أنا زلاتان(11).. مواصلة التألق قبل الرحيل لأياكس

أنا زلاتان(11).. مواصلة التألق قبل الرحيل لأياكس

16 اغسطس 2015
+ الخط -

يستكمل "العربي الجديد" تقديم سلسلة مقالات (عصير الكرة) عن أفضل وأبرز ما كتب حول أسرار الساحرة المستديرة وعالم نجومها، وندخل سوياً إلى الكتاب الخاص بالنجم السويدي زلاتان إبراهيموفيتش..

أتذكر أن ليو بينهاكر منحني الرقم 9؛ كان الرقم الذي ارتداه فان باستن وكان ما يجري حولي كثيرا جدا علي. أتذكر أيضا أن هناك مجموعة من الأشخاص كانوا يعدون ملفات وتقارير عني من السويد، لحقوا بي في أمستردام، وقاموا بتصويري وانا في الشركة الراعية ميتسوبيشي حينما كنت أقوم باختيار سيارتي الجديدة. "من الغريب ان تمشي هُنا فقط وتختار السيارة التي تعجبك، لكن صدقوني، سأعتاد على هذا "، هذا ما قلته لهم بابتسامة كبيرة.

بطولة الدوري السويدي كانت ستبدأ، وهاس بورغ كان قد فاوض أياكس على أن أبقى مع مالمو لستة أشهر أخرى قبل أن انتقل؛ لهذا كان عليّ العودة مباشرة إلى مالمو بعد المؤتمر. أتذكر أن ذلك اليوم كان باردا جدا، كنت قد قصصت شعري حينها، وكنت سعيدا لأنني لم أر زملائي منذ فترة طويلة. لكن في ذلك اليوم كانوا كلهم مجتمعين في غرف الملابس، يقرأون عن زلاتان وعن "حياة الترف" التي أنعم بها. بإمكانكم ان تتخيلوا ذلك المشهد .. دخلت، وانا أضحك وخلعت قميصي وبدأت اصرخ بفرح، رفعوا رؤوسهم تجاهي، وفي الحقيقة شعرت بالأسى حيالهم.

أتذكر أنهُ قبل مباراتنا الأولى، سفينسن وكاليستروم سجلا هدفين في أول مباراة لهما .. لهذا الحديث عاد عني، وأنهُ ربما لا يجب تحميلي أكثر من طاقتي، ربما انا مجرد مراهق نفخهُ الإعلام، وتصريحات من هذا القبيل. أدركت حينها انهُ يجب عليّ ان أقدم مستوى رائعا.

أتذكر انهُ قبل المباراة كان استاد مالمو يغلي. كان ذلك في التاسع من أبريل/نيسان 2001. انطلقت المباراة، والجماهير ارتفعت أهازيجها وصراخها. لم تكن الأهداف المهمة، كانت اللقطات الجميلة هي التي تعجبهم وانا كنت اقوم بالعديد من المراوغات التي تعجبهم.

أتذكر أنني اخترقت دفاع أيك وقمت ببعض المراوغات الجيدة، بعد ذلك اختفيت وأيك سيطروا وصنعوا عدة فرص، وكانت الأمور غير جيدة بالنسبة لنا، ربما كنت ارغب بفعل اشياء كبيرة، وهذا أمر أعرفه، إذا أردت فعل اشياء عظيمة، وبعد الدقيقة 30 استلمت كرة من الجهة اليمنى من سورينسن، لم تبد أنها ستكون فرصة خطيرة، لكنني قمت بحركة جيدة، وسددت الكرة وسجلت.

يا إلهي، شعرت بالانفجار، شعرت بأنني تحررت من الكثير من الأمور، بخاصة مع ترديد الجماهير " زلاتان ..سوبر زلاتان ". بعدها وفي الدقيقة التاسعة من الشوط الثاني أستلمت كرة أخرى من سورينسن، وكنت في الجهة اليمنى، تقدمت قليلا، ولم يبد أنها زاوية مناسبة للتسديد أبدا، كان الجميع يعتقد أنني سأمرر، لكنني سددت وسجلت مرة أخرى، وأنا كنت أسير بهدوء وبطء ويداي مرفوعتان ووجهي يعبر عن قوة كبيرة، وكأنني أقول: "ها انا هُنا.. أمام كل من كان ينوح ويحاربني لأبتعد عن كرة القدم".

كان ثأرا.. كان فخرا. واعتقد أن كل من تحدث عن ضياع فتى الـ 85 مليوناً، كان يعيش أسوأ أيامه، لم أنس جنون المراسلين وقتها، أحدهم كان قد قال لي: "إذا قلت زفينسن، وكاليستروم ماذا تقول؟ قلت له: "أقول.. زلاتان زلاتان" الجميع ضحك، وانا كنت أعيش تلك اللحظات الكبيرة بفرحة شديدة.

الأمور لم تكن سهلة، لأن الأطفال والأشخاص كانوا حولي جميعا، الكل يطلب التوقيع، وفلسفتي تعرفونها جيدا: بإمكاني أن أبقى للأبد حتى أقوم بالتوقيع لكل شخص، لا يمكن أن يرحل اي شخص بدون توقيعي وهو يريده. بعدما انتهيت، رحلت بسيارة المرسيدس، والأطفال يصرخون باسمي من خلفي. كان ذلك يكفيني، لكن الأمور لم تنته.

وفي الغد كتبت الصحف، كتبت أشياء جنونية وكنت أتابعها، وجدتهم اقتبسوا تصريحا كنت قد قلته بعد الهبوط" أريد من الناس نسياني، أنسوا أنني موجود، لكن عندما أعود. سأضرب الكرة في الملعب مثل البرق".

أصبحت البرق الذي ضرب في موعده، كما كان الحديث في وقتها عن "حمى زلاتان" في السويد. لم يكن يتحدث عني الأطفال والصغار فقط، حتى النساء في المكاتب والرجال في المحلات.

كانوا يصنعون منها النُكات: "كيف حالك اليوم؟ ماذا بك"؟ .. "أعتقد أنني أصبت بحمى زلاتان". الجميع كان يتحدث عن الأمر، بعض الشباب أيضا صنعوا أغنية خاصة، والجميع كان يضعها كنغمة رنين لهاتفه.

بطبيعة الحال، كانت هناك جوانب خطورة لكل شيء ولقد شعرت بذلك في الجولة الثالثة من الدوري. كان ذلك في 21 أبريل/ نيسان 2001، وكنا في ذلك الوقت في استوكهولم لمواجهة دجورغاردين. هذا الفريق هبط معنا وعاد معنا للدرجة الأولى، كان هو المتصدر ونحن في المركز الثاني، ولأخبركم الحقيقة هذا الفريق هزمنا شر هزيمة في الدرجة الثانية، فاز علينا مرتين 2-0 و4-1.. لهذا الأفضلية كانت لهم.

رغم ذلك نحن ايضا حصدنا فوزين رائعين في أول مباراتين. مالمو كان لديه مستويات رائعة في بداية الموسم، والشيء الأهم لديه هو انا. الجميع كان يتحدث عن زلاتان، حتى إن مدرب المنتخب السويدي لارس لاغرباك كان متواجدا في المدرجات لمشاهدتي، لكن هذا الأمر لم يعجب البعض أيضا وتساءل الكثيرون "ماهو المميز في هذا الفتى حقا"؟ كما أنني أتذكر ان إحدى الصحف وضعت صورة لثلاثة لاعبين كبار وكتبت تحتهم "نحن من سننهي أسطورة زلاتان". وأعتقد أني كنت أتوقع أجواء عدائية في الملعب، كانت مباراة هامة وصعبة، لكن عندما دخلت للملعب، كنت هادئا وباردا لكن جماهير دجورغاردين كانت فعلا مليئة بالكره، كانوا من أسوأ الجماهير التي لعبت ضدها. "نحن نكره زلاتان، نحن نكرهُ زلاتان"، كانت الأهازيج كأنها رعد حولي وكل الملعب كان ضدي، وبالتأكيد سمعت العديد من الأشياء السيئة عني وعن أمي.

لم يسبق أن حدث هذا الأمر لي. بالتأكيد أتفهم ذلك؛ الجماهير لا تستطيع ان تلعب الكرة، لهذا هي تهاجمني، وهي بذلك تريد كسر أفضل لاعب في الفريق الخصم وما إلى ذلك. هذا ما يحدث في كرة القدم، لكن في تلك المناسبة، الأمر كان زائدا عن الحد. لهذا غضبت، وأردت إظهار من أنا وأعتقد انني كنت ألعب ضد الجماهير وليس ضد الفريق الأخر.

وكما حدث في مباراة أيك، أستغرق الأمر وقتا قبل أن أدخل في أجواء المباراة. كان أولئك المدافعون الثلاثة الذين ظهروا في الصحيفة يراقبونني بشدة، ونادي دجورغاردين سيطر على أول 20 دقيقة، في ذلك الوقت مالمو كان قد تعاقد للتو مع لاعب نيجيري اسمه بيتر إيجيه، كان معروفاً بأنهُ هداف كبير، وفي الموسم الذي تلا ذلك الموسم توج بالهداف، لكن في أول موسم له كان لا يزال تحت ظلي، في الدقيقة 21 استقبل إيجيه تمريرة من دانييل ماستروفيتش، والذي أصبح صديقا مقربا لي لاحقا، وسجل هدفا أول. وفي الدقيقة 68 صنع إيجيه كرة جميلة لإيلانجا الأفريقي الآخر في الفريق والذي سجل الهدف الثاني لنا.

الجماهير بدأت تصفر ضدنا، وانا كنت متوقفا، لم أسجل. تماما كما قال أولئك المدافعون الثلاثة بأنني لن أفعل. لم أكن جيدا في تلك المباراة، قدمت مراوغات خاصة ومررت بالكعب. لكنها كانت مباراة إيجيه وماستروفيتش.

استقبلت الكرة بعد دقيقتين من شعوري بأنني لن أسجل، لكنني فجأة قمت بمراوغة المدافع الأول، ومن ثم راوغت الثاني بنجاح، استمررت بالكرة، وبالرغم من أنني لم أعرفهم جيدا، ففي طريقي للشباك تمكنت من مراوغة المدافعين الذين كانوا في تلك الصحيفة، وسجلت بقدمي اليسرى، واجتاحني وقتها فرح كبير.. إنهُ الثأر، كنت أقول: هذا من أجلكم، من أجلكم أيها الحاقدون، ومن أجل ما قلتموه عني وعن والدتي، وأعتقد أن ما فعلته كان قد جعل الحرب تستمر بيني وبين الجماهير خارج الملعب. بخاصة أننا قمنا بإهانة دجورغاردين برباعية نظيفة.

عندما خرجت من الملعب: أحاطت بي جماهير دجور غاردين.. لكن المفاجأة هي أنهم لم يريدوا القتال او توجيه اللكمات لي. كانوا يريدون توقيعي! كان أمرا رائعا بالنسبة لي، فكرت كثيرا بعد ذلك لوقت طويل في إمكانية أن تحول كل شيء حولك بهدف او عرض رائع.

تعلمون، في ذلك الوقت، لم أعشق فيلما أكثر من فيلم "Gladiator"، بخاصة تلك اللقطة الشهيرة فيه والتي يعرفها الجميع، عندما نزل ذلك الإمبراطور إلى الحلبة، وأمر المقاتل بنزع قناعه، ليقوم المقاتل بذلك ويقول : "اسمي هو ماكسيموس ديسموس مريديوس. وسأخذ بثأري، في هذه الحياة أو في الحياة المُقبلة". هذا ما شعرت به في تلك اللحظة، أو هذا هو ما أردت أن أشعر به. أردت أن أقف أمام كل العالم، وأن أظهر للذين شككوا في زلاتان إبراهيموفيتش، من أنا حقا! ولم يكن بإمكاني حتى أن أتخيل أن هناك شخصا بإمكانه أن يتمكن من إيقافي.

اقرأ أيضا

أنا زلاتان(1)... غوارديولا اشترى فيراري واستعملها كـ "فيات"!

أنا زلاتان(2)...عندما صرخت بوجه غوارديولا "أنت تخاف من مورينيو"!

أنا زلاتان (3).. سرقة الدراجات والطفولة القاسية

أنا زلاتان(4)..بدون الكرة لكنت مجرماً..وعندما قررت تقليد محمد علي

أنا زلاتان (5)...عندما صرخت "كلكم حمقى، وكرة القدم حماقة"

أنا زلاتان (6)... عندما تعلمت تقليد مهارات البرازيليين

أنا زلاتان (7).. رحلة الصعود للفريق الأول مع مالمو

أنا زلاتان (8).. ما الذي حدث في هذه الحياة؟

أنا زلاتان (9)... الدرجة الثانية ونقطة التحوّل

أنا زلاتان(10)...الهدف الذي أذهل أياكس لدفع 85 مليون كراون!

المساهمون