أموال الدعم الخارجي تؤجج الصراع السياسي في اليمن

أموال الدعم الخارجي تؤجج الصراع السياسي في اليمن

17 ابريل 2014
اليمن يعاني من الاضطرابات الأمنية بعد الثورة
+ الخط -

تحول الدعم الخارجي لليمن، إلى ورقة ضغط، لتحقيق أهداف ومصالح الدول المانحة لا مصالح اليمنيين، وأصبح المال السياسي الذي يأتي من الخارج هو كلمة السر لتأجيج الصراعات السياسية والقبلية.

وتسابقت دول عربية وأجنبية لدعم الأطراف اليمنية المختلفة، بعد ثورة الشباب في عام 2011.

وانتشرت مؤخراً الجمعيات الخيرية الممولة من الخليج، كشكلٍ من أشكال" المال السياسي"، وأصبح مثل هذا النشاط الخيري أحد أهم موارد الدخل التي يعتمد عليها مئات الآلاف من الناس في اليمن.

وتلقى اليمن عام 2012 منحاً من دول الخليج، منها 3.2 مليار دولار من المملكة العربية السعودية، لدعم عدد من مشاريع القطاعات، تم الاتفاق عليها وفق خطتها التنموية.

كما أشار الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي في تصريحات له مؤخراً، إلى تدخل إيران في الشؤون الداخلية اليمنية عبر دعمهم بالمال والسلاح لجماعة الحوثي، شمال اليمن.

وأثـرت أحداث العنف، التي شهدها اليمن، على الأداء الاقتصادي طوال السنوات الثلاث الماضية بعد تعطيل العديد من حقول النفط، وتسبب ذلك في تراجع الإيرادات العامة بنسبة 23.3% خلال عام 2013، حسب تقرير لوزارة التخطيط أمس الأربعاء. 

وحذر خبراء يمنيون من تحول المال إلى أداة للهدم بدلاً من البناء، وأكدوا أن التجربة اليمنية على مدار عقدين من الزمن بدءاً من عام 1994، الذي شهد محاولة الانقلاب على اتفاق الوحدة، الذي تم إقراره بين شمال اليمن وجنوبه في العام 1990، عملت قوى خارجية على مد الأطراف اليمنية بالمال وترجيح كفة عن الأخرى.

ويقول عبد الله دوبله، الباحث اليمني، في مقابلة مع "العربي الجديد": إن المال المتدفق من الخارج، أصبح أمراً شائعاً في اليمن.

وبحسب دوبله، فإن اليمن سبق أن مرت بمراحل "المال السياسي"، قائلا:" في خمسينيات وستينيات القرن الماضي حين غابت مصر عن المشهد اليمني في عهد الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، تصدرت المملكة السعودية المشهد اليمني منفردة، إلا من بعض منافسات بسيطة بعثية في العراق في عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وربما ليبية حسب أمزجة الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي في بعض الأحيان".

وتشير دراسات يمنية، إلى أن القبيلة في اليمن، شكلت عبر تاريخ الدولة الحديثة وقبلها، أهمية كبيرة نظراً لتداخلها مع النظام ومؤسسات الدولة، حيث كانت تلعب دوراً رئيسياً في صناعة القرار السياسي.

ويشكل عدد المنتمين إلى القبائل في اليمن بحسب إحصاءات غير رسمية، ما يقرب عن 85% من تعداد السكان، البالغ 25 مليون نسمة، وتتواجد في اليمن ما يقرب عن 400 قبيلة، تتركز معظمها في الشمال.

وأستحدث نظام الرئيس السابق، على عبدالله صالح، تحالفات مع شيوخ قبائل يمنية، لعل أكبرهم الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، شيخ مشايخ حاشد، وتحالفات خارجية مع المملكة العربية السعودية، كان منبعها الأول هو" المال" وضخه سياسياً.

ويرى عبد الناصر المودع، المحلل السياسي اليمني، أن القرار السياسي وتكافؤ الفرص تقريباً غير متوفر للقوى السياسية اليمنية، لأن مصادر الأموال تأتي من الخارج، ومن ثم فإن المال السياسي الداخلي يظل ضعيفاً، باستثناء المال الذي يأتي من الدولة والناتج عن الفساد.

وقال: "بما أنه ليس هناك من قانون ينظم ويلزم الأطراف السياسية وتحديداً الأحزاب بالكشف عن مصادر تمويلاتها فإن العملية السياسية لن تكون طبيعية".

ولا توجد إحصاءات رسمية أو خاصة عن حجم المال السياسي في اليمن، لكن أطرافه تنحصر بين قبائل اليمن الكبيرة والمتمثلة بقبيلة "حاشد" و"بكيل" و"البيت التجاري الوحيد" والمتمثل ببيت التاجر اليمني "هائل سعيد أنعم"، والذي سعى الرئيس السابق صالح للارتباط بهم عبر الزواج وكسبهم كداعم لنظامه وحزبه.

ويرى المودع أن "الطبقة السياسية في اليمن ومنذ فترة بعيدة ترهن نفسها للخارج، ومصدر دعمها الرئيسي يأتي منهم، ولهذا القرار السياسي في اليمن يظل قراراً منقوصاً والسيادة منقوصة وجميع الدول التي تدفع تتدخل بالشؤون الداخلية اليمنية".

وأشار إلى أنه خلال حكم على عبد الله صالح، كان يتم الأمر بشكل متواطئ بين النظام ومعارضيه للحصول على مصادر دعم من الدول الخارجية.

وكان صالح قد ظهر مؤخراً في لقاء تلفزيوني مع قناة يمنية خاصة يملكها نجله أحمد، وأفصح عن احتجاز الحكومة الحالية مبلغ نصف مليار دولار، كانت في حساب حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يرأسه صالح، وقال إن هذا المبلغ جاء من دولة أجنبية.

ويعلق المودع على تصريح صالح بالقول، إن القانون يجرم أن يستلم أي حزب سياسي أموال من الخارج، لكن صالح يدرك أن ما قام به ليس حالة استثنائية وأن الجميع يقومون بنفس الشيء.

وفي مقابل، المال السياسي المباشر من دول خليجية وغربية، يقع اليمن تحت ضغوط من الدول المانحة و"مجموعة أصدقاء اليمن"، أيضاً التي تضم الولايات المتحدة ودول خليجية ومؤسسات دولية، بضرورة إجراء إصلاحات اقتصادية.

وتعهدت "مجموعة أصدقاء اليمن" بتقديم 9 مليار دولار، لم يتم تخصيصها كاملاً رغم مرور عامين على الوعود.

وقالت الحكومة الحالية: إن صندوق النقد الدولي وعدد كبير من المانحين يرهنون مساعداتهم ببرنامج اقتصادي إصلاحي قويّ يقوم على رفع الدعم كلياً عن الوقود، وهو ما لم توافق صنعاء على كامل بنوده بعد.

ويحتاج اليمن إلى 11.9 مليار دولار لمعالجة المشاكل التي تعصف به، بحسب تقارير حكومية.

الدولار = 214.85 ريال يمني.

دلالات

المساهمون