أعمال الشاعر النثرية.. في مواجهة سؤال النهاية

أعمال الشاعر النثرية.. في مواجهة سؤال النهاية

05 مايو 2014
+ الخط -

بمناسبة ذكرى الستين لولادة الكاتب الفلسطيني الراحل حسين البرغوثي (1954 -2002) التي تحلّ في الخامس من أيار/ مايو، أعلنت "دار راية" (حيفا) عن صدور آثاره النثرية في طبعة خاصة. وهي أعمال صدرت طبعاتها الأولى عن "بيت الشعر الفلسطيني" في العقد الماضي، المؤسسة التي أولت اهتماماً خاصاً بإرث الشاعر وذكراه.

الأعمال الخمسة التي جاءت بغلاف موّحد هي: "الضوء الأزرق" (سيرة)، "سأكون بين اللوز" (سيرة)، "حجر الورد" (نص ما بعد حداثي)، "الفراغ الذي رأى التفاصيل" (يوميات وشذرات)، و"الضفة الثالثة لنهر الأردن" (رواية)".

سألنا الناشر بشير شلش عن سبب اختيار الأعمال النثرية بالذات، ولماذا لم تشمل المبادرة كل مؤلفات الراحل، فأجاب: "اخترنا الآثار النثرية، الإبداعية منها على سبيل التخصيص، لعدة أسباب. أولها أن هذه الأعمال الخمسة هي الأكثر اكتمالاً، والأقرب إلى روح مشروع الراحل، بل هي أعمدة أساسية في الصرح الذي أنشأه هذا المبدع، خصوصاً الأعمال الثلاثة الأولى التي كتبها في المراحل الأخيرة من حياته، تحت سطوة المرض ومواجهة سؤال النهاية، بعد إصابته بالسرطان".

كما رأى شلش أن سيرة البرغوثي بوجهيها الذاتي الداخلي في "الضوء الأزرق"، والموضوعي الخارجي في "سأكون بين اللوز"، "تحمل كل مفاتيحه. ولا يمكن فهم تجربة حسين المتشعّبة والمسكونة بالتنوّع والتنقّل بين أجناس أدبية وكتابية متعددة، من دون قراءة هذين العملين".

سبق لهذه الأعمال أن صدرت عن "بيت الشعر الفلسطيني" (رام الله)، وعن دور نشر عربية أخرى، فكيف جرى الاتفاق على إصدارها من جديد؟ وما الآلية التي رُتبت فيها حقوق الملكية؟ يجيب الناشر: "توجّهنا إلى "رأس النبع"، أي عائلة الشاعر التي تملك حقوق أعماله، وأقصد رفيقة دربه بترا وشقيقه فادي. وبالتواصل المباشر معهما جرى الاتفاق على الكتب، ومن ثم العمل على تحريرها وتجهيزها للطباعة، واستكمال كل متعلقات الحقوق والملكية الفكرية".

يضيف الناشر: "الأعمال الشعرية صدرت في مجلد برام الله منذ عدة سنوات، بعض أعماله النافدة تحتاج إلى إعادة طباعة فيما لو توفر لها الدعم، لأن مشروعاً بهذه الضخامة والتنوّع يتعدّى المبادرة التي قمنا بها بجهود ذاتية، ومن دون أي دعم مادي من أي جهة، باستثناء التعاون والدعم المعنوي واللوجستي في توفير الأعمال الذي قدمته، مشكورة، زوجة الراحل وشقيقه".

أما عن خطة الاحتفال بهذه المناسبة، فتحضّر الدار أمسيتين خلال الشهر الحالي ومطلع الشهر القادم، على أن تكون الأولى في رام الله والثانية في حيفا. ويجري العمل حالياً على وضع تصور لبرنامج يليق بهذه الذكرى، سيعلن عنه قريباً، فور صدور الأعمال وتوفرها في منافذ التوزيع، في فلسطين والعالم العربي.

حسين البرغوثي كان ذا تأثير كبير على المشهد الثقافي الفلسطيني، وهو "تأثير لا يدانيه إلا تأثير محمود درويش"، بتعبير شلش. ولأن الأمر يستحق وقفة تأمل واستقصاء، يستفيض في هذه النقطة: "شكّل البرغوثي برؤيته وفعاليته نوعاً من "أب روحي" و"معلّم" لجيل التسعينات في الكتابة الفلسطينية، وكل الكتابات اللاحقة، لا لقدرته الفائقة على تفكيك التيار السائد، وتقديم رؤى بديلة وجذرية فحسب، بل لتواصله المختلف أيضاً، واشتباكه المتواصل مع الواقع من مختلف مواقع نشاطه، بدءاً باللجان الشعبية في الانتفاضة الأولى، وانتهاءً بقاعة المحاضرات في "جامعة بير زيت"، مروراً بالحراك الثقافي العام".

ويضيف شلش: "كان البرغوثي مبدعاً قادراً على النفاذ إلى أعماق الظواهر وعدم الاكتفاء بمشهديتها الخارجية، وشخصاً مميزاً إلى أبعد الحدود، إن في شكل حياته وأخلاقياته وقوة حضوره، أو في دأبه المعرفي والجمالي وقدرته المذهلة على ربط معارف شتى من حقول معرفية متعددة في فكرةٍ ناظمة واحدة ونسقٍ متجانس. وإن عاش ليرى هذا التأثير الذي أحدثه في المشهد الثقافي الفلسطيني، فإنه بالتأكيد كان سيدعو إلى تجاوزه".

هذا عنه في فلسطين، ولكن ماذا عن تأثيره عربياً؟ هل الأمر مختلف؟ يعلّق شلش: "المذهل هو أن منذ أعلاننا عن قرب صدور أعمال البرغوثي ونحن نتلقى يومياً استفسارات من قرّاء وكتّاب من العالم العربي، من الجزائر والعراق ومصر والإمارات. ومع ذلك، يحتاج تأثيره وحضوره في مجمل الثقافة العربية إلى استقصاء موضوعي لمعرفة حجمه".

المساهمون