أضاحي العيد لم تعد من أولويات التونسيين

أضاحي العيد لم تعد من أولويات التونسيين

31 يوليو 2020
في سوق للأضاحي (ياسين قائدي/ الأناضول)
+ الخط -

لم تنشغل العائلات التونسيّة هذا العام بالاستعداد لعيد الأضحى بسبب تراجع دخلها نتيجة الحجر الصحي الشامل الذي فرضته جائحة كورونا. وأجبر الوباء التونسيين على ترتيب أولوياتهم. واستغنت عائلات من مختلف الشرائح الاجتماعية هذا العام عن شراء الأضاحي، مكتفية باقتناء كمية من لحم الضأن وتبادل الزيارات. عادة ما يحرص التونسيون على الحفاظ على طقوس عيد الأضحى واقتناء الأضاحي وإقامة ولائم الشواء وإعداد الأطباق التي تعتمد أساساً على لحم الضأن. ومع تراجع دخل العائلات وفقدان البعض وظائفهم، تغيرت عادات التونسيين الخاصة خلال عيد الأضحى، على عكس ما كان عليه الأمر في السابق، إذ إن الوضع الاقتصادي المقبول كان يجعل غالبية الشرائح الاجتماعية قادرة على إحياء شعائر الأضحى كما هي. ويقول سامي الحجري (38 عاماً)، إنه يحتاج إلى ما لا يقل عن 800 دينار (نحو 280 دولاراً)، لكي يشارك مع عائلته التي تقطن في منطقة ريفية في شمال غرب تونس، في العيد.
حصل الحجري على سلفة من عمله حتى لا يحرم أطفاله من فرحة العيد واللعب مع الخروف. لكن لن يتمكن هذا العام من لقاء عائلته لأنه لم يؤمن المبلغ المطلوب، لافتاً إلى أنه من المخجل بالنسبة إليه أن يقاسم والديه أضحيتهما، وألا يشارك في مصاريف احتفال العيد. يقول إنه سيسعى جاهداً لقضاء العيد مع عائلته ولا يحرم الأطفال فرحتهم. لكنه يؤكد أنه لن يضطر إلى الاستدانة من أجل ذلك بسبب الخوف من تسريحه من العمل، وبالتالي احتمال خسارة راتبه في أي لحظة.
وعلى الرغم من العروض الكثيرة ومساعي الحكومة لضبط الأسعار، تشهد الأسواق ركوداً، على عكس السنوات الماضية. وعادة ما تتمسك العائلات المحدودة والمتوسطة الدخل بطقوس العيد أكثر من غيرها، ما يدفع البعض إلى الاستدانة لشراء الأضاحي.

وفي ظل الظروف الحالية الصعبة، لم تعد أضحية العيد من أولويات التونسيين، ما يبرر خوف مربي الماشية من تراجع المبيعات، ولا سيما أن عيد الأضحى يتزامن مع زيادة في النفقات والاستعداد للعودة إلى المدرسة. ورصدت منظمة الدفاع عن المستهلك تغيرات في حجم الإنفاق أثّرت على مجمل العائلات بما في ذلك خلال الأعياد التي تعد الأقرب إلى قلوب التونسيين. وقال رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك سليم سعد الله إن جائحة كورونا خلّفت أزمة اقتصادية واجتماعية عميقة ستكون لها تداعيات على سلوك التونسيين وعاداتهم بما في ذلك خلال الأعياد. يضيف: "قبل كورونا، كانت الأعياد بالنسبة للناس خطاً أحمر، إلا أن الوضع تغيّر هذا العام".
وتسعى منظمة الدفاع عن المستهلك إلى مساعدة المربين على تنشيط المبيعات. ويؤكد سعد الله أن المنظمة لن تدعو إلى تفعيل آلية المقاطعة في حال ارتفاع أسعار الأضاحي حفاظاً على سلامة المنظومة وتوازناتها. يضيف أن المنظمة ستساعد على ترشيد الشراء عبر دعوة المواطنين للتوجه إلى نقاط البيع المنظمة والمراقبة من الناحية البيطرية، مشيراً إلى أن هذه الأخيرة ستتقدم بطلب للحكومة بتأخير سداد فواتير الكهرباء والمياه لتخفيف الضغوط المادية على العائلات.

قضايا وناس
التحديثات الحية

وعادة ما يبدأ الاستعداد للعيد في وقت مبكر، ويحرص الناس على شراء الأضاحي استناداً إلى مواصفات معينة تختلف من منطقة إلى أخرى. وتعد خراف منطقة السباسب ومحافظة سيدي بوزيد الأشهر، إذ إنها تعيش على الرعي الطبيعي ولحمها لذيذ وقليل الدهون. ويتناقل التونسيون عادات الأضحى جيلاً بعد جيل. وتشكّل ذاكرة المُجتمع التونسي الذي تعاقبت عليه حضارات مُتنوّعة موروثاً ثقافياً مهماً. ويعدّ ساكنو المحافظات الداخلية والأحياء الشعبية والطبقات المحدودة والمتوسطة الدخل أكثر حرصاً على الحفاظ على العادات والتمسك بشراء الأضاحي حتى وإن اضطرهم الأمر إلى الاستدانة.  
في المقابل، تراجع إقبال قاطني الأحياء الراقية على الأضاحي في ظل ضيق المساحات للذبح. وتبدع العائلات بالاحتفاء بالأضاحي التي يتم تخضيبها بالحناء فضلاً عن تزيين قرونها بالأشرطة الملونة. ويتبارى الأطفال من خلال إظهار قوة الأضحية وجمالها. وفي بعض الأحياء المزدحمة، تكون الزينة جزءاً من الهوية التي تُمنح للخروف حتى يسهل تمييزه بين خراف الحي. وتعد فرحة العيد ناقصة إذا لم يسمح للأطفال باصطحاب الأضاحي للنّزهة، وأحياناً لحلبات المصارعة. 

المساهمون