اتحاد جمهوري ضدّ كلينتون لا يلغي الانقسام حول ترامب

اتحاد جمهوري ضدّ كلينتون لا يلغي الانقسام حول ترامب

22 يوليو 2016
اعتراضات من بعض المندوبين على كلام كروز(جيم واتسون/فرانس برس)
+ الخط -
لا شيء يوحّد الجمهوريين أكثر من العداء الدفين في داخلهم تجاه المرشحة الديمقراطية للرئاسة الأميركية هيلاري كلينتون. الهجوم العنيف المركّز على كلينتون خلال المؤتمر الوطني الجمهوري في كليفلاند، لم يهدف إلى شيطنتها فقط، بل كان محاولة لتجييش الناخب المحافظ وتوحيد الحزب في معركة الانتخابات العامة.
بعد فوضى الأيام الأولى، بدأت حملة المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترامب باستعادة توازنها في مؤتمر كليفلاند في ولاية أوهايو، لكن غياب الإجماع الجمهوري بقي طاغياً على المداولات الحزبية. السيناتور المحافظ عن ولاية تكساس، تيد كروز، سرق الأضواء عندما امتنع في خطابه عن إعلان تأييده الصريح لترشيح ترامب للرئاسة الأميركية، داعياً الأميركيين إلى التصويت "بضميرهم" في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
التفسير التلقائي لموقف كروز هو تهجّم ترامب على عائلته خلال الانتخابات التمهيدية، لكن هذه الخطوة تعكس أيضاً الانقسامات داخل التيار المحافظ، بين القاعدة التي تدعم ترامب، والنخب التي لا ترى فيه محافظاً أصيلاً. خطاب كروز كانت فيه إشارات واضحة إلى أنه لا يريد أن تفوز كلينتون بالانتخابات الرئاسية، لكنه لا يمانع خسارة ترامب. أفكاره حول مفاهيم الدستور الأميركي أعادت تسليط الضوء على مبادئ المحافظين كأنه يلقي خطاب الترشح للرئاسة بعد أربع سنوات.
على عكس المؤسسة الحزبية التي غابت بشكل تام عن كليفلاند، خاض كروز وحلفاؤه انتفاضة ناعمة ضد ترامب من على أرض مؤتمر كليفلاند. وعمّق كروز مفاعيل هذه الحرب الأهلية الجمهورية الدائرة منذ عام 2009. وقبل دقائق من انتهاء خطاب السيناتور عن تكساس، عندما اتضح أنه لن يدعم ترامب بشكل صريح، وقف أحد المندوبين وصرخ: "هذا كلام فارغ لا يكفي، يجب أن تقول إنك تريد أن تجعل أميركا عظيمة مجدداً"، في إشارة إلى شعار ترامب الرئاسي. وعندما أنهى كروز خطابه، علا صراخ الاستهجان في القاعة، قبل أن يدخل ترامب بشكل مفاجئ في خطوة مدروسة لصرف أنظار الإعلام.
واحد من أبرز القيادات المحافظة في الولايات الجنوبية، فضّل عدم الكشف عن هويته، سرد لـ"العربي الجديد"، قصة الساعات الأخيرة خلال المؤتمر لمحاولة إقناع كروز بدعم ترامب، مشيراً إلى أن السيناتور عن تكساس قد يدفع ثمن هذا الموقف في انتخابات عام 2020. وقال في هذا السياق: "إذا وصل إلى مركز متقدّم في الانتخابات التمهيدية بعد أربع سنوات، سيقول له مناصرو ترامب لن ندعمك لأنك لم تدعمنا. أعتقد أن طموحات كروز الرئاسية انتهت".


أبعد من الجدل الذي أثاره كروز، فإن خطابات اليوم الثاني والثالث من المؤتمر التي كانت تحت عناوين الاقتصاد وفرص العمل والوطنية، ركّزت بدلاً من ذلك على مواصلة تشكيل ادعاء عام ضد كلينتون، والدعوة إلى محاكمتها وزجّها في السجن نتيجة الاعتداء على القنصلية الأميركية في بنغازي عام 2012 وفضيحة استخدامها البريد الإلكتروني الخاص بها خلال توليها وزارة الخارجية. يأتي هذه الهجوم المركّز في وقت هناك أصوات جمهورية تعلن نيتها التصويت لكلينتون في الانتخابات العامة، وبالتالي تهدف حملة ترامب أيضاً إلى رفع الثمن الشعبي لتأييد أي جمهوري لكلينتون.
وإذا كانت كل هذه المشاكل لا تكفي للجمهوريين، فإن حاكم ولاية أوهايو والمرشح الرئاسي السابق جون كاسيك، سبّب أيضاً المتاعب عندما رفض حضور المؤتمر الذي تستضيفه ولايته، وانتقد كل هذا الأسبوع حملة ترامب من دون أن يسميها. ومن المعروف أنه لا يمكن لأي مرشح رئاسي جمهوري أن يفوز في الانتخابات الرئاسية العامة من دون كسب أوهايو، وكاسيك بشعبيته الواسعة في هذه الولاية المحورية قد يقضي على حظوظ ترامب الرئاسية، ما جعل المرشح الجمهوري يتريث في التهجم على كاسيك.
وكان هذا الأسبوع مفصلياً في تاريخ الحزب الجمهوري. فالرجل الذي صنع هذه الغوغائية في التيار المحافظ، جورج إيلز، اضطر إلى الاستقالة من منصبه كرئيس لشبكة "فوكس" الإخبارية، ليطوي صفحة تأجيج الخطاب اليميني في السياسة الأميركية. التحوّل الثاني كان خروج الانقسام داخل التيار المحافظ إلى العلن، لا سيما التشكيك من النخب المحافظة بترامب، على الرغم من اختياره حاكم إنديانا، مايك بنس، كنائب للرئيس، وهو أحد أبرز وجوه القاعدة الإنجيلية المؤثرة في الحياة العامة.
أمام ترامب اليوم فرصة قد لا تتكرر في صياغة خطاب قبول ترشيح الحزب، وينتظر الأميركيون بأي وجه سيخرج وما إذا كان سيخاطب الناخب الأبيض المحافظ فقط أو يتفهم مقتضيات وطبيعة الانتخابات الرئاسية العامة. بعد كل الإهانات التي وجّهها يميناً وشمالاً منذ العام الماضي، أمام ترامب فرصة لبداية تصحيح الصورة النمطية عنه لتعزيز حظوظه الرئاسية بمواجهة مرشحة ديمقراطية لديها أيضاً ما يكفي من المشاكل والفضائح التي تقلق الكثير من الأميركيين.


المساهمون