آفاق كئيبة للسياحة في تونس عقب هجوم "سوسة"

آفاق كئيبة للسياحة في تونس عقب هجوم "سوسة"

01 يوليو 2015
شواطئ مدينة سوسة خالية من السائحين عقب الهجوم (أرشيف/Getty)
+ الخط -

عجمي بوبكر صاحب متجر تونسي لا يحتاج إلى من يذكّره أنه يمر بأسوأ خطر حتى الآن في حياته المهنية التي تمتد 40 عاماً في مجال السياحة، ففي سيارته الخضراء من طراز مرسيدس بنز ثقبٌ من رصاصة يذكّره بهذا كل يوم.

ويوم الجمعة الماضي حينما هاجم مسلح فندق "إمبريال مرحبا" في مدينة سوسة، سارع بوبكر إلى إدخال عشرات من السائحين إلى متجره حتى انتهى إطلاق النيران الذي لقي فيه 39 سائحاً أجنبياً حتفهم.

والآن يتساءل بوبكر، وهو ينظر إلى سيارته وثقوب الرصاص في الجدران القريبة: "هل انتهت أيضاً صناعة السياحة في بلاده؟".

وقد غادر الآلاف هذا البلد الواقع في شمال أفريقيا منذ الجمعة الماضية، وتشير تقديرات الحكومة إلى أن القطاع سيخسر 500 مليون دولار هذا العام أو ربع إجمالي عائدات العام الماضي.

وقال بوبكر خارج متجره الذي امتلأ بالأعلام وقمصان تي شيرت ومنتجات الحرف اليدوية "إذا لم يعد السياح فإنها النهاية".

وأضاف: "ليست لي فحسب ولكن لمليوني تونسي يعيشون على هذا النشاط والفنادق وسيارات الأجرة والمتاجر والمطاعم".

وأصاب هجوم سوسة، قلب المنتجعات الساحلية لتونس على البحر المتوسط المحببة للأوروبيين الذين يؤلفون نسبة من الستة ملايين سائح الذين يزورون كل عام أماكن مثل سوسة والحمامات وجزيرة جربة.

واستهدف المسلح سيف رزقي السائحين وتجنب التونسيين عندما أطلق الرصاص وهو يشق طريقه في الفندق مخلفاً جثثاً على الشاطئ قبل أن تقتله الشرطة، وكان معظم الضحايا بريطانيين وما زالت السلطات تتحرى عن صلاته بالتطرف.

وكان هذا ثاني هجوم على السياحة التونسية هذا العام بعد المذبحة التي وقعت في مارس/آذار الماضي في متحف باردو في العاصمة تونس، وفتح فيها مسلحان النار على السياح لدى وصولهم في حافلة. وكان بين القتلى الواحد والعشرين إسبان وإيطاليون ويابانيون.

الاستراتيجية

يبدو أن استهداف السياحة في تونس استراتيجية متعمدة، فالبلاد بدأت لتوها السير في طريق الديمقراطية الكاملة بعد ثورة عام 2011 التي أطاحت بنظام زين العابدين بن علي، الذي استأثر بالسلطة وأصبحت الآن في مفترق طرق حيوي مع سعي الحكومة لإنعاش الاقتصاد وخلق فرص العمل والتوظيف التي يحتاج إليها الشباب التونسي.

وتساهم السياحة بنسبة 7% من إجمالي الناتج المحلي وهي مصدر رئيسي لاحتياطات النقد الأجنبي وأكبر مصادر التوظيف خارج قطاع الزراعة، وعلى النقيض من جارتيها الغنيتين الجزائر وليبيا، لا تتمتع تونس بموارد طبيعية مثل النفط.

اقرأ أيضاً: هجوم "سوسة" يتسبب بإلغاء آلاف الحجوزات الأوروبية إلى تونس

وتشتهر تونس بمياهها الصافية على البحر المتوسط ومرافق بنيتها التحتية الرائعة للسياحة، وكانت حتى الآن من المقاصد المحببة للأوروبيين، وتقول مؤسسة يورومونيتور إنترناشيونال إنها اجتذبت 760 ألف رحلة قام بها مصطافون فرنسيون و425 ألف رحلة للألمان و400 ألف رحلة لبريطانيين في عام 2014.

وبحلول يوم الإثنين الماضي، كانت قد تمت إعادة 8 آلاف بريطاني على الأقل إلى بلادهم وفقاً لما ذكرته المجموعتان السياحيتان توي وتوماس كوك، وقالت الحكومة البريطانية إن العدد النهائي للوفيات بين مواطنيها من المرجح أن يبلغ نحو 30 شخصاً.

وكان قطاع السياحة قد بدأ لتوه التعافي بعد هجوم متحف باردو الذي هبطت بعده عمليات حجز السائحين الفرنسيين بنسبة 40%.

وقالت يورومونيتور إن عدد السائحين الوافدين إلى تونس ارتفع 4% من عام 2013 إلى عام 2014، لكن الهجوم أفسد ذلك التعافي.

ونقلت وكالة"رويترز" عن ناديجا بوبوفا محلل شؤون السفر في يورومونيتور: "هذا النمو يعتمد اعتماداً كبيراً على السلامة والاستقرار في تونس".

وعرضت شركات سياحة بريطانية مثل توماس كوك ومونارك وجيت2 على زبائنها الذين تعاقدوا للذهاب إلى تونس في الأسابيع القليلة الماضية خياراً مجانياً بين إلغاء عطلاتهم وتعديلها، غير أن الهجوم كان له فيما يبدو أثر أطول أمداً بكثير.

وشبّه متحدث باسم مجموعة السفريات البريطانية إيه.بي.تي.إيه الهجوم بحادث قتل 62 شخصاً معظمهم سياح بالقرب من الأقصر في مصر عام 1997، فبعد ذلك الهجوم لم تعد عمليات الحجز السياحية إلى سابق عهدها لمدة أربع سنوات أو خمس.

وقال جان بيير ماس رئيس وكالة السفر الفرنسية (سناف) إن نحو 100 ألف سائح فرنسي كانوا قد حجزوا للسفر إلى تونس في يوليو/تموز وإنه في هذه المرحلة قرر 75 في المائة منهم إلغاء رحلاتهم.

إجراءات جذرية

وسارع وزراء زائرون من بريطانيا وألمانيا وفرنسا في سوسة، الإثنين الماضي، إلى التعبير عن تضامنهم مع تونس وعرضوا التعاون في أمن الحدود والمطارات، لكن هذا لم يكن كافياً لشركات السياحة الأخرى التي تتخذ بالفعل إجراءات جذرية.

وألغت فينج السويدية، وهي جزء من مجموعة توماس كوك البريطانية، كل الرحلات إلى تونس حتى 20 من أكتوبر/تشرين الأول.

وألغت ديتور الشركة السويدية التي لها أكبر عدد من الركاب في تونس وهي جزء من ديتور انترناشيونال الهولندية كل رحلات المغادرة إلى تونس خلال شهر يوليو/تموز الجاري.

وقالت ديتور في بيان: "نأمل أن يكون باستطاعتنا استئناف السفر في الخريف لكن سيتخذ قرار في هذا الشأن في وقت لاحق".

وفي سوسة حيث تساهم السياحة بتوفير 20 ألف فرصة عمل انخفض عدد السياح على الشواطئ انخفاضاً ملحوظاً، لكن السكان المحليين الذين يعملون في منشآت الأعمال يتصرفون بثقة وتفاؤل وكأنه لا توجد مشكلة.

ويقوم رجال مسلحون من شرطة السياحة بدوريات قرب فنادق منتجعات المدينة، لكن البعض قالوا إن هذه الإجراءات غير كافية وجاءت متأخرة.

وقال السائح الفرنسي يان وهو يغادر: "إذا كانت السياحة في تونس قد تأثرت فليس هذا ذنبنا".

 

اقرأ أيضاً:
شظايا الإرهاب تُصيب السياحة التونسية بخسائر فادحة
هجوم سوسة يعمق جراح السياحة التونسية

دلالات

المساهمون