أوكرانيا ودونباس: شريط عازل أم حدود ؟

أوكرانيا ودونباس: شريط عازل أم حدود ؟

22 سبتمبر 2014
شريط عازل يفصل دونباس عن أوكرانيا (اناتولي ستيبانوف/فرانس برس)
+ الخط -

شريط فاصل بعرض 30 كيلومتراً، يبعد المدافع عن المدافع والقلوب عن القلوب ويرسم واقعاً جديداً لأوكرانيا التي تقطع جسدها سكيناً الحلمين الأوروبي والروسي، إلى نصفين، أم هي مصالح طواغيت المال غير معنية بأحلام بسطاء الناس الذين يدفعون الأثمان من دمهم ولحمهم؟

وبينما ترفع الأنقاض وبقايا الحديد الذي فل بالحديد، يتفق أوكرانيو أوروبا وأوكرانيو روسيا، والأصح ممثلو أوروبا وروسيا، في مينسك، على شريط عازل يفصل إقليم دونباس عن أوكرانيا، بعدما أقر البرلمان الأوكراني وضعاً خاصاً لهذا الإقليم يمنحه ما انتفض من أجله سكانه وحرمهم إياه ميدان كييف الذي انقلب على فيكتور يانوكوفيتش، ونحا منحى قومياً في الداخل، وأوروبياً وأميركياً في الخارج، مقابل مزيد من التزمت الروسي جنوب شرق أوكرانيا.

البرلمان الأوكراني يقر و"دونباس" تريد المزيد

أراد روس أوكرانيا اللغة الروسية لغة رسمية أولى في أقاليمهم فكان لهم ذلك، فماذا يريدون أكثر وقد تم العفو عمن شارك منهم في القتال ضد كييف؟ أم كان ينبغي زج آلاف الأرواح في أتون المعركة للعودة إلى نقطة الصفر؟ يبدو أن حسابات كييف كانت مختلفة، فيما أحلام الانفصاليين إلى ازدياد.

في السادس عشر من الشهر الجاري، أقر البرلمان الأوكراني (رادا) قانوناً عن وضع خاص لمنطقتي دونيتسك ولوغانسك يتيح لهما إدارة ذاتية لمدة ثلاث سنوات، وقانوناً آخر يقضي بالعفو عن المشاركين في التشكيلات المسلحة في شرقي أوكرانيا.

ووفقاً لوكالة" إنترفاكس"، فإن القانون الجديد ينص على حق استخدام اللغة الروسية كلغة أولى وعلى تطويرهما اجتماعياً واقتصادياً نحو استعادة البنية التحتية التي دمرتها الحرب.

ولم تحل الحقوق التي أقرها البرلمان الأوكراني، دون اعتراض قيادة الانفصاليين، ويقول رئيس وزراء جمهورية دونيتسك الشعبية المعلنة من جانب واحد، الكسندر زاخارتشينكو، إن "القانون عن وضع خاص بنا، يعني الاعتراف باستقلالنا" ويضيف، وفقاً لموقع "ديالوغ. يوآ" الأوكراني، معلّقا على اجتماع لجنة الاتصال الثلاثية في 20 الشهر الجاري، بمينسك:" لم تطرح في المفاوضات، مسألة أن تبقى (أي الجمهوريات الانفصالية) في عداد أوكرانيا، هذا السؤال لم تتم مناقشته، ولدينا رأينا في الأمر، كما لدى أوكرانيا رأيها".

ويؤكد بصورة أقرب إلى ورقة ضغط تفاوضية للمستقبل "أننا متمسكون بموقفنا السابق كما تمسكنا به من قبل، فكل منا يفهم القانون عن الوضع الخاص لهذه الأراضي بطريقته، ولذلك فهذه مسائل لمفاوضات ستستمر عاماً آخر، كي لا يبقى أي سؤال عالقاً".

وأما بشأن مفاوضات مينسك وما انتهت إليه، من تأكيد وقف إطلاق النار وإقرار الشريط العازل، وتأكيد كييف التزامها بقرار برلمانها منح روس أوكرانيا مزيداً من الاستقلالية، يرى الكاتب الصحفي، والعميد الاحتياطي، أندريه بارشيف، على موقع "كي إم. رو"، أن ذلك يعني هزيمة لاستراتيجية الولايات المتحدة، في الإقليم القاضية بحل المسألة عن طريق ممارسة ضغوط شديدة، بما فيها القصف على السكان المدنيين.

ويوضح أن الاستراتيجية الروسية القاضية بإبعاد الولايات المتحدة عن مسيرة المفاوضات تتحقق في مفاوضات مينسك، ويلمح إلى أن الأوروبيين يعجبهم غياب الولايات المتحدة عن المفاوضات.

لكن الأوساط الأوكرانية ترى عكس ذلك، ويقول نائب رئيس إدارة الرئيس الأوكراني، فاليري تشالي، للقناة التلفزيونية الأوكرانية الأولى، "لقد توصلنا إلى اتفاق مع الولايات المتحدة ومع الرئيس باراك أوباما، على أن ينضموا إلى المفاوضات مع الرئيس فلاديمير بوتين".

وربما كان ذلك يعني أن دخول الولايات المتحدة على خط الأزمة مباشرة بعد عجز أداتها الأوروبية عن مقارعة موسكو، فيما يبدو خطوة نحو التعطيل أكثر منها نحو الحل، خاصة وأن قادة دونيتسك ولوغانسك لم يتراجعوا عن هدف استقلالهم عن كييف.

أمّا الاتفاق مع الأميركيين على الدخول المباشر على خط المفاوضات، حسبما يقول تشالي، فقد تم خلال زيارة الرئيس الأوكراني، بيترو بوروشينكو، الأخيرة إلى واشنطن.

هل يتحول الشريط العازل إلى حدود؟

ألا يعني شريط عازل منزوع السلاح حدوداً مؤقتة، فكما يقول الروس "لا شيء دائماً أكثر من المؤقت"؟

بات معلوماً أن الجولة الأخيرة من المفاوضات التي اختتمت في مينسك، ليل 19 الشهر الجاري، أسفرت عن توقيع اتفاق يقضي بإقامة شريط أمني عازل عرضه 30 كيلومتراً بين منطقتي النزاع في أوكرانيا، كما تم الاتفاق على قواعد وقف إطلاق النار بين الجانبين.

فقد اتفق ممثلو لجنة الاتصال الثلاثية على أن يبدأ العمل بالاتفاق في اليوم التالي لتوقيعه، وعلى أن يقوم مراقبو بعثة الأمن والتعاون الأوروبي بمتابعة تنفيذه على الأرض، كما تم الاتفاق على الاستمرار في تبادل الأسرى بين طرفي النزاع وفق مبدأ "الجميع مقابل الجميع"، علماً أن الملف الأخير شائك، وتعترضه احتجاجات ممثلي دونباس على تلاعب كييف بقوائم الأسرى والحديث عن تعذيب وتجويع وتصفية للبعض.

وفي ردود الفعل على اتفاق مينسك، نقلت وكالة "ريا نوفوستي" عن رئيس المجلس الأعلى في جمهورية دونيتسك الشعبية، بوريس ليتفينوف، موافقة المجلس على اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في مينسك.

وفي إطار تسهيل حياة السكان المدنيين من الجانبين، يفترض وفقاً لموقع "رايلوي. دي إن. يوآ" أن تكون رحلات القطارات بين لوغانسك وكييف قد استؤنفت بدءاً من 21 من الشهر الجاري علماً بأنها متوقفة منذ 26 يوليو/تموز الماضي، بسبب الحرب بين الجانبين، فهل يعود الحديد بين شقي أوكرانيا إلى خدمة الحياة بعد أشهر من خدمته الموت؟ يبدو أن ما اتفقت عليه لجنة الاتصال الثلاثية قيد خطوة جديدة من الولايات المتحدة.

دلالات

المساهمون