أرامكو... "جوهرة التاج السعودي" والطريق إلى الاكتتاب

أرامكو... "جوهرة التاج السعودي" والطريق إلى الاكتتاب

10 نوفمبر 2019
+ الخط -
أصبحت السعودية ذات وزن عالمي على الخريطة العربية، والفضل كله يعود إلى شركة أرامكو للنفط والغاز الطبيعي، التي شكلت الفرق ومثلت النقطة الفاصلة في تاريخ المملكة، وكانت السبب الرئيسي في الجنة الاقتصادية السعودية، إن صحّ التعبير.

ما هي أرامكو؟
تعتبر شركة أرامكو السعودية "المستودع" الأضخم والأكبر للنفط والغاز الطبيعي في العالم، حيث إنها تستحوذ على ثاني أكبر احتياطي عالمي للنفط، فضلاً عن أنها توظف نحو 70 ألف شخص حول العالم، وتمثّل عائدات هذه المؤسسة الميزانية المالية لكل من اليابان وألمانيا مجتمعتين. وبالرغم من أن هذه المنشأة تشكل جزءاً هاماً من الميزانية السعودية، من خلال ما توفره من عائدات نفطية، فإن المملكة قررت طرح جزء من أسهم أرامكو للاكتتاب العام، وفي هذا السياق، يحق لأي سائل أن يسأل: لمَ هذا الإجراء، وكيف لمملكة ذات سلطة ونفوذ أن تتخلى عن جوهرة ثمينة ترصّع تاجها؟


لماذا قرار الطرح؟
لم تكن خطوة الطرح خطوة مفاجئة أو غائبة عن الإعلام العالمي أو السعودي، فقد كانت خطوة مرسومة في خطة 2030، التي صممها وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان في 2015 والتي تضع خطوطاً جديدة للاقتصاد السعودي، وخصوصاً مع تصاعد نسق التوترات التي تعيشها المنطقة والتطورات الحاصلة.

ولو نظرنا إلى أسباب الاكتتاب منذ أن اقتُرح، حتى من قبل قرار التأجيل، الذي دام لعامين، لوجدنا أنها مختلفة ومتعددة. فمنها ما هو سياسي بالأساس، كالحرب في اليمن، التي ساهمت في تضرر بعض المنشآت البترولية التابعة لأرامكو، والتي أدت إلى توقف الإنتاج وتدهوره بعد الغارات التي شنتها قوات الحوثي على تخوم المملكة، حيث تقع المنشآت البترولية، وهو السبب ذاته الذي دفع ولي العهد إلى اتخاذ إجراء الاكتتاب بعد الهجومين الأخيرين.

ليس ذلك فحسب، بل إن الاضطرابات السياسية داخل المملكة، وخارجها، بداية من جريمة قتل "خاشقجي"، فضلاً عن قضايا حقوق الإنسان، وحصار قطر، وتسارع حالة التوتر بين السعودية وإيران، كلها أسباب ودواعٍ أثرت سلباً بصورة المملكة، ما انعكس على أسعار النفط، وأدى إلى انخفاضها.

اقتصادياً، يمكن القول إن الأسباب تتعدد، ويمكن اختصارها في سعي المملكة منذ 2015 إلى إيجاد منافذ وموارد اقتصادية متنوعة بعيدة عن المجال النفطي، اقتداءً بالإمارات وقطر وغيرهما من دول الخليج، التي اشتغلت على سبل وخطط اقتصادية أخرى، خصوصاً بعد استشراف بعض الخبراء النفطيين الأجانب التابعين لمؤسسة بريتش بتروليوم، أن مستقبل النفط السعودي ماضٍ في طريق النفاد.

ولما طُرحَت أسهم الشركة على مستوى عالمي، رفض العديد من المستثمرين الأجانب شراء هذه الأسهم، وخصوصاً بعد أن علموا بأمر الغموض الذي يلفّ الشركة حول مداخيلها ومصاريفها وغيرها من الحسابات المالية الأخرى، ما أفقد أرامكو شفافيتها ومصداقيتها، فدفع السلطات المختصة إلى تأجيل أمر الشركة إلى هذا الحين الذي أُعلن فيه طرح الأسهم على المستوى المحلي.

المملكة تحاول التخلي عن برقعها
من المعروف أن أرامكو كانت ولا تزال ملكاً لعائلة آل سعود، وهم الطرف الوحيد المسؤول عن الشركة، والعالم بكل "شاردة وواردة" فيها. لكن قرار التخلي عن جزء من الأسهم، إن دل على شيء، فهو يدل على سوء تقدير للمسألة الاقتصادية عموماً، ولملف هذه المؤسسة التي يلفها الغموض.

وهو الأمر الذي يدفعنا إلى التساؤل عن مستقبلها ومصيرها، وكيف للمملكة أن تخلع برقع أرامكو، وهي التي عاشت منها لعقود طويلة؟