إبراهيم محلب..قراءة في صحيفة الحالة الجنائية

إبراهيم محلب..قراءة في صحيفة الحالة الجنائية

26 فبراير 2014
+ الخط -

 

....إبراهيم رشيدي محلب محمد، والشهير بـ"إبراهيم محلب"، ثاني رئيس للوزراء في الحكومة المؤقتة، ارتبط اسمه بنظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، وبحور الفساد التي صاحبت فترة حكمه طوال 30 عامًا، حيث إن "محلب" هو أحد أبرز رجال أعمال الحزب الوطني المنحل، وكان عضوًا بلجنة السياسات بالحزب، وعينه الرئيس المخلوع حسني مبارك عضوا بمجلس الشورى عام 2005.

 

في عام 2001، عُين "محلب" رئيسًا لمجلس إدارة شركة المقاولون العرب، ومن هنا بدأت رحلة الفساد مع كبار رموز مبارك، فيكفي أن تعرف من عيّنه حتى تعرف حجم الفساد الذي دخل فيه، فقد عُين "محلب" بقرار من وزير الإسكان الأسبق محمد إبراهيم سليمان ، وهو أكثر وزراء مبارك من حيث عدد قضايا الفساد المقامة ضده، فهو مسجون ومحبوس على ذمة عشرات قضايا الفساد والاستيلاء على المال العام وأراضي الدولة وتسهيل الاستيلاء عليها، وقد حكم عليه في بعضها بالفعل.

ففور تعيين "محلب" رئيسًا لمجلس إدارة شركة المقاولون العرب، قدم فروض الولاء والطاعة و"رد الجميل" للوزير صاحب الفضل عليه "إبراهيم سليمان"، حيث كشفت تقارير هيئة الرقابة الإدارية، قيام شركة المقاولون العرب، بأعمال ترميم وصيانة وتجديد للفيلتين المملوكتين لـ"سليمان"، الأولى كائنة بالوحدة رقم 64 بشارع العروبة بمصر الجديدة بالقاهرة، والثانية في الوحدة رقم 9 شارع رمسيس بالقاهرة.

من هنا بدأت سلسلة الفساد، ولم تمضِ شهور قليلة، حتى وصلت إلى المخلوع مبارك ونجليه علاء وجمال، حيث اتُّهم "محلب" في القضية الشهيرة إعلاميًا بقضية "قصور الرئاسة"، بتسهيل استيلاء مبارك ونجليه علاء وجمال على مبلغ 125 مليون جنيه من أموال الدولة، ممثلةً في ميزانية الرئاسة.

حيث كشفت التحقيقات في هذه القضية أنه في الفترة من عام 2002، أي بعد شهور قليلة من تولي "محلب" منصبة رئيسًا للمقاولون العرب، وحتى شهر فبراير 2011، تاريخ تنحي مبارك عن السلطة، قامت شركة المقاولون العرب عن طريق الإسناد بالأمر المباشر بإجراء أعمال إنشاءات وتشطيبات وديكورات في المقار العقارية الخاصة بمبارك ونجليه علاء وجمال.

وتمثلت هذه الأعمال بمنطقة مصر الجديدة وجمعية أحمد عرابي ومرتفعات القطامية "القطامية هايتس"، وشرم الشيخ، ومارينا، بالإضافة إلى مكاتب علاء وجمال بشارعي السعادة ونهرو بمصر الجديدة، ودفع قيمة تكلفة تلك الأعمال من الميزانية المخصصة لرئاسة الجمهورية.

 

وقضية قصور الرئاسة بمجرد فتح التحقيقات فيها نهاية عام 2012، علم "محلب" بالقضية، فتقدم باستقالته في سبتمبر 2012، وغادر البلاد متوجهًا إلى المملكة العربية السعودية، وعمل في مجال المقاولات، وتولى منصب رئيس مجلس الأعمال المصري السعودي.

وعقب انتهاء الجزء الأول من التحقيقات، وتحديدًا في أواخر شهر مايو/أيار 2013، أمر النائب العام الأسبق المستشار طلعت عبد الله – في عهد الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي والمعزول من قبل الجيش في 3 يوليو/تموز 2013 – بإحالة مبارك ونجليه إلى محكمة الجنايات، واستكمال التحقيقات بالقضية لإرفاق مذكرة بها بما يستجد من متهمين.

وكشف مصدر قضائي في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، أن "محلب" كان موضوعًا على قوائم المنع من السفر، كما تم إدراج اسمه على قوائم الترقب والوصول؛ وذلك على خلفية اتهامه في قضية قصور الرئاسة، وأنه كان من ضمن المتهمين في التحقيقات التكميلية لقائمة المتهمين المتورطين في تسهيل الاستيلاء على المال العام للدولة.

 

وأضاف المصدر، أنه عقب الانقلاب العسكري في البلاد، تم الاتصال بـ"محلب"، ليتولى حقيبة وزارة الإسكان، إلا أنه أخبرهم أنه ممنوع من السفر، واسمه مدرج على قوائم الترقب والوصول، وأنه سيتم ضبطه بمجرد وصوله للمطار، فتم إبلاغه أن الجهات المعنية ستتولى الأمر وسيتم رفع اسمه من قوائم الترقب والوصول، وهو ما حدث بالفعل!

 

وعقب عودة محلب من الخارج وتوليه وزارة الإسكان، كان رجل النظام الانقلابي بقوة، وتشير أصابع الاتهام إليه أيضًا بأنه كان ضمن العقول المدبرة والمتحمسين لفكرة فض اعتصامي ميدان "رابعة العدوية" بمدينة نصر بالقاهرة، و"النهضة" بالجيزة.

ففي يوم الثلاثاء الموافق 13 أغسطس/آب 2013، ليلة فض الاعتصامين، تقابل مع النائب العام المصري المستشار هشام بركات، ونقل إليه تفاصيل خطة فض الاعتصام التي تمت مناقشتها في حكومة حازم الببلاوي، وكيفية التحرك في المرحلة التي تليها.

كما أنه في ذات اليوم حضر أيضًا رئيس نادي القضاة المصري المستشار أحمد الزند، وتم بحث بعض الملفات الخاصة باتهام المستشار أحمد الزند والمتعلقة بالاستيلاء على أراضي الدولة, وبحث الوضع القانوني مع "محلب" بحكم كونه وزيرًا للإسكان وقتها.

كما تمت مناقشة قضية قصور الرئاسة أيضًا، وتم إبعاد "محلب" من القضية بالفعل، والاكتفاء بإدخال مسؤولين فقط "كبش فداء"، من المهندسين بشركة المقاولون العرب، وهما عبد الحكيم منصور، وماجدة أحمد حسن.

 

كما اتُّهم "محلب" من قبل في قضايا الفساد المحبوس بمقتضاها وزير الإسكان الأسبق محمد إبراهيم سليمان، إلا أنه تصالح في بعضها، وخرج من قائمة المتهمين في البعض الأخر، ولا تزال التحقيقات قائمة في قضايا أخرى تتعلق في "عمولات" حصل عليها من مناقصات أسندت لشركة المقاولين العرب بالأمر المباشر خلال توليه رئاسة مجلس إدارتها، وقيامه مقابل ذلك بفتح الشركة ملكية خاصة لمبارك ووزرائه ورجاله بالدولة، وتسهيل استيلائهم على أموال الدولة، بحكم أن شركة المقاولون العرب هي شركة حكومية تابعة للدولة.

 

و"محلب" من عائلة "فلولية" أصيلة قريبة من النظام، حيث إن لديه قريباً يدعى علاء السيد محلب، وهو رائد بقطاع الأمن الوطني بدمياط، وكان يعمل سابقا ضابطاً بفرع مباحث أمن الدولة المنحل بدمياط، وكان من ضمن 40 ضابطًا من كبار قيادات أمن الدولة المتهمين بـ"فرم" مستندات وملفات أمن الدولة، وهي القضية الشهيرة التي أعقبت ثورة 25 يناير 2011 مباشرة، أثناء محاوله الثوار اقتحام مقار مباني أمن الدولة على مستوى الجمهورية.

 

كما ذكرت بعض التقارير أن من أشهر قضايا الفساد المتعلقة بـ"محلب"، قيامه بتسهيل تمليك رئيس المخابرات العامة الأسبق اللواء عمر سليمان  50 فدانًا خلف نادي القاهرة بالتجمع، وهذه الأرض معروف عنها أنها ملك المقاولون العرب، الأمر الذي دفع عمر سليمان لتوجيه الشكر لمحلب والشركة ثلاث مرات، كما أن عمر سليمان هو من ساعد على إعطاء شركة المقاولون العرب مناقصة بالأمر المباشر لتجميل ورصف جميع ميادين مصر.