أنا زلاتان(2)...عندما صرخت بوجه غوارديولا "أنت تخاف من مورينيو"!

أنا زلاتان(2)...عندما صرخت بوجه غوارديولا "أنت تخاف من مورينيو"!

05 اغسطس 2015
+ الخط -

يستكمل "العربي الجديد" تقديم سلسلة مقالات (عصير الكرة) عن أفضل وأبرز ما كتب حول أسرار الساحرة المستديرة وعالم نجومها، ونستكمل سوياً الكتاب الخاص بالنجم السويدي زلاتان إبراهيموفيتش..

... بعد ذلك عانيت من إصابة في الكاحل.. وعادة المدربين يقلقون بشأن إصاباتي.. زلاتان المُصاب عامل قلق لأي نادٍ.. عادة المدربون كانوا يقلقون بشأني وبشأن اللاعبين المصابين عموماً..

لكن غوارديولا كان متجمداً في علاقته معي.. غبت لمدة ثلاثة أسابيع، ولم يسأل ولو لمرة: "كيف حالك زلاتان؟ هل أنت مستعد للمشاركة في المباراة المقبلة؟".. لم يكن يقول لي حتى "صباح الخير".. كان يتجنبني.. كنتُ أدخل الغرفة وهو فوراً يخرج منها! ما الذي يحدث؟ لماذا كل هذا؟ فكرت كثيراً.. ما هو الخطأ الذي قمت به؟ هل أنا غريب على المجموعة؟ كدت أن أجن من التفكير.. لم أكن قادراً حتى على النوم.. فكرت في الأمر لأنني لم أكن بحاجة لحب غوارديولا، لا، كنت سعيداً لأنهُ يكرهني في الحقيقة لأنني أحب الانتقام.. لكن الآن أنا فقدت التركيز تماماً.

تحدثت إلى اللاعبين.. ولم يفعل أي شخص أي شيء حيال الموضوع.. تحدثت إلى هنري: هو رائع، فهو أفضل هداف في تاريخ المنتخب الفرنسي وكان لا يزال مُبهراً.. كان على الدكة، وكانت لديه مشاكل مع غوارديولا: "هنري، بيب لا يقوم حتى بتحيتي، ينظر إليّ فقط، ما الذي حدث؟"، ثم قال لي هنري: "ليست لديّ أي فكرة".. بدأنا بعد ذلك بالمزاح حول هذا الأمر في التدريبات.. كان هنري يقول لي: "زلاتان، هل استقبلت نظرة اليوم؟"، ومن ثم أرد عليه: "لا، اليوم رأيت ظهره".. كان يرد: "تهانينا، هذه خطوة للأمام"..

هذه الأمور ساعدتني قليلاً نعم.. لكنني بالرغم من ذلك متوتر.. وغير سعيد.. كنت أسأل نفسي في كل يوم، وفي كل ساعة: ما الذي حدث؟ ولم أحصل على أي إجابة.. لا أحد يملك شرحاً كافياً لما حصل.

لم أتمكن من مواجهته، كان يتجنبني.. عندما ألتقيه، يلتف ويرحل.. كان يبدو خائفاً في الحقيقة من النظر في عيني.. نعم، كنت أستطيع أن أقوم بحجز موعد للاجتماع به وأسأله: لماذا كل هذا، وما هي المشكلة؟.. لكن أبداً، لم أكن لأفعل هذا طوال حياتي.. فأنا قد منحته ما يكفي.. لقد كانت مشكلته.. لم يوضح لي أي شيء.. أعتقد أنهُ غير قادر على التعامل مع الشخصيات القوية.. هو يريد فقط أن يحظى بأطفال مدرسته، والأسوأ من ذلك أنهُ يهرب من مشاكله.. لم يكن يجرؤ على النظر في أعينهم.. وهذا ما جعل الأمر أسوأ.

وبالحديث عن مورينيو، فهو نجم رائع وكبير.. سبق أن فاز حينها بالأبطال مع بورتو، وكان مدربي مع الإنتر.. كان رائعاً.. في أول مرة التقاني فيها توجه إلى زوجتي هيلينا وهمس في أذنها: "لديك مهمة واحدة: وفّري كل شيء لزلاتان، دعيه ينام، اجعليه سعيداً".. الرجل يقول كل ما يريده حقاً وأنا أحب هذا.. إنهُ قائد جيش.. لكنهُ أيضاً يهتم بلاعبيه.. كان يسألني في كل الأوقات عندما كنت في الإنتر عن حالتي وشعوري.. إنهُ المُضاد لبيب..

في الحقيقة.. إذا كان مورينيو يشعل غرف الملابس بحديثه، فغوارديولا كان يرغمك على إغلاق عينيك.. ولقد خمنت من البداية أن غوارديولا يحاول أن يقيس نفسه مع مكانة مورينيو.

غوارديولا قبل المباراة قال: "لن نلعب ضد مورينيو، سنلعب ضد إنتر".. كنا نستمع له ونحن نعرف بأننا لن نلعب كرة القدم مع مدرب الخصم، بعد ذلك بدأ بالحديث والفلسفة في بعض الأمور الغير مُجدية.. كنت بالكاد أستمع له.. ولماذا يجب عليّ أن أستمع لهذا الهراء؟ كانت فلسفة خالصة عن العرق والدم والدموع وهذه الأمور.. لم يسبق أن سمعت مدرباً يتحدث عن مثل هذه الأمور..

- في تدريباتنا الأخيرة على السان سيرو، تغيّرت الأمور وجاء إليّ وقال: " زلاتان، تستطيع أن تلعب منذ البداية"؟

- قلت له: "بالتأكيد، أنا جاهز".

- ثم قال: "لكن هل أنت جاهز حقاً؟".

- "نعم، أنا بحالة جيدة".

- كرر مرة أخرى: "هل أنت جاهز؟".

كان فعلاً وكأنهُ ببغاء يكرر الأمر.. ردد عليه بطريقة مباشرة: "اسمع، كانت فعلاً رحلة سيئة، لكنني بحالة جيدة، الإصابة شُفيت تماماً وأنا مستعد لتقديم كل ما لديّ للفريق".

كان يبدو بأن لديه بعض الشكوك، لكنني تركته.. بعد ذلك اتصل مينو رايولا.. رايولا دائماً يراوغ الصحافيين، في السويد يقولون بأن مينو صورة سيئة.. وأنهُ وأنه.. لكنني سأخبركم ما هو رايولا؟ إنهُ عبقري.. لقد سألني: "ماذا تفعل يا رجل؟".. لم يكن أحد منّا يفهم ما يحصل.. لكن رغم ذلك بدأت أساسياً.. وسجلنا الأهداف.. لكن المباراة قُلبت 3-1.. وكنت قد خرجت من الدقيقة 60.. لقد كانت حماقة أيضاً.. كنت غاضباً جداً.. من تلك الخسارة خصوصاً.. لكن وضعيتي الحالية ساعدتني.. لأنه في أيام أياكس عندما نخسر، قد أغضب لأيام وأسابيع.. لكن حالياً لديّ هيلينا والأطفال وهم يساعدونني على تخطي هذه المشاكل.

تخطيت الأمر وركزت على العودة في الكامب نو.. مباراة الإياب كانت مسالة حياة أو موت وكنا نجهّز لها يوماً بعد الآخر .. كان هناك ضغط جنوني حقاً.. كنا بحاجة لفوز كبير للتأهل.. فزنا بهدف دون مقابل، ولم يكن كافياً.. بعد اللقاء كان ينظر إليّ غوارديولا وكأن الذنب ذنبي لوحدي.. خرجنا من دوري الأبطال.. وبعد ذلك قلت لنفسي: المعركة أصبحت شرسة، والبطاقات تم كشفها جميعاً.. شعرت بأنهُ غير مرحّب بي في النادي.. كنت أشعر بالغثيان عندما أقود سيارتهم الأودي، وعندما أجلس في غرف الملابس وأستقبل نظرات غوارديولا الذي كان ينظر إليّ على أنني غريب.. لم يكن حكيماً أبداً في تعامله.. كان صخرة وجداراً، لا تستقبل منه أي إشارة للحياة.. لم أكن أشعر بأنني زلاتان إطلاقاً.

كنت أقول بأن خصمي أمامي الآن، وقد أقوم بخدش رأسه الأصلع.. لم يكن هناك الكثير من اللاعبين في غرف الملابس، كان هناك توريه وبعض اللاعبين.. دخلت ورأيت صندوق المعدات الصغير وركلته.. تناثر في الغرفة، لكنني لم أكتفِ بعد، بدأت بالصراخ بشكل جنوني: "أنت شخص جبان لا يملك الشجاعة".. ثم قلت أيضاً: "أنت تخاف من مورينيو، وتتغوط في ملابسك أمامه، اذهب إلى الجحيم"..

كنت مجنوناً تماماً، وغوارديولا بدلاً من أن يرد بأي كلمة مثل: "أهدأ"، لم يتفوّه بأي كلمة.. فقط اكتفى بجمع المعدات التي تناثرت ومن ثم خرج من غرف الملابس.. الوضع كان جنونياً في الباص.. الجميع كان يسأل: "ما الذي حدث؟".. قلت لهم: "لا شيء".. كنت غاضباً لأشرح لهم.. استمر الوضع على ذلك لأسابيع.. غوارديولا قام بتجميدي ومن دون أي شرح..

ذهبت إلى هيلينا وتحدثت معها.. إنها عالم آخر.. هي جميلة جداً وتستطيع أن تكون قوية أحياناً: "يجب عليك أن تكون على الأقل أباً مثالياً.. إذا لم يكن لديك فريق يشعرك بالراحة، تعال وشكل معنا فريقاً خاصاً".. هذا ما قالتهُ لي.. وكنت سعيداً بذلك.. كنت ألعب الكرة كثيراً مع أطفالي.. وبالطبع كان هناك ألعاب الفيديو التي تعتبر مكاناً آخر أسعد فيه..

ولهذا يجب أن تتذكروا جيداً: "بإمكانك أن تخرج الطفل من الحي الذي نشأ فيه، لكن لا يمكنك أن تخرج عقلية ذلك الحي من الرجل".

اقرأ أيضاً..أنا زلاتان(1)... غوارديولا اشترى فيراري واستعملها كـ "فيات"!

المساهمون