وجود وساطة بين الدول الثلاث وقطر لمعالجة الأزمة، وأن الخلافات الخليجية تعالج داخل مجلس التعاون. وسارعت الخارجية السعودية لنفي أخبار صحافية قالت إن الفيصل أطلع رؤساء تحرير صحف سعودية على شروط يجب على الدوحة تنفيذها.

وفي السياق، أكد وزير الشؤون الخارجية العمانية، يوسف بن علوي، في لقاء صحافي، أن الأزمة انتهت وأصبحت من الماضي، وعاود، قبل يومين، ليؤكد من أنقرة أن الخلاف انتهى وأن الترتيبات جارية لعودة السفراء، يضاف لذلك كله تأكيدات مسؤولين رفيعي المستوى في الكويت غير مرة بنجاح الوساطة الكويتية في تطويق الخلاف.

ما هو اتفاق الرياض؟

ومن أجل فهم أوسع لخلافات البيت الخليجي؛ تجدر العودة لقراءة بيان سحب السفراء الصادر في الخامس من مارس/آذار الماضي، فهذا البيان هو المصدر الوحيد للمعلومات حول اتفاق الرياض الذي تدور حوله كل النقاشات ويبدو المرجعية الوحيدة لوزراء الخارجية الخليجيين، فالبيان يشدد على:
1. السير ضمن إطار سياسة موحدة لدول المجلس تقوم على الأسس الواردة في النظام الأساسي لمجلس التعاون وفي الاتفاقيات الموقعة بينها بما في ذلك الاتفاقية الأمنية.
2. الالتزام بالمبادئ التي تكفل عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي من دول المجلس بشكل مباشر أو غير مباشر.
3. عدم دعم كل من يعمل على تهديد أمن واستقرار دول المجلس من منظمات أو أفراد سواءً عن طريق العمل الأمني المباشر أو عن طريق محاولة التأثير السياسي.
4. عدم دعم الإعلام المعادي.

ويشير البيان إلى موافقة قطر على الاتفاق بحضور أميرها وأمير دولة الكويت والعاهل السعودي وتوقيع قادة دول الخليج على اتفاق الرياض في الثالث والعشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2013. كما يحيل البيان إلى اجتماعين آخرين، أولهما في الكويت بحضور أمير قطر وأمير الكويت ووزراء الخارجية الخليجيين في منتصف فبراير/شباط من العام الجاري وتم خلاله الاتفاق مجددا على وضع "آلية لمراقبة تنفيذ اتفاق الرياض"، وثانيهما اجتماع وزراء الخارجية في الرياض لبحث هذه الآلية التي رفضتها قطر ونتج من هذا الاجتماع العاصف في الرابع من مارس/ آذار الماضي صدور البيان المشترك بسحب السفراء.

وكان مجلس الوزراء القطري قد رد على بيان سحب السفراء بالإعراب عن أسفه، مشيراً إلى أن أسباب القرار تعود إلى خلافات خارج شؤون مجلس التعاون وأن لا علاقة للخطوة بمصالح الشعوب الخليجية وأمنها واستقرارها، بل باختلاف في المواقف حول قضايا واقعة خارج دول مجلس التعاون، وامتنعت قطر بناء عليه عن اتخاذ إجراء مماثل بسحب سفرائها من الدول الثلاث.

ويشير الرد القطري إلى الخلاف مع السعودية والإمارات في ما يتعلق بالموقف من أحداث 30 يونيو/حزيران في مصر، فبينما رأته قطر انقلاباً عسكرياً على الشرعية والعملية الانتخابية، سارعت السعودية والإمارات للاعتراف بالعهد الجديد ودعم وزير الدفاع السابق عبدالفتاح السيسي والرئيس المؤقت والعملية الانتقالية في مصر.

غير أن وسائل الإعلام في الدول الثلاث أصرت على أن الخلاف الخليجي يتجاوز الموقف مما يجري في مصر واستعادت ملفات أخرى، فالتسريبات الإعلامية تتحدث عن دعم قطر لمراكز أبحاث ووسائل إعلامية وشخصيات خليجية معارضة، بالإضافة إلى تحفظ عن السياسة القطرية في ما يخص عدداً من القضايا العربية والإقليمية. ومضت الصحف ووسائل الإعلام في الدول الثلاث تتناول سيناريوهات متعددة للموافقة على عودة السفراء، بينها إبعاد شخصيات خليجية وعربية مقيمة في قطر، وإغلاق قنوات ومراكز أبحاث، وبالتأكيد تغيير الموقف من جماعة الإخوان المسلمين وتحديدا ما يجري في مصر.

ويبدو أن مسألة الموقف من الإخوان يشوبها تعقيد يتجاوز ما توقعته الدول، التي سارعت للإعلان عنها كحركة إرهابية، ولا سيما أن بعض الدول الخليجية يحتفظ بعلاقات حسنة مع الإخوان في بلدانهم، وأن الموضوع متعلق بالموقف السياسي للإخوان أكثر مما يتعلق بالإرهاب. كما أن لقطر مطالب في ما يتعلق بشخصيات تقيم في دولة خليجية، وصحف خليجية تواصل الهجوم على قطر حتى بعد الاتفاق. فمن الواضح أن الأمور لا تسير باتجاه واحد كما جرى تقديمها مؤخرا في بعض وسائل الإعلام. من الواضح ان الرأي العام الخليجي، والسعودي تحديدا يدرك ذلك.

خطر التصدع وسيناريوهات الحل

وكان لافتا أن يختتم بيان سحب السفراء كلماته بدعوة قطر إلى الاستجابة لما سبق الاتفاق عليه "لحماية مسيرة دول المجلس من أي تصدع"، فقطر كانت إحدى الدول التي وافقت على مشروع الاتحاد الخليجي الذي رفضته عُمان بشكل صريح، وعزل أي دولة خليجية سيعني بدء تفكك المجلس وانهيار فكرة الاتحاد وربما اقتصاره على دولتين أو ثلاث ما يفرغه من مضمونه الأساسي.

ويرى متابعون للشأن الخليجي أن أمر المصالحة الخليجية بين الدول الثلاث وقطر يحتمل ثلاثة سيناريوهات: أولها أن يتم الاتفاق على آلية تنفيذ اتفاق الرياض وذلك بتوقيع قطر عليه أو نجاحها في إقناع الدول الثلاث بإلغاء بعض بنوده، وحينها ستبدأ الأمور في التحسن وصولاً لعودة السفراء. وثانيها أن ترفض قطر هذه الآلية فتلجأ الدول الثلاث أو بعضها إلى التصعيد، وثالثها أن يسارع قادة دول الخليج في قمتهم المقبلة في السعودية إلى إعلان مصالحة مؤقتة وأن يرحلوا الخلاف إلى اجتماعات وزراء الخارجية والقمة الاعتيادية المقبلة في ديسمبر/كانون الأول. وربما تحل المسائل بتعديل مواقف الدولة كافة من القضايا المطروحة قبل ذلك.

وأيا يكن الأمر فالاجتماعات الخليجية المتواصلة توحي للمتابعين بحرص دول الخليج على معالجة هذه الأزمة سريعا قبل تفاقمها، إذ تؤكد البيانات الصادرة عن كل اجتماع أهمية استقرار هذه الدول والحفاظ على مكتسبات وإنجازات التعاون الخليجي.

المساهمون