أنا زلاتان (20).. هدف الكونغ فو المذهل في إيطاليا

01 سبتمبر 2015
+ الخط -


يستكمل "العربي الجديد" تقديم سلسلة مقالات (عصير الكرة) عن أفضل وأبرز ما كتب حول أسرار الساحرة المستديرة وعالم نجومها، وندخل معاً إلى الكتاب الخاص بالنجم السويدي زلاتان إبراهيموفيتش.

لم نفضّل أن يبدأ الإعلام بالتطفل ومعرفة العلاقة بيننا قبل أن نعرف نحن ما الذي نريدُه بالضبط. حاولنا القيام بكل شيء لإبعاد الصحافة عن معرفة الأمر، وفي الحقيقة، اختلافاتنا الكبيرة ساعدت. في البداية لم يكن أحد ليصدق أننا نواعد بعضنا البعض. فتاة أكبر مني بـ 11 عاما، لها مسيرتها الخاصة حتى لو رآنا بعضهم في فندق أو مطعم، الناس لن يظنوا أننا على علاقة وهذا كان أمرا جيدا، ساعدنا كثيرا في البداية، لكن في النهاية كل ألعاب الخفاء ومحاولة التضليل على الصحافة، كلفتنا ثمنا غاليا.

هيلينا مثلا خسرت العديد من أصدقائها وأصبحت شبه وحيدة. وبالنسبة لي، فلقد أصبحت أكثر جنونا مع الإعلام، أكثر من أي وقت مضى، فقبل عام من ذلك الوقت كنت في غوتنبيرغ من أجل لعب مباراة دولية مع المنتخب ضد سان مارينو، حينها كانت الأمور تجري بشكل جيد في نادي أياكس وشعرت أنني بمزاج جيد، لهذا تحدثت للصحفيين ومن بينهم مراسل لصحيفة " Aftonbladet ". بالتأكيد لم أنس ما فعلته تلك الصحيفة عندما أرسلت لي فتاة البار التي صنعت لي المشاكل، لكنني لم أرد أن أحمل أية أحقاد في قلبي، لهذا استمررت في الحديث للصحفيين والإجابة على أسئلتهم.

من بين ما قلته في حديثي، أنني أرغب فعلا في تكوين عائلة في المستقبل، وما إلى ذلك من حديث طبيعي لأي لاعب كرة قدم، مثلا: من الجيد أن أحظى بعائلة وأطفال في وقت ما في مستقبلي... ولكن هل تعرفون ماذا كتب ذلك الصحفي بدلا من تصريحي؟ لقد كتب في عنوان عريض في عدد اليوم التالي: "هل تريدين الفوز في بطولة أوروبا معي؟ شاب بعمر الـ 21، بطول 192 ووزن 84 كلغ، شعر أسود وعينان بنيتان، يبحث عن امرأة في عمر مناسب من أجل علاقة جدية"! هل تعتقدون أن هذا الأمر جعلني سعيدا؟ لقد انفجرت من الغضب، أي نوع من الاحترام هذا؟ يقومون بوضع إعلان شخصي عني! قد غضبت بالفعل وأردت أن أنتقم من ذلك الحقير، لهذا لم يكن من الجيد أن ألتقي ذلك الصحفي في أحد الممرات المُظلمة في الملعب بعد يوم من وضعه للخبر.

لقد سمعت أن الصحيفة علمت بأنني غضبت من ذلك العنوان، يبدو أن أحد اللاعبين في الفريق قد أخبرهم، لهذا قرروا إرسال هذا الشخص لكي يعتذر مني، وتستمر أعمالنا كما هو معتاد. في تلك الأيام كان اسمي يعني لهم الكثير من المال. لكن صدقوني، هذا لم يكن خيارا لدي قط، والآن لازلت أعتقد بأنني قمت بإنجاز كبير عندما تمكنت من السيطرة على أعصابي ونفسي أمامه، لقد بقيت هادئا، ولم أكن أرغب في إثارة مزيد من المشاكل.

تركته، وأعتقد أنهُ كان خائفا جدا، وهذا أعطاني فكرة أنّ الصحيفة بأكملها سوف تحسن التصرف معي لاحقا، لكن الأمور أصبحت فعلا بحال أسوأ. لقد فزنا على سان مارينو في تلك المباراة بـ 5-0 وسجلت هدفين. ماذا كتبت تلك الصحيفة حينها؟ هل كتبت مرحى سويد، أم كتبت نحن ذاهبون إلى أوروبا؟ لا لقد كتبت بعنوان عريض: "عار عليـك يا زلاتان"!

لقد كان الأمر وكأنني قمت بضرب الحكام، أو قمت بالجري عاريا لكن لا، كل ما حدث هو أنني حصلت على ضربة جزاء عندما كنا متقدمين بـ 4-0، ولارس لاغرباك كان قد وضع كالستروم، كمنفذ أول لضربات الجزاء، لكنني فكرت: كالستروم سبق أن سجل، لذا هذه الكرة أنا من يسددها، في النهاية هي كرتي وأنا من تسبب بضربة الجزاء. عندما تقدم كالستروم، سحبت الكرة من أمامه ووضعتها أمامي لكي أسدد، كالستروم طلب مني أن أعطيه الكرة، لكني تجاهلته ووضعت الكرة في مكانها وسددت وسجلت. هذا كل ما في الأمر فقط! بالتأكيد لم يكن أفضل تصرف قمت به، حتى أنني اعتذرت بعد ذلك لكن بربكم هذا الأمر لم يكن مثل حرب البلقان مثلا، لم يكن مثل أعمال شغب في روزينجارد، لقد كان مجرد هدف في لعبة كرة القدم. رغم ذلك، صحيفة الـ Aftonbladet خصصت ست صفحات لهذه الحادثة، وأنا لم أعد أفهم أي شيء، بحق الجحيم ما الذي يحصل بشأن هذه الصحيفة: أولا إعلان شخصي، ثم عار عليك يا زلاتان، عندما نفوز 5-0! في اليوم التالي خرجت للصحف وقلت "إذا كان هُناك من عار فهو على صحيفة الـ Aftonbladet".

بعد ذلك قمت بمقاطعة الصحيفة، لقد كنت مشغولا بالتحضيرات لأمم أوروبا في البرتغال، رغم ذلك استمررت في محاربتهم، لكنني أدركت بعض الخطورة في ما أفعله: إذا فقدوا الأمل بالتعامل معي، فلن يكون لديهم أي شيء ليخسروه، وآخر شيء كنت أودّه هو أن يعملوا على كشف ما بيني وبين هيلينا. لم يكن ذلك مناسبا لتحضيراتي للبطولة، لهذا كان يجب علي أن أكون حذرا، وحذري جعلني أفتقدها.

الأجواء كانت مُذهلة بالفعل، بدأنا المباراة الأولى ضد بلغاريا في لشبونة، كان الملعب يكتسي اللون الأصفر، والجماهير كُلها تُغني: "ضعوا الكرات في المرمى". كانت أغنية خاصة باليورو من المُغني السويدي ماركوليو. فريقنا كان قويا جدا، ولهذا سحقنا بلغاريا في تلك الُمباراة انتهت 5-0، والتوقعات بشأن فريقنا زادت لكن البطولة قد بدأت للتو، والمباراة التي كان ينتظرها الجميع هي ضد إيطاليا في مدينة بورتو في الـ 18 من يونيو. قبل المباراة، لم يكن سرا أن الطليان كانوا يستعدّون من أجل رد الاعتبار، تعادلوا فقط ضد الدنمارك، كما أنهم لم ينسوا هزيمتهم من فرنسا في نهائي روتردام 2000. إيطاليا كانت مطالبة بالفوز، ولقد كان لديها فريق رائع بالفعل مع نيستا، كانافارو وزامبروتا في الدفاع، وبوفون في المرمى وكريستيان فييري في الهجوم، وعلى الرغم من إيقاف توتي - نجم إيطاليا - بسبب أنهُ بصق على أحد اللاعبين الدنماركيين، إلا أن مواجهة إيطاليا كانت تعتبر تحديا كبيرا بالنسبة لنا.

لقد كانت المُباراة الأكثر أهمية بالنسبة لي حتى. والدي كان حاضرا في الملعب ليتابعني، الأجواء كانت رائعة بحق، ومنذ بداية المباراة لاحظت أن الإيطاليين يحترمونني كثيرا كلاعب وكأنهم يقولون: ما هي المراوغة التي سيقوم بها الآن، في كل مرة أستلم فيها الكرة أبدأ بقتال دفاعهم، لكن الأمر لم يكن سهلا، إيطاليا لديها دفاع لا يصدق، في نهاية الشوط الأول: كاسانو،
اللاعب الشاب حينها الذي كان بديل توتي – سجل الهدف الأول لإيطاليا بعد تمريرة من بونوتشي ولم يكن يمكن لأي شخص أن يقول إن ذلك لم يكن عادلا، لأن إيطاليا سيطرت في الشوط الأول حقا. لكن رغم ذلك، حاربنا من أجل العودة في الشوط الثاني، وتمكنا من صنع بعض الفرص لكن مُجددا، المباراة كانت لإيطاليا بوضوح، كان يبدو أن تسجيل التعادل أمامها أمر غاية في الصعوبة، عرفوا بأنهم الدفاع الأفضل في العالم.

لكن قبل خمس دقائق من نهاية اللقاء، حصلنا على ركلة ركنية من الجهة اليُسرى نفذها كالستروم، وقد كانت هناك فوضى في منطقة الجزاء. ماركوس الظهير ضرب الكرة، وأيضا ميلبيرغ، ولقد كانت فوضى بالفعل، لكن مع ارتفاع الكرة، انطلقت باتجاهها، قفزت وقمت بضربها بكعب قدمي بحركة تشبه الكونغ -فو في الصور، أسفل قدمي كان في مستوى كتفي. الكرة طارت بشكل مثالي من فوق كريستيان فييري الذي كان يحاول أن يصل إليها، وقد اقترب رأسهُ من العارضة، لكنها دخلت في أعلى الجهة اليسرى من المرمى. لقد كان هدفا ضد إيطاليا. كان هدفا في كأس الأمم الأوروبية ولقد كان هدفا بالكعب. وقبل خمس دقائق من النهاية، ركضت مثل المجنون، والفريق بأكمله ركض خلفي بجنون مثلي، كلهم ماعدا شخصا واحدا مشى بالاتجاه المُعاكس، لكن من يهتم لأمره؟ ارتميت على الأرض وصرخ هنريك بوجهي: استمتع، تماما هكذا! وكأنهُ فهم حقا مستوى الشيء الذي قمت به. حصلنا على نقطة التعادل، لكن كأن الأمر وكأننا حققنا الفوز في الحقيقة.

تأهلنا إلى الدور ربع النهائي وواجهنا هولندا في مباراة صعبة أخرى. بالتأكيد الجماهير الهولنديون بملابسهم وقبعاتهم البرتقالية كان يصفرون ضدي وكأنني ألعب للفريق الخطأ. المباراة كانت مُغلقة مع القليل من الفرص. النتيجة 0-0 في الوقت الأصلي. ذهبنا للوقت الإضافي وكانت لدينا تسديدة على العارضة، وتسديدة في القائم. كان من المفترض أن نسجل أكثر من مرة لكننا اضطررنا إلى التوجه إلى ضربات الجزاء، حينها كان الملعب يبدو وكأن كل من فيه يصلّون للرب. كان التوتر يسيطر على كل الملعب، والبعض لم يتمكن من المشاهدة والبعض كانوا يصفرون ويحاولون أن يُشتتونا. الضغط كان لا يصدق، لكننا بدأنا بشكل جيد: كالستروم سجل وهنريك أيضا، لقد كانت النتيجة 2-2، ولقد حان دوري، مع هذا الضغط بالتأكيد توترت، لكن لم يصبني الذعر قط ومنظري كان هادئا، فان دير سار كان في مرماهم، وكان يبدو بأن الأمور ستكون جيدة لي بكل تأكيد.

سابقا، عندما كنتُ أنوي تسديد أي ضربة جزاء، كنت أعرف أين سأضعها، لكن هذه المرة، عندما قمت بتجهيز الكرة، راودني ذلك الشعور الغريب بأنهُ يجب عليّ أن أسدد الكرة فقط، سأسددها وستكون مفاجأة لي أين ستذهب، وبالفعل قمت بذلك، سددت بدون تحديد، وأخطأت تماما! رميت الكرة إلى الجحيم، لقد كان الأمر كارثيا: أوليف مليبرغ أضاع أيضا وخرجنا من البطولة. لم تكن ذكريات جيدة، صدقوني كان خطأ كبيرا، كان لدينا فريق عظيم، وكان يجب أن نستمر في البطولة الأوروبية لما هو أبعد، لكن أيضا، هذه المباريات الأوروبية، بدأت بفتح حقبة جديدة لي.



اقرأ أيضاً

أنا زلاتان(1)... غوارديولا اشترى فيراري واستعملها كـ "فيات"!
أنا زلاتان(2)...عندما صرخت بوجه غوارديولا "أنت تخاف من مورينيو"!
أنا زلاتان (3).. سرقة الدراجات والطفولة القاسية
أنا زلاتان(4)..بدون الكرة لكنت مجرماً..وعندما قررت تقليد محمد علي
أنا زلاتان (5)...عندما صرخت "كلكم حمقى، وكرة القدم حماقة"
أنا زلاتان (6)... عندما تعلمت تقليد مهارات البرازيليين
أنا زلاتان (7).. رحلة الصعود للفريق الأول مع مالمو
أنا زلاتان (8).. ما الذي حدث في هذه الحياة؟
أنا زلاتان (9)... الدرجة الثانية ونقطة التحوّل
أنا زلاتان(10)...الهدف الذي أذهل أياكس لدفع 85 مليون كراون!
أنا زلاتان(11).. مواصلة التألق قبل الرحيل لأياكس
أنا زلاتان(12).. البداية مع السويد ومواصلة رحلة التمرد
أنا زلاتان (13).. نهاية رحلة مالمو ووداع بطريقة سيئة
أنا زلاتان(14)..المراوغة التي ذهبت بمدافع ليفربول لشراء الهوت دوغ!
أنا زلاتان (15)..عندما طردني كومان "اذهب إلى بيتك"!
أنا زلاتان (16).. عندما قذفني ميدو بالمقصات.. فصفعته!
أنا زلاتان (17).. مهمّة هيلينا المستحيلة!
أنا زلاتان(18)..عندما أهنت فان غال.."أأستمع لك أم لفان باستن"!
أنا زلاتان (19)...ما يفعلهُ كارو بالكرة..أستطيع فعلهُ ببرتقالة

دلالات
المساهمون