أموال بائعي المثلجات في غزة تذوب مع انقطاع الكهرباء

أموال بائعي المثلجات في غزة تذوب مع انقطاع الكهرباء

19 يونيو 2014
تجار المجمدات يعانون انقطاع الكهرباء (عبد الحكيم أبورياش/العربي الجديد)
+ الخط -
تعاني غزة، منذ 7 سنوات، من تقنين قاس في الكهرباء، بعد قصف اسرائيل محطة التوليد الوحيدة في القطاع. استمرار هذا الواقع أدى الى تضرر عدد كبير من المحال، وخصوصاً باعة اللحوم والمواد الغذائية، الذين يتخوفون يومياً من خسارة مصدر رزقهم.

من بين هؤلاء الحاج رمضان النمروطي (53 عاماً)، الذي يسارع إلى الاصطفاف في طابور طويل أمام محطة تعبئة الوقود، منذ ساعات الصباح الباكر. فمحله المخصص لبيع اللحوم المجمدة، في منطقة الشيخ رضوان وسط مدينة غزة، لن يستطيع العمل خلال ساعات انقطاع التيار الكهربائي، إذا لم يقم بتوفير مخزون كافٍ من السولار لتشغيل المولد الكهربائي، بغية تجنب تلف اللحوم المجمدة.

ويقول النمروطي لــ"العربي الجديد" إن انقطاع التيار الكهربائي يعد العقبة الأساسية، التي تواجه بائعي اللحوم المجمدة، وكافة الأغذية التي تحتاج إلى التبريد، خصوصاً أن جميع الثلاجات تحتاج إلى كمية كبيرة من الكهرباء لكي لا تتلف، إذ يعاني قطاع غزة، منذ أكثر من 7 سنوات، من أزمة حادة في الكهرباء، بدأت عقب قصف إسرائيل محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع منتصف عام 2006.

ويعيش سكان القطاع، وفق جدول توزيع يومي بواقع 8 ساعات وصل للكهرباء و8 ساعات قطع.

توقف عن العمل

ويوضح التاجر النمروطي أن توفير مخزون من "السولار" يحمل التجار عبئاً كبيراً جداً، في ظل ارتفاع سعره، وعدم توافره بكميات كبيرة، خصوصاً في ظل الإغلاق المتكرر لمعبر كرم أبو سالم التجاري.

وينوه النمروطي إلى أن بعض محال اللحوم المجمدة سيتوقف أصحابها عن العمل، خلال أيام، بفعل شح الوقود وتواصل انقطاع الكهرباء وتلف كميات من اللحوم، معرباً عن استيائه الشديد من انقطاع التيار الكهربائي لفترات زمنية طويلة، وبشكل يومي.

 ويؤكد أن أزمة الكهرباء لا تقتصر على الباعة، بل تطال المواطنين، مشيراً إلى أن العديد منهم كان يشتري لعائلته كميات كبيرة من اللحوم، تكفيهم لأسبوع، وخصوصاً يوم الجمعة، نظرا لكونهم موظفين ولا يستطيعون الخروج من عملهم للتسوق.

ويستدرك النمروطي قائلاً:" لكن في ظل أزمة الكهرباء، امتنع الكثير من الموظفين عن شراء كميات من اللحوم وتخزينها في الثلاجات، بل لجأوا إلى شراء اللحوم ليوم واحد أو يومين على أقصى حد، الأمر الذي انعكس بشكل سلبي علينا، حيث قل الطلب على اللحوم كثيراً، وأصبحنا نتكبد الخسائر بشكل يومي".

أزمة إغلاق المعابر

وتواصل القوات الإسرائيلية إغلاق معبري غزة الوحيدين، "كرم أبو سالم"، وبيت حانون (إيريز)، لليوم الخامس على التوالي، مانعة إدخال البضائع باستثناء السماح بإدخال كميات محدودة من المحروقات، وذلك منذ يوم الجمعة الماضي، على خلفية اختطاف 3 مستوطنين، فيما أعادت فتحه صباح يوم أمس، الأربعاء، أمام حركة إدخال البضائع.

وأغلقت إسرائيل أربعة معابر تجارية في منتصف يونيو/ حزيران 2007 عقب سيطرة حركة حماس على قطاع غزة.

وأبقت على كرم أبو سالم معبرًا تجاريًا وحيدًا، حصرت من خلاله إدخال البضائع إلى قطاع غزة، بشكل محدود وجزئي. وعدا عن إغلاقه يومي الجمعة والسبت من كل أسبوع، وفي الأعياد اليهودية، تغلق إسرائيل المعبر لأسباب تقول إنها عقابية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.

الكهرباء "كابوس مزمن" 

ويقول الشاب نائل الجزار، وهو صاحب محل لبيع اللحوم بأنواعها:" إن أزمة الكهرباء لا يمكن وصفها إلا بــ (الكابوس المزمن)،  منوهاً إلى أنهم وبشكل يومي يتعرضون لخسائر متعددة، منها تلف اللحوم نتيجة انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة، أو عدم توافر وقود لتشغيل مولدات الكهرباء، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار المحروقات، ناهيك عن قلة الطلب على اللحوم، سواء لارتفاع أسعارها، أو عدم قدرة المواطنين على تخزينها في ثلاجاتهم.

ويتابع:"كما أنّ نـُفوقَ كميات كبيرة من الدجاج خلال موجة الحر، التي ضربت القطاع مؤخراً، وضبط الشرطة تاجراً قام ببيع دجاج نافق وغير صالح للأكل لبعض المحلات، خلق نوعاً من الخوف لدى المواطنين أدى إلى عزوف بعضهم عن شراء اللحوم، رغم تطمينات وزارة الزراعة".

ويقول الجزار متهكماً:" كنا في السابق نلقي أي تكاليف إضافية على المواطن، فنرفع سعر البضاعة، لكن اليوم العرض أكثر من الطلب، ولا يوجد إقبال رغم أن أسعار اللحوم عادية وليست غالية، وإذا رفعنا سعر البضاعة سنضطر لحظتها إلى إغلاق المحل والجلوس في البيت".

ويذكر أن انقطاع التيار دون سابق إنذار، وفي أوقات تكون فيها المحال مغلقة، تسبب في تلف اللحوم، غير أن الكهرباء تعود بشكل مضطرب مما يسبب تلفاً للثلاجات والماكينات، إلى جانب المواد الغذائية التي تتعفن، أو على أقل تقدير يتغير لونها ورائحتها، مما يتسبب في مشكلات صحية فنضطر إلى إعدامها.

 انقطاع الكهرباء أفشل المشروع

 وبدوره، يقول الحاج أبو أمجد نصار، الذي تسبب الانقطاع المستمر للتيار الكهرباء في إفشال مشروعه في فتح أحد محلات بيع اللحوم في منطقة الزيتون، شمال قطاع غزة:" إن فكرة فتح محل لبيع اللحوم كانت رائعة، خصوصاً أن المنطقة، التي اخترتها لا يوجد فيها محل مشابه"، مستدركاً "لكن بعد دراستي جيداً للمشروع، وجدتُ أن الخسارة ستفوق الربح، فأعرضتُ عنه، في ظل التحديات والمشاكل التي تنتظرني".

 ويتابع:" إن الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي يعمل على إتلاف كل ما هو مجمد، خصوصاً في ظل هذا الجو الحار، وإذا تركت اللحوم دون كهرباء، سيذوب الثلج عنها وستتلف، كما أن امتلاك مولد كهرباء كبير الحجم يستطيع تشغيل ثلاجات اللحوم يحتاج إلى مبلغ باهظ".

 وتساءل أبو أمجد ضاحكاً:" إذا انقطعت الكهرباء خلال ساعات الليل، هل سأذهب لتشغيل المولد؟ بالطبع لا، أم هل سأترك اللحوم تفسد ؟ ، واستطرد:" فالنوم إذاً أفضل حتى تحل أزمة الكهرباء".

تعفّن الأغذية 

ولم يقتصر تأثير أزمة انقطاع التيار الكهربائي على اللحوم المجمدة، بل طال أنواع الأغذية كافة، كالمثلجات والألبان وغيرها.

ويقول رائد عزارة، وهو صاحب محل بقالة:" امتنعتُ عن بيع المثلجات (الآيس كريم)، والألبان منذ فترة طويلة، لأنها تكبدني خسائر كبيرة"، موضحاً أن المواطن عندما يرى "الآيس كريم" غير مثلج أثناء فترة انقطاع التيار الكهربائي يمتنع عن شرائه، "وحتى الأطفال باتوا لا يرغبون في المثلجات عندما يظهر على غلافها بعض (الآيس كريم) المذاب".

ويتابع:" انقطاع التيار لساعات طويلة عمل على تعفن بعض الأغذية المحفوظة داخل الثلاجة، وخصوصاً الألبان وبعض المعلبات، مثل الحمص، التي لا تتحمل البقاء لوقت طويل دون كهرباء فتفسد، الأمر الذي دفعني إلى التخلص من كل الأغذية، التي تحتاج إلى التبريد"، مضيفاً: "أخشى أن يصاب أحد المواطنين بالتسمم الغذائي، وحينها سأخسر  بقالتي كلّها، بدلا من خسران بعض المواد الغذائية ".

ويخضع قطاع غزة لحصار فرضته إسرائيل منذ فوز حركة المقاومة الإسلامية، (حماس)، في الانتخابات التشريعية، (البرلمان)، عام 2006، وشددته عقب سيطرة الحركة، على القطاع في صيف عام 2007.

 

 

 

المساهمون