أسوأ أسبوع لمؤشر "داو جونز" الصناعي منذ الأزمة

أسوأ أسبوع لمؤشر "داو جونز" الصناعي منذ الأزمة

09 فبراير 2018
بورصة نيويورك دقائق قبل الإغلاق (سبنسر بلات/ Getty)
+ الخط -
خسر مؤشر داو جونز الصناعي 1033 نقطة، أي 4.2% من قيمته، ليغلق تعاملات يوم الخميس على مستوى 23860.46، في ثاني أكبر خسارة نقاط في تاريخ احتسابه الممتد 122 عاماً. 


وكانت أكبر خسارة نقاط على الإطلاق قد حققت يوم الإثنين الماضي، ليكون المؤشر الأهم في وول ستريت في طريقه لتحقيق أسوأ أسبوع له منذ الأزمة المالية في عام 2008.

وخسر مؤشر ستاندرد أند بورز 500 لأكبر 500 شركة أميركية حوالى 100 نقطة، أو 3.75% من قيمته، ليضاعف خسائره للأسبوع الجاري، ويمسح مرة أخرى كل المكاسب التي حققها منذ بداية العام الحالي 2018.

ولم يخرج مؤشر ناسداك، الذي تغلب عليه أسهم التكنولوجيا، عن سرب المؤشرات الخاسرة، حيث فقد حوالى 275 نقطة، أو 3.90% من قيمته، في واحد من أسوأ الأيام على أهم مؤشرات الأسهم الأميركية.

تجدر الإشارة إلى أن إغلاق تعاملات يوم الخميس كان عند أقل نقطة للمؤشرات الثلاثة، وهو ما أعطى المستثمرين انطباعاً باستكمال مسلسل الهبوط في بداية تعاملات يوم الجمعة.

وفي تعاملات الخميس، ظهرت علامات عدم ثقة المستثمرين في الأسواق بصورة واضحة منذ بداية الجلسة، حيث افتتحت الجلسة على هبوط، استمر حتى نهايتها، وبدا أن المستثمرين يحاولون التخلص مما لديهم من أسهم في أسرع وقت ممكن، ولم ترتفع المؤشرات الثلاثة طوال اليوم ولا مرة فوق مستويات إغلاقها في اليوم السابق.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة بي إن سي إنفستمينتس لإدارة الاستثمار، ريتش غوريني: "هذه ليست نهاية العالم، ولكنها غير مريحة".

وما زالت التكهنات المتزايدة باضطرار بنك الاحتياط الفدرالي لتسريع وتيرة رفع أسعار الفائدة خلال العام الجاري 2018، أو زيادتها، هي التي تسيطر على الأسواق.

وأضافت بيانات العمل والأجور التي صدرت يوم الجمعة الماضي تأكيداً جديداً على ارتفاع معدلات التضخم في الولايات المتحدة في الفترة القادمة، كما تضاعفت الإثارة مع دخول رئيس جديد للبنك يوم الإثنين الماضي، لا يعرف أحد مدى قوة وسرعة رد فعله، باستخدام معدلات الفائدة، مع مستويات التضخم والبطالة المستقبلية.

وارتفع العائد على سندات الخزانة لمدة 10 سنوات لأعلى مستوى له في 4 سنوات، ليصل إلى 2.88%، وهو ما اعتبره المستثمرون مؤشراً إضافياً على زيادة المخاوف من ارتفاع التضخم.

وتساءل كبير استراتيجيي السوق في "أل بي أل فايننشال"، ثاني أكبر متعامل وسيط في السوق الأميركية، ريان ديتريك: "لقد أثر سوق السندات بالتأكيد على سوق الأسهم، فهل يخبرنا سوق السندات شيئا لا نعرفه؟ هل هناك المزيد من التضخم أكثر مما نتوقعه؟".

ومرة أخرة لم يعلق الرئيس الأميركي دونالد ترامب على خسائر الأسهم، وحاول صرف الانتباه بقصر تغريداته على موقع التواصل الاجتماعي تويتر على كلمات ذات نكهة دينية، بعد أن حضر إفطار الصلاة الوطني صباح الخميس.

وانشغل نائبه مايك بنس بمباحثاته مع رئيس كوريا الجنوبية، التي يحضر فيها دورة الألعاب الشتوية، والتي افتتحت منافساتها صباح الجمعة في مدينة بيونغتشانغ، بينما اكتفى البيت الأبيض قبل يومين بالإعراب عن قلقه، على لسان أحد متحدثيه الرسميين، "من أي خسائر تحدث في سوق الأسهم"، مؤكداً ثقة البيت الأبيض والرئيس في الاقتصاد الأميركي.

وشهدت أسواق الأسهم ارتفاعات كبيرة منذ انتهاء الأزمة العالمية، ساعد عليها انخفاض معدلات الفائدة على السندات لسنوات، إضافة إلى عمليات التخفيض الكمي التي قام بها مجلس الاحتياطي الفدرالي، كما بنوك مركزية أوروبية، طوال السنوات الماضية، لكن يبدو أن تلك الأيام قد تنتهي قريباً.

ويعتقد المستثمرون أن عائدات سندات الخزانة سترتفع إلى مستويات تجعل الأسهم أقل جاذبية، وتجبر مجلس الفدرالي على مكافحة التضخم من خلال رفع أسعار الفائدة بقوة.

وشهدت الأسواق الأميركية، كما الاقتصاد، انتعاشات كبيرة في فترات سابقة، واعتاد مجلس الاحتياطي الفدرالي استخدام أدوات السياسة النقدية، وعلى رأسها معدلات الفائدة، للتهدئة، وكانت آخر مرة حدث فيها ذلك هي الفترة بين بداية عام 2004 وحتى نهاية 2006، حين رفع المصرف المركزي معدلات الفائدة من مستوياتها القريبة من الصفر، وحتى مستوى 5.5%، لتحقيق ما أُطلق عليه وقتها "الهبوط الناعم" (Soft landing) للاقتصاد.

ويوم الخميس، قال رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي في نيويورك، بيل دادلي، إنه "إذا كان الاقتصاد سيستمر في الانتعاش، فقد يجد البنك الفدرالي ما يبرر رفعه أسعار الفائدة 4 مرات هذا العام".

ويقول المحللون إن أسواق العقود المستقبلية، كما السندات طويلة الأجل، تشير إلى أن وول ستريت تتوقع رفع معدلات الفائدة 3 مراتٍ فقط خلال العام الجاري.

وابتهج المستثمرون بإصلاحات ترامب الضريبية، لكنهم فوجئوا بالزيادات الكبيرة التي طلبها الجمهوريون في الإنفاق الحكومي، وخاصة الإنفاق العسكري، وهو ما وافق عليه بالفعل مجلس الشيوخ الأربعاء الماضي، ووافق عليه مجلس النواب لتجنب إغلاق الحكومة.

واعتبر محللون أن زيادة الإنفاق الحكومي في فترات انتعاش الاقتصاد هي بمثابة سكب للوقود على النار، وأنها حتماً ستؤدي إلى ظهور موجات تضخمية.

واعتادت الأسواق العربية والخليجية أن تتبع السوق الأميركية، خاصةً في حالات الانخفاضات الكبيرة، وهو ما حدث بالفعل خلال تعاملات الأسبوع الجاري، لكن من حسن الحظ أنها مغلقة يوم الجمعة، بما يسمح بفرصة لتحسن الأسواق الأميركية قبل أن تبدأ الأسواق العربية تعاملات الأسبوع المقبل.

المساهمون